الرياض، 29 مايو/أيار 2024 – وفقاً لتقرير البنك الدولي (عدد ربيع 2024) عن أحدث المستجدات الاقتصادية لمنطقة الخليج، من المتوقع أن ينتعش النمو الاقتصادي في دول مجلس التعاون الخليجي ليصل إلى 2.8% و4.7% في عامي 2024 و2025 على التوالي .
وتبعث الآفاق الإقليمية على التفاؤل ومن المتوقع أن يحدث انتعاش، والسبب في ذلك ليس التعافي المتوقع في إنتاج النفط فحسب، لا سيما وأن منظمة أوبك+ تقوم حالياً بتحرير حصص الإنتاج تدريجياً في النصف الثاني من عام 2024، ولكن أيضاً الزخم القوي للاقتصاد غير النفطي، الذي من المتوقع أن يواصل التوسع بوتيرة قوية على المدى المتوسط. وفي هذا الشأن نجد أن التزام دول مجلس التعاون الخليجي بتنويع اقتصاداتها يسلط الضوء على نهجها الإستراتيجي لتعزيز القدرة على الصمود وتحقيق التنمية المستدامة خلال فترة تموج بالتقلبات الاقتصادية على مستوى العالم.
وعلى الرغم من الجهود الرامية إلى تنويع النشاط الاقتصادي، ستظل عائدات الهيدروكربونات بالغة الأهمية في تشكيل أرصدة المالية العامة وأرصدة حسابات المعاملات الخارجية للمنطقة على المدى المتوسط. ونتيجة لذلك، سيستمر فائض المالية العامة لدول مجلس التعاون الخليجي في التراجع في عام 2024 ليصل إلى 0.1% من إجمالي الناتج المحلي، وفي الوقت نفسه من المتوقع أن يصل فائض الحساب الجاري إلى 7.5% من إجمالي الناتج المحلي (مقارنة بنسبة 8.4% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2022).
وحتى يتسنى لدول مجلس التعاون الخليجي الاستفادة من الزخم الحالي لتنويع اقتصاداتها وتحقيق إمكاناتها الكاملة، يبرز التقرير أهمية جودة التعليم في تعزيز النمو الاقتصادي طويل الأجل في دول المجلس. ويعرض القسم الخاص في التقرير بعنوان: إطلاق الطاقات الكامنة لتحقيق الرخاء: إحداث تحول في التعليم لتحقيق إنجازات اقتصادية كبرى في دول مجلس التعاون الخليجي" لمحة عامة عن نواتج التعلم، ويحلل التقدم المحرز في تعلم الطلاب مع الوقت، ويقيم أداء الطلاب في دول المجلس مقارنة بالبلدان ذات مستويات الدخل المماثلة.
وفي كلمة لها، أشارت صفاء الطيب الكوقلي، المديرة الإقليمية لدائرة دول مجلس التعاون الخليجي بالبنك الدولي، إلى أن "التعليم الجيد يُعد الشبابَ للحصول على فرص عمل أفضل وأجور أعلى، وهذا يزيد من إمكانية تحفيز النمو الاقتصادي. وعلى مدى العقد الماضي، شهدت دول المجلس تحسناً كبيراً في نواتج التعلم، لكن لا يزال هناك مجال أمام هذه الدول لمواصلة تحسين نواتج التعلم لأنها أدنى عن المعايير الدولية."
وانعدام جودة التعليم سبب رئيسي في الحد من تنمية رأس المال البشري في المنطقة، وتقييد قدرة دول المجلس على المنافسة على المستوى العالمي مع أفضل البلدان أداءً. وفي المتوسط، من المتوقع أن يحصل الأطفال في دول المجلس على 12.7 سنة من التعليم بحلول سن 18 عاما. لكن عند النظر في التعلم الفعلي في المدارس، تنخفض سنوات الدراسة المتوقعة إلى 8.6 سنوات، مما يشير إلى أن دول المجلس تفقد في المتوسط 4.1 سنوات من التعلم بسبب تدني جودة التعليم. وعلاوة على ذلك، ووفقا لمؤشر البنك الدولي لرأس المال البشري، من المتوقع ألا يحقق الطفل المولود اليوم في دول المجلس سوى 62% من كامل إنتاجيته المحتملة، ويرجع ذلك أساساً إلى تدني جودة التعليم.
وللاستفادة من جميع إمكانات رأس المال البشري، يوصي التقرير أن تقوم دول المجلس بالاستثمار في الإستراتيجيات الأكثر فعالية لتحسين جودة التعلم والتعليم، لا سيما بناء المهارات الأساسية بدءاً من مرحلة الطفولة المبكرة، وتحسين ممارسات التدريس، والاستفادة من تقييمات التعلم للاسترشاد بها في اتخاذ القرارات بشأن سياسات التعليم. ويشدد التقرير على ضرورة أن تقوم دول المجلس ببناء مهارات أساسية قوية في سن مبكرة لأنها حجر الزاوية الذي يقوم عليه التعلم والمهارات في المستقبل. كما يؤدي المعلمون، ممن لهم تأثير واضح وإيجابي، دوراً محورياً في تعزيز نواتج التعلم على جميع المستويات، وبالتالي فإن تزويدهم بالمعارف والمعلومات المناسبة وآليات الدعم غاية في الأهمية.
