السيد ميلز: حسنا. شكرا لكم على حضوركم.
سيلقي الرئيس زوليك، بعض الملاحظات الافتتاحية إيذاناً ببدء فعاليات اجتماعات الربيع لهذا العام، ثم يسعدُنا بعد ذلك الإجابة على أسئلتكم. ونود منكم التكرم عند طرح أية أسئلة أن تعرفوا أنفسكم ومؤسستكم الإخبارية، كما يرجى التفضل بإغلاق جميع الهواتف المحمولة وأجهزة الاستدعاء.
ودون الدخول في مقدمات، ليتفضل الرئيس زوليك.
الرئيس زوليك: شكراً لك، ريتش، وأشكركم جميعاً على الحضور.
قد نكونُ ماضين في طريقنا للخروج من براثن أزمة -- هي الأزمة المالية والاقتصادية – ولكننا نواجه مخاطرَ جديدة وتحديات عاصفةٍ يجسدها ارتفاع أسعار الغذاء وتقلباتها؛ وارتفاع أسعار الوقود وآثارها المتلاحقة على أسعار المواد الغذائية وتوافرها اللازم لتحقيق الاستقرار؛ ولُجّة الأحداث التي تموج بها منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والاضطرابات والقلاقل في كوت ديفوار؛ والكوارث الطبيعية المتواترة؛ وارتفاع التضخم في بلدان الأسواق الصاعدة وبعض المخاطر المتعلقة بتسارع النشاط الاقتصادي بأكثر من اللازم وبلوغه مستويات محمومة؛ وقضايا الديون السيادية في أوروبا.
وإنني أود اليوم أن أناقش التهديد الأكبر الماثل أمام الفقراء في جميع أنحاء العالم: ألا وهو ارتفاع أسعار الغذاء وتقلباتها. لقد أصدرنا اليوم أحدث تقرير من تقارير "مراقبة أسعار الغذاء". وتعطي الأرقام صورة تبعث على الجزع للضغوط الطاحنة المستمرة على كاهل الفقراء في العالم.
لا يخفى عليكم جميعا خليط العوامل المؤدية لهذه الأزمة: ارتفاع أسعار الغذاء، وعدم استقراراها، ثم ارتفاع تكاليف الوقود، على نحو يلحق اضراراً بالغة بالفقراء، ويسهم في نشوب الاضطرابات الاجتماعية.
ومع أن أسعار الغذاء لم تكن السبب في اندلاع الأزمات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ولكنها أحد العوامل المؤدية لتفاقم الأوضاع. ووفقا لأحدث إصدار من تقريرنا المعني بمراقبة أسعار الغذاء، ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة زادت على 10 في المائة في كل من مصر وسوريا. ويوضح التقرير أن الزيادات الحادة في أسعار السلع الأساسية تُلحق الضرر بالبلدان الفقيرة بصفة خاصة.
فالبيانات المجمعة عن 46 بلدا للفترة من 2007 وحتى نهاية 2010 تشير إلى أن البلدان منخفضة الدخل والشريحة الدنيا من البلدان المتوسطة الدخل قد عانت بدرجة أكبر من ارتفاع مستويات تضخم أسعار الغذاء بالمقارنة بالشريحة العليا من البلدان المتوسطة الدخل والبلدان المرتفعة الدخل، ولا سيما في حالة الارتفاع الحاد في الأسعار الدولية.
إننا نقفُ في ظل أسعار الغذاء وتداعياتها عند نقطة حقيقية فاصلة. فقد ارتفعت أسعار السلع والمواد الغذائية بنسبة 36 في المائة عن مستوياتها المسجلة قبل عام، ومازالت قريبة من مستوى الذروة التي بلغتها في عام 2008. وهنالك 44 مليون شخص سقطوا بالفعل في براثن الفقر منذ يونيو/حزيران من العام الماضي. ولو شهد مؤشر أسعار الغذاء زيادة أخرى بنسبة 10 في المائة، فإن ذلك يمكن أن يدفع 10 ملايين شخص آخرين، حسب تقديراتنا، تحت خط الفقر المدقع البالغ 1.25 دولار أمريكي للفرد في اليوم. أما لو ارتفعت الأسعار بنسبة 30 في المائة، فإن عدد الفقراء في العالم البالغ 1.2 مليار شخص سوف يزداد بواقع 34 مليون إنسان.
ولا شك أن بوسعنا أن نفعل شيئاً لتغيير ذلك الوضع.
يتساءل البعض حول ما يمكن أن تفعله مجموعة العشرين. والواقع أن مجموعة العشرين يمكنها أداء دور قيادي في هذا الصدد. وأعتقد أنه يجب على النظام المتعدد الأطراف أن يركز على تحقيق منجزات حقيقية على المدى القصير مع البناء في الوقت نفسه على ما يصبّ في بوتقة الإجراءات المتوسطة والأطول أمدا.
من دواعي سروري أن فرنسا التي تتولى حاليا رئاسة مجموعة العشرين قد وضعت موضوع الغذاء على سلم أولوياتها. وإننا نعمل عن كثب مع مجموعة العشرين، وفي اعتقادي أنه يمكننا اتخاذ عدد من الخطوات المهمة التي من شأنها أن تساعد في مجالين رئيسيين هما تقلب أسعار الغذاء وتحقيق الأمن الغذائي. وسنستفيد من اجتماعات الربيع للمساعدة في تمهيد الطريق لذلك.
فأولا، نعمل على إصدار مدونة قواعد سلوك جديدة للبلدان فيما يتعلق بفرض الحظر على الصادرات الغذائية. إذ ينبغي على الأقل عدم فرض أي حظر أو قيود على الإمدادات الغذائية للأغراض الإنسانية، التي تقدمها منظمات مثل برنامج الأغذية العالمي.
ثانيا، نعتقد أنه من شأن توفير معلومات أفضل عن المخزون الغذائي، كماً ونوعاً، أن يكون مفيدا في هذا المضمار.
ثالثا، العمل على تدعيم الإتاحة المسبقة لمخزونات غذائية صغيرة للأغراض الإنسانية، في أماكن مثل القرن الأفريقي، يديرها برنامج الأغذية العالمي؛
رابعا، مساعدة البلدان على تحسين إدارة المخاطر الزراعية.
خامسا، يمكن أن يقوم البنك الدولي وبنوك التنمية الإقليمية بمساعدة البلدان عن طريق تقديم مساندة سريعة وعاجلة للفئات الأكثر تعرضا للمعاناة، وذلك من خلال برامج شبكات أمان وتغذية فعالة من حيث التوجيه بدلا من فرض ضوابط غير صحيحة على الأسعار أو تطبيق زيادات في الأجور على نطاق واسع.
وما زال هناك أيضا الكثير مما يمكن عمله على جانب الإنتاج. فالبنك الدولي يستثمر نحو 7 مليارات دولار سنويا في تحسين الإنتاج الزراعي، بما يشمل تحسين البذور والارتقاء بطرق الري والتخزين. ويجري تنفيذ استثماراتنا على امتداد سلسلة القيمة.
ويتمثل أحد محاور التركيز في البحوث الزراعية في المساعدة في استنباط أفضل أنواع البذور. ونُجري مناقشات مع فرنسا ومجموعة العشرين حول نقاط التماسّ الممكنة بين هذه الأنشطة وبعض الهواجس والمخاوف المرتبطة بتغير المناخ، إلى جانب مراجعة بعض أولويات البحث حيث نقوم بتعزيز المساندة الداعمة لخمسة عشر مركزا بحثياً في مجال البحوث الزراعية في مختلف أنحاء العالم.
أعتقد أنه يمكن تحقيق هذه الأهداف في الشهور القادمة. وأتطلع إلى أن أرى النتائج في اجتماع وزراء الزراعة لمجموعة العشرين المقرر انعقاده في يونيو/حزيران في فرنسا. وإنني لمتشوق لمواصلة العمل مع الفرنسيين وغيرهم من أجل تحقيق هذه الغاية.
وكما قلتُ لكم، يتمثل أحد المجالات الرئيسية لأوضاع أزمة الغذاء في الاضطرابات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وعلى الرغم من تفاوت سُرعة ونطاق المبادرات في كل بلد، إلا أن مجموعة البنك الدولي تركز على الاستماع للآراء ومساعدة البلدان على المضي قدما.
بالنسبة لتونس، سوف يعمل البنك الدولي على مساندة السلطات التونسية من خلال عملية لدعم الميزانية بمبلغ 500 مليون دولار بالإضافة إلى إمكانية تعبئة 700 مليون دولار من جهات أخرى مانحة. وسوف تُركز الإصلاحات على حرية تكوين الجمعيات والاتحادات، وحرية تداول المعلومات، والشفافية في المشتريات والتوريدات الحكومية. وعلاوة على ذلك، سنقوم بدعم الجهود التي تبذلها الحكومة لتقليل الفوارق الاقتصادية بين المناطق التونسية، والحد من الإجراءات البيروقراطية، وتحسين المحاسبة والضوابط الرقابية في هيئة الرقابة العامة للمصالح العمومية، ووضع برنامج تجريبي لتشغيل العمالة. ويقوم الفريق المعني بالقطاع الخاص في مؤسسة التمويل الدولية ببحث كيفية تعزيز الاستثمار الخاص، ولا سيما عن طريق مؤسسات الوساطة المالية التي يمكنها الحصول على التسهيلات الائتمانية اللازمة لمساعدة الشركات على التوسع.
ولا ينبغي أن يغرب عن البال أن شرارة الثورة انطلقت في تونس عندما ضحى بائع فواكه بحياته احتجاجا على سوء المعاملة من قبل السلطات التونسية. ولذلك، سنقوم أيضا بدعم جهود تونس لوضع حد للتعسف في استخدام القواعد والإجراءات البيروقراطية واللوائح التنظيمية . وسوف أذهب إلى تونس في مايو/أيار القادم لأرى كيف يمكننا تقديم المزيد من الدعم والمساندة للشعب التونسي.
يومَ أمس، أعلنت مؤسسة التمويل الدولية، ذراع البنك الدولي المعني بالقطاع الخاص، عن مبادرة معنية بمشكلة تقع في صميم التحديات التي تواجهها هذه المنطقة: وهي البطالة. ويُطلق على هذه المبادرة "مبادرة التعليم من أجل التوظيف"، وهي ترمي إلى مساعدة الشباب في اكتساب المهارات اللازمة للنجاح في سوق العمل. وتعني المبادرة التعاون مع المؤسسات العامة والخاصة القائمة بتقديم خدمات التعليم، والمجتمع المدني، وواضعي السياسات والمديرين في القطاع العام، وجهات العمل في القطاع الخاص، من أجل الاستفادة من الإمكانات والطاقات غير العادية للشباب في العالم العربي.
ويسرنا أن يكون البنك الإسلامي للتنمية شريكنا في هذا المشروع، ونحن ننظر، بالتعاون مع مؤسسة التمويل الدولية، في تعبئة ما يتراوح بين مليار ونصف المليار إلى ملياري دولار لاستثمارها في برامج مبادرة التعليم من أجل التوظيف في العالم العربي خلال السنوات الخمس القادمة.
إننا نحقق أيضا تقدما على صعيد حشد طاقات المجتمع المدني في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهو التحدي الذي أشرت إليه في كلمتي في الأسبوع الماضي. ويعلنُ البنك الدولي اليوم عن دعمه للشبكة المعنية بالمساءلة الاجتماعية في العالم العربي، والتي تضم منظمات المجتمع المدني، من خلال تقديم منحة قدرها 3.5 مليون دولار.
في وقت لاحق اليوم، سوف أستضيف اجتماعا لزملائي من بنوك التنمية المتعددة الأطراف حول التحديات التي تواجه منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وبعد ذلك، سنُجري هنا في البنك حوارا عن التحولات التي تشهدها المنطقة مع بنوك التنمية المتعددة الأطراف ووزراء المالية من بلدان المنطقة ومجموعة البلدان السبعة.
نهتم أيضا بالأحداث المأساوية في كوت ديفوار. وسوف ألتقي في أواخر هذا الأسبوع بوزير المالية الإيفوري تشارلز كوفي ديبي. فكوت ديفوار في حاجة ماسة للأمن والوظائف والعدالة. وبالتعاون مع الشركاء في المنطقة، يقف البنك الدولي على أهبة الاستعداد لتقديم مساعدات مهمة في المجالات المالية والفنية وعلى صعيد السياسات.
وفي حالة تحسّن الأوضاع الأمنية، يمكننا خلال الأسبوعين القادمين إعادة تنشيط عدد من برامج البنك الدولي برأسمال يبلغ نحو 100 مليون دولار من أجل مد يد العون لشعب كوت ديفوار. ونرى أن هذه البرامج يمكنها التركيز على مرافق البنية التحتية الطارئة، واستعادة خدمات الإمداد بالمياه، وجمع النفايات، والتأكد من قدرة المدارس والمستوصفات على أداء وظائفها. ويتوافق ذلك مع ما ورد في مطبوعة تقرير عن التنمية في العالم التي أصدرها البنك هذا الأسبوع بشأن ضرورة التحرك بسرعة لإبداء الدعم، وإظهار إحراز تقدم على أرض الواقع.
وفي وسعنا أيضا تقديم مساعدات موجهة لضحايا العنف الجنسي اللواتي زاد عددهن للأسف بدرجة كبيرة خلال الأزمة التي اندلعت بعد الانتخابات.
دعونا نرجع إلى أسعار الغذاء لنؤكد أن الفقراء في العالم لا يملكون ترف الانتظار. فساعة الجوع على واجهة مبنى البنك التي تتبع عدد الجوعي في العالم توضح أن هناك حوالي مليار شخص يعانون نقص التغذية. ويتزايد هذا العدد بواقع 68 شخصا كل دقيقة، أي أكثر من شخص في الثانية. إن الوقت ليس في صالحنا، ويجب علينا أن نسابق الزمن لنعوّض ما فات إذا أردنا أن لا نخسر جيلا بأكمله.
يسرني الآن أن أجيب على أسئلتكم.