أود أن أرحب بكم في اجتماعات الربيع لمجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي لعام 2014. أشكركم على حضوركم.
إننا نعيش وقتاً من أوقات التناقضات الكبيرة، يسيطر فيه أقل من 100 شخص على قدر من ثروة العالم يعادل ما يملكه أفقر 3.5 مليار نسمة مجتمعين. ولكننا نعيش أيضاً في وقت يحقق فيه الكثير من البلدان النامية أقوى معدلات النمو في العالم، وهو ما يساعد كل عام الملايين من الناس على انتشال أنفسهم من براثن الفقر المدقع.
يقدر خبراؤنا الاقتصاديون أن هناك ما يقرب من مليار نسمة حول العالم يعيشون في فقر مدقع اليوم في عام 2014 - وهو أقل من تقديرات عام 2010 البالغة 1.2 مليار نسمة. وهذا العدد الذي يصعب فهمه واستيعابه يتراجع باطراد وبشكل مؤكد، إلا أن الوصول إلى تحقيق هدفنا المزدوج لإنهاء الفقر المدقع بحلول عام 2030 وتعزيز الرخاء المشترك لن يكون سهلاً. سيتعين على البلدان النامية أن تنمو بوتيرة أقوى من أي وقت مضى في السنوات الـ 20 الماضية. ولإنهاء الفقر المدقع بحلول عام 2030، يجب أن تنخفض نسبة الفئات الأكثر فقراً - وهم من يكسبون أقل من 1.25 دولار للفرد في اليوم - بنحو 50 مليون نسمة كل عام.
لنفكر في الامر. لتحقيق هدفنا، يتعين أن ينتشل مليون شخص أنفسهم كل أسبوع من براثن الفقر. وهذا يسري على كل أسبوع على مدى الستة عشر عاما المقبلة.
ونحن نعتقد بشدة أن هذا يمكن أن يتحقق.
لقد كان النمو الاقتصادي أمراً حيوياً للحد من الفقر المدقع وتحسين الأحوال المعيشية للكثير من الفقراء. ولكن إذا أردنا حقا أن تزداد الهجرة الجماعية للناس من الفقر إلى الرخاء قوةً، فإننا بحاجة إلى تحقيق نمو يشمل الجميع ويخلق الوظائف، ويساعد الفقراء بشكل مباشر.
ويظل للنمو، بطبيعة الحال، أهميته الحاسمة، فهو مسؤول عن ثلاثة أرباع الانخفاض في أعداد الفقراء. ولذلك فإننا عندما ننظر إلى الاقتصاد العالمي اليوم، نجد أن النمو في البلدان مرتفعة الدخل يتسارع، وأن البلدان النامية تشهد معدلات نمو، ولