جيبوتي، 30 سبتمبر/أيلول 2024 - حقق اقتصاد جيبوتي انتعاشاً ملحوظاً في عام 2023، متجاوزاً التوقعات حيث تشير التقديرات إلى نمو إجمالي الناتج المحلي بنسبة 6.7%. وقد استفادت جيبوتي من تعافي الطلب المتنامي في إثيوبيا على خدمات الموانئ والخدمات اللوجستية. بالإضافة إلى ذلك، ظل الطلب المحلي قوياً، مدعوماً بتعافي الاستثمارات الخاصة والتدابير الحكومية للتخفيف من آثار التضخم الناجم عن الغزو الروسي لأوكرانيا.
وكان لتعثر حركة الشحن في البحر الأحمر آثار متفاوتة على اقتصاد جيبوتي. ووفقا لأحدث إصدار من تقرير المرصد الاقتصادي لجيبوتي الصادر عن البنك الدولي بعنوان "تدعيم الاستدامة والإنصاف في المالية العامة" شهد نشاط إعادة الشحن في ميناء جيبوتي زيادة بنسبة 39% في حجم الحاويات التي تمت مناولتها في مارس/آذار 2024 مقارنة بنوفمبر/تشرين الثاني 2023 وهو ما يعني تعزيز هذا النشاط. غير أن الأزمة الدائرة التي تشهدها المنطقة أدت إلى زيادة كبيرة في تكاليف الشحن البحري، وقد انعكست هذه الزيادة على أسعار السلع الاستهلاكية في جيبوتي.
وفي مارس/آذار 2024، بلغ معدل التضخم 5%، وهو أعلى مستوى له منذ ديسمبر/كانون الأول 2022، ويرجع ذلك أساساً إلى زيادة بنسبة 6.1% في أسعار المواد الغذائية والمشروبات غير الكحولية، مما أثر على مناطق مختلفة في جيبوتي على نحو متباين. كما أثرت التوترات في البحر الأحمر على إيرادات الجمارك، التي انخفضت بنحو 910 ملايين فرنك جيبوتي (0.1% من إجمالي الناتج المحلي) في الربع الأول من عام 2024.
وتبدو الآفاق الاقتصادية متوسطة الأجل لجيبوتي مبشرة ولكن بشكل يتسم بالحذر، حيث من المتوقع أن يبلغ نمو إجمالي الناتج المحلي السنوي 5.1% بين عامي 2024 و2026. ومع ذلك، لا تزال هناك مخاطر مثل تدهور أوضاع المالية العامة والتوترات الإقليمية والصدمات المناخية. وتعد الإدارة الفعالة للديون وإصلاحات المالية العامة غاية في الأهمية لضمان استمرارية القدرة على تحمل أعباء الديون على المدى الطويل.
وبالإضافة إلى ذلك، لا يزال الدين الخارجي لجيبوتي تحدياً كبيراً، فقد ارتفعت مستويات الدين العام بسبب القروض بشروط غير ميسرة، حيث بلغت المتأخرات 6% من إجمالي الناتج المحلي في منتصف عام 2023. ويخلص التقرير إلى أنه لتعزيز القدرة على تحمل أعباء الديون على المدى الطويل، على جيبوتي تسوية المتأخرات الخارجية المستحقة بالكامل وإجراء إعادة هيكلة شاملة لديونها الخارجية المستحقة لجهات ثنائية.
وفي هذا الصدد صرح إلياس موسى دوالي وزير الاقتصاد والمالية المُكلَّف بالصناعة”ستركز خطة التنمية الجديدة لجيبوتي في المقام الأول على الجوانب الاقتصادية. إن تدعيم استدامة إصلاحات الاقتصاد الكلي والمالية العامة أمر ضروري لضمان النمو الشامل للجميع والرخاء على المدى الطويل لجيبوتي. ومن خلال تحسين سياسات المالية العامة وتعبئة الموارد المحلية، فإننا نعزز الخدمات العامة ونوفر الفرص لجميع المواطنين، لاسيما الفئات الأولى بالرعاية".
وتتحمل الموازنة ضغوطا مستمرة بسبب انخفاض الإيرادات الضريبية الناجم عن الإعفاءات الضريبية التي بلغت 19% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2022، فقد تراجعت الإيرادات الضريبية من 13% في 2019 إلى 11.4% من إجمالي الناتج المحلي. وفي عام 2023، تحققت زيادة بالقيمة الاسمية في الإيرادات، وارتفعت الإيرادات الضريبية بصورة طفيفة إلى 11.5% من إجمالي الناتج المحلي بفضل التعافي الاقتصادي، لكن تراجع الإيرادات الأخرى غير الضريبية جعل هذه الزيادة كأن لم تكن.
وفي معرض حديثها صرحت فاتو فال، الممثلة المقيمة لمؤسسات مجموعة البنك الدولي في جيبوتي: "يوضح التقرير ضرورة إجراء إصلاحات ضريبية حتى يتسنى إعادة التوزيع على نحو أكثر إنصافا وزيادة الإيرادات دون تفاقم الفقر، وفي الوقت نفسه، سيكون من المهم تعظيم الاستفادة من البرامج الاجتماعية مثل البرنامج الوطني للتضامن الأسري الذي يستهدف الفقراء دون غيرهم".
ويخصص التقرير فصلاً خاصاً لقطاع الطرق والإنفاق العام، مشدداً على الأهمية البالغة للبنية التحتية للطرق في جيبوتي لتحقيق الربط الاقتصادي وتعظيم الاستفادة من موقعها الإستراتيجي وموانئها.
البنك الدولي في جيبوتي
تتألف محفظة مشروعات البنك الدولي في جيبوتي من 19 مشروعا بقيمة إجمالية قدرها 401.3 مليون دولار. وتركز هذه المحفظة على التعليم والصحة وشبكات الأمان الاجتماعي والطاقة والتنمية الريفية والحضرية، وتحديث الإدارة العامة، والتنمية الرقمية، وتدعيم الحوكمة والبنية التحتية، وتنمية القطاع الخاص، مع التركيز على النساء والشباب.