تونس العاصمة، 8 مايو/أيار 2024 — قال البنك الدولي اليوم، إن تعافي الاقتصاد التونسي تأثر في عام 2023 بالجفاف الشديد، وظروف التمويل الضيقة والوتيرة المحدودة للإصلاحات، مما جعل معدل النمو في البلاد دون مستويات ما قبل جائحة كورونا، وجعلها واحدة من أبطأ معدلات التعافي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ويتوقع التقرير المعنون "الطاقة المتجددة للاقتصاد" تحقيق معدلات نمو تبلغ 2.4٪ في 2024، و2.3٪ في 2025-2026، بافتراض تخفيف ظروف الجفاف، وتحقيق بعض التقدم في إصلاحات المالية العامة، والإصلاحات المشجعة للمنافسة. ويشدد التقرير على أن تونس شهدت تحسنا على مستوى الميزان الخارجي، وتراجعا في العجز التجاري بفضل الأسعار العالمية المواتية، واحتياجات لا تزال كبيرة من التمويل الخارجي. ويؤكد التقرير على الحاجة الملحة إلى معالجة العوامل المحركة وراء تحديات التمويل الخارجي، بما في ذلك العجز في الطاقة، وخدمة الديون، ومستوى الاستثمارات الخارجيّة.
وعلى الرغم من المكاسب التي تحققت في قطاعي السياحة والتصدير، فقد تأثّر الاقتصاد التونسي من الخسائر المرتبطة بالجفاف، التي أدت إلى انخفاض الإنتاج الفلاحي بنسبة 11٪. هذه الوضعيّة تؤكد الحاجة الملحة لاتخاذ اجراءات للتكيف مع تغير المناخ. وقد تفاقم تأثير الجفاف بسبب محدودية الطلب المحلي، مما أثر على النمو في قطاعي البناء والتجارة. وأدى ذلك إلى ارتفاع معدل البطالة الذي بلغ 16.4٪ في الربع الأخير من عام 2023، وانخفاض المشاركة في القوى العاملة.
ويتناول التقرير بتعمق تفاصيل التحديات والفرص الاقتصادية الحالية في البلاد. وعلى الرغم من محدوديّة الطلب، لا يزال معدل التضخم في مستوى 7.8٪، مع تضخم أسعار المواد الغذائية بنسبة 10.2٪. ويمكن ارجاع معظم هذا التضخم الأخير إلى ارتفاع الأرباح وأسعار الواردات، مما يؤكد التأثير الكبير لسياسات المنافسة والتجارة على الضغوط التضخمية. من ناحية أخرى، انخفض العجز التجاري من 17.5٪ من إجمالي الناتج المحلي في عام 2022، إلى 10.8٪ في عام 2023، مع انخفاض عجز الحساب الجاري أيضا من 8.6٪، إلى 2.6٪ من إجمالي الناتج المحلي خلال الفترة نفسها.
وفي مواجهة تشديد شروط التمويل الخارجي، اعتمدت تونس بشكل متزايد على البنوك المحلية - وفي الآونة الأخيرة على البنك المركزي - لتمويل ميزانيتها. وقد أدى هذا التحول إلى زيادة مواطن الضعف في النظام المالي، وأدى إلى تأثير المزاحمة، حيث تخصص البنوك حصة متزايدة من إقراض الحكومة على حساب القطاع الخاص.
وقال ألكسندر أروبيو، مدير مكتب البنك الدولي في تونس " على الرغم من التحديات الحاليّة، فهناك فرص كبيرة أمام تونس لإحداث تحول وتقوية اقتصادها. كما إنه من خلال الاستثمارات الاستراتيجية، لاسيما في مجال الطاقة المتجددة، يمكن لتونس أن تعزز بشكل كبير قدرتها على الصمود والاستدامة الاقتصادية. نحن ملتزمون بمساعدة تونس على الاستفادة من مواردها الغنية من الطاقة المتجددة، وتقريرنا يحدد مسارات واضحة للنمو والاستقرار. ان تنمية هذه الموارد أمر ضروري للحد من الاعتماد على الواردات والتكاليف المالية، مع تعزيز الأمن الطاقي تحقيق مستقبل اقتصادي مستدام".
وينصبّ التركيز الرئيسي للتقرير على خطط تونس الطموحة للطاقة المتجددة، التي يمكن أن توفر حلاً لتحدياتها الاقتصادية والبيئية. وتهدف الدولة إلى زيادة حصة الطاقة المتجددة في مزيج الكهرباء لديها، من 3٪ حاليا إلى 35٪ بحلول عام 2030. وفي الوقت الحالي، تم إطلاق 2200 ميجاوات من مشروعات التوليد الخاصة، والتي من المتوقع أن ترفع حصة الطاقة المتجددة إلى 17٪ بحلول عام 2025. ويسلط التقرير الضوء على الفوائد الاقتصادية الكبيرة لتعميق هذا التحول من خلال أجندة طموحة للحد من الانبعاثات الكربونية. ويقدر إجمالي الاستثمارات المطلوبة بنحو 4.5 مليار دولار بحلول عام 2030، يمكن أن تأتي بشكل رئيسي من القطاع الخاص في حالة توافر التشريعات الملائمة. وأحد المشروعات الرئيسية في هذه الأجندة هو الربط الكهربائي بين تونس وإيطاليا الذي يهدف إلى تحسين قدرة منظومة الكهرباء على الصمود، وربما تحويل تونس إلى مصدر صاف للكهرباء، مما يقلل من الاعتماد على واردات الغاز الطبيعي، ويحسن ميزان دفوعاتها.