آفاق دول مجلس التعاون الخليجي
البحرين: تعتمد الآفاق الاقتصادية للبحرين على التوجهات المستقبلية لسوق النفط وتسريع وتيرة تنفيذ الإصلاحات الهيكلية. وتشير التقديرات إلى ارتفاع معدل النمو إلى 3.5% في عام 2024 مع ارتفاع إنتاج النفط، وفي الوقت نفسه سيظل القطاع غير النفطي قاطرة النمو الرئيسية. ومن المتوقع أن يشهد قطاع الهيدروكربونات توسعاً بنسبة 1.3% في عام 2024، وهذه النسبة أقل كثيراً من معدل التوسع في القطاعات غير الهيدروكربونية البالغ 4% والمدعوم بالتعافي في قطاعي السياحة والخدمات، بالإضافة إلى استمرار مشروعات البنية التحتية.
الكويت: من المتوقع أن يتعافى النمو الاقتصادي ليصل إلى 2.8% في عام 2024، مدعوماً بسياسات توسعية على مستوى المالية العامة، وارتفاع إنتاج النفط، وزيادة الإنتاج من مصفاة الزور. كما من المتوقع أن ينمو إنتاج النفط بنسبة 3.6%. ومن المتوقع أيضاً أن ينمو القطاع غير النفطي بنسبة 2.1%، لكن أسعار الفائدة المرتفعة نسبياً قد تحد من الاستهلاك المحلي، مما يحول دون تحقيق الإمكانات الكاملة للنشاط الاقتصادي. وعلاوة على ذلك، قد تؤدي أجواء عدم اليقين السياسي المستمرة إلى تأخير تنفيذ مشروعات البنية التحتية الجديدة وإبطاء وتيرة مبادرات الإصلاح.
عُمَان: لا تزال الآفاق الاقتصادية لعمان إيجابية، حيث من المتوقع أن يصل النمو الحقيقي إلى 1.5% في عام 2024، مدفوعاً بزيادة إنتاج الغاز والجهود الرامية إلى تنويع النشاط الاقتصادي، لا سيما زيادة تحسين بيئة الأعمال، ودعم دور الشركات الصغيرة والمتوسطة في الاقتصاد، وتسريع وتيرة الاستثمارات في مشروعات الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر. ومن المتوقع أن تتسارع وتيرة النمو على المدى المتوسط مدعومة بتعافي الطلب العالمي، وزيادة الاستثمار في القطاعات غير الهيدروكربونية ومشروعات الطاقة المتجددة. كما من المتوقع أن يصل معدل التضخم إلى 2% على المدى المتوسط.
قطر: من المتوقع أن يرتفع نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي على نحو هامشي في عام 2024، لكنه سيظل عند مستوى متواضع بواقع 2.1%. وسيظل نمو القطاع غير النفطي قوياً عند 2.4%، مدفوعاً بنمو قطاع السياحة. ومن المتوقع أن يتباطأ نمو قطاع الهيدروكربونات ليصل إلى 1.6% في عام 2024، متأثراً بالقيود التي تحد من الاستفادة الكاملة من القدرات المتاحة، ورغم ذلك، من المتوقع حدوث دفعة كبيرة في الفترة من الربع الأخير لعام 2025 حتى 2027 ، مع بدء الإنتاج من مشروع توسيع حقل الشمال.
السعودية: في أعقاب الانكماش الذي شهده عام 2023، من المتوقع أن ينمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي بنسبة 2.5% في عام 2024، مدفوعاً في المقام الأول بقوة أنشطة القطاع الخاص غير النفطية، وتشير التنبؤات إلى تحقيق نمو بنسبة 4.8%. ومع انتهاء مدة التخفيضات الطوعية في إنتاج النفط في الربع الثاني من عام 2024، والزيادة التدريجية المتوقعة في الإنتاج خلال النصف الثاني من عام 2024، من المتوقع أن يسجل إجمالي الناتج المحلي النفطي الكلي انكماشاً بنسبة 0.8% في عام 2024. ومن المتوقع أن ينعكس مسار هذه الاتجاهات في عام 2025، ويرتفع إنتاج النفط بقوة مما يؤدي إلى نمو إجمالي الناتج المحلي الكلي بنسبة 5.9%.
الإمارات: من المتوقع أن تتسارع وتيرة نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي ليصل إلى 3.9% في عام 2024، مدفوعاً بإعلان أوبك+ عن زيادة كبيرة في إنتاج النفط في النصف الثاني من عام 2024 وتعافي النشاط الاقتصادي العالمي. ويُتوقع أن يبلغ معدل نمو إنتاج النفط 5.8% في عام 2024. وسيظل الناتج غير النفطي قوياً، كما سيستمر في دعم النمو الاقتصادي في عام 2024، حيث سيزيد بنسبة 3.2%، مدفوعاً بقوة أداء قطاعات السياحة والعقارات والإنشاءات والنقل والصناعات التحويلية.