بنوك التنمية متعددة الأطراف تدعو إلى تعزيز التعاون وتضافر الجهود وتبحث سبل الاستفادة من سوق التمويل المستدام بهدف جذب الاستثمارات وإنقاذ الأرواح
مراكش، 18 فبراير/شباط 2025 - يوجد نقص كبير في تمويل مشروعات سلامة الطرق، مما يعوق الجهود الرامية إلى خفض معدلات الوفيات والإصابات الناجمة عن حوادث الطرق إلى النصف بحلول عام 2030. ففي كل عام، تودي حوادث الطرق بحياة ما يقدر بنحو 1.19 مليون شخص، وتتسبب في إصابة أعداد لا تحصى بإعاقة دائمة، وتفرض تكاليف اقتصادية كبيرة.
وتتحمل البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل عبئاً كبيراً من جراء ذلك، حيث يبلغ معدل الوفيات فيها 92% من الوفيات العالمية، وذلك على الرغم من أن بها نحو 60% من المركبات في العالم و10% فقط من الطرق المعبدة بين المدن في العالم. وتبرز هذه الفجوة المثيرة للقلق الحاجة الملحة لاتخاذ إجراءات تستهدف التصدي لهذه الأزمة الصحية والاقتصادية العالمية.
وكانت هذه المشكلة محور تركيز اجتماع عُقد اليوم لمجموعة العمل المعنية بالسلامة على الطرق التابعة لبنوك التنمية المتعددة الأطراف[1] في مراكش بالمغرب في المؤتمر الوزاري العالمي الرابع المعني بالسلامة على الطرق. وأبرزت المناقشات الحاجة الملحة للاستثمارات واسعة النطاق في مشروعات سلامة الطرق لتحقيق آثار طويلة الأجل تؤدي إلى تحولات نوعية في هذا الشأن، لاسيما في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل.
وجدير بالذكر أن بنوك التنمية متعددة الأطراف دعت إلى تعزيز التعاون وتضافر الجهود بين الحكومات الوطنية والشركاء من القطاع الخاص ومجتمع المانحين الدوليين لسد فجوة التمويل والنهوض بمبادرات السلامة على الطرق في جميع أنحاء العالم. وتعتبر القروض لأغراض السياسات والمرتبطة بتحقيق نتائج محددة، إلى جانب سندات الاستدامة والقروض الأخرى، أدوات غاية في الأهمية لإطلاق التمويل الجديد وضمان أن تحقق سياسات ومشروعات السلامة على الطرق منافع ملموسة ويمكن قياسها لجميع مستخدمي الطرق. وتتسق هذه الآليات مع الجهود العالمية الرامية إلى تحقيق هدف الأمم المتحدة المتمثل في خفض وفيات حوادث الطرق إلى النصف بحلول عام 2030.
وبين عامي 2018 و2024، تضافرت جهود بنوك التنمية متعددة الأطراف مع الحكومات لتوفير أكثر من 6 مليارات دولار بهدف تمويل مشروعات السلامة على الطرق في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، مما أدى إلى انخفاض كبير في معدلات الوفيات والإصابات الناجمة عن حوادث الطرق. وعززت هذه الاستثمارات البنية التحتية للطرق، وقللت من مخاطر الاصطدامات، وعملت على تطبيق تقنيات مبتكرة لتحقيق السلامة.
وبحسب تقرير صدر مؤخراً عن عدد من المؤسسات العالمية بعنوان "تمويل السلامة على الطرق: تحفيز سوق التمويل المستدام لسد فجوة التمويل" فقد ثبُت بما لا يدع مجالاً للشك أن آليات التمويل التقليدية غير كافية لمواجهة التحديات الناجمة عن الأزمة العالمية للسلامة على الطرق. ويسلط هذا التقرير الضوء على الأدوات الجديدة والآخذة في التطور التي يمكن أن تؤدي إلى جذب رأس المال الخاص لتمويل المشروعات الأساسية لتحسين السلامة على الطرق.
جدير بالذكر أنه مع تزايد الطلب على الطرق والاستثمارات في النقل الحضري، تشير تقديرات بنوك التنمية متعددة الأطراف إلى أن التمويل المقدم منها لمشروعات السلامة على الطرق قد يصل إلى 10 مليارات دولار خلال العقد المقبل. ويتطلب تدعيم السلامة على الطرق التزاماً مشتركاً، حيث تؤدي الحكومات الوطنية دوراً محوريا في تحديد أولويات الاستثمارات في قطاعات النقل، وإنفاذ القانون، والصحة. ومن شأن التمويل المستدام أن يدعم الجهود المحلية ويكملها، مما يضمن أن تظل السلامة على الطرق أولوية إستراتيجية في تخطيط البنية التحتية الوطنية.
وفي هذا السياق أبرز نائب رئيس البنك الدولي لشؤون البنية التحتية، غوانغز تشين، دور الصندوق العالمي للسلامة على الطرق التابع للبنك الدولي في العمل على زيادة استثمارات البنك الدولي في مشروعات السلامة على الطرق. وفي الفترة من 2018 إلى 2023، ساعدت المشروعات التي يدعمها الصندوق 65 مليون شخص على استخدام طرق أكثر أماناً، مما أدى إلى إنقاذ آلاف الأرواح.
وفي معرض حديثه، يقول تشين، "إن الاستثمار في السلامة على الطرق يمثل أولوية قصوى بالنسبة لنا"، مشدداً على ضرورة اتخاذ إجراءات تدخلية مثل إعادة تأهيل الطرق ورفع كفاءتها، وإقامة الحواجز لمنع الاصطدامات، وتطبيق معايير سلامة المركبات، وتحسين إنفاذ القوانين، والاستجابة السريعة لحالات الطوارئ، وأردف قائلاً: "على الرغم من التقدم المحرز في هذا الشأن، لا تزال حوادث الطرق تمثل أزمة كبرى للصحة العامة، وبالتالي من الضروري زيادة التمويل لإنقاذ المزيد من الأرواح، وأحد السبل التي يمكن من خلالها تلبية هذه الحاجة الملحة والمتنامية إلى التمويل هو زيادة الاستثمارات في مشروعات السلامة على الطرق، بما في ذلك من خلال سندات الاستدامة، وأدوات التمويل المختلط والآليات الأخرى لجذب رأس المال الخاص".
[1] أعضاء مجموعة العمل المعنية بالسلامة على الطرق التابعة لبنوك التنمية متعددة الأطراف: مجموعة البنك الأفريقي للتنمية، والبنك الآسيوي للتنمية، والبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، وبنك التنمية لأمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي، والبنك الأوروبي للإنشاء والتعمير، وبنك الاستثمار الأوروبي، وبنك التنمية للبلدان الأمريكية، والبنك الإسلامي للتنمية، وبنك التنمية الجديد، ومجموعة البنك الدولي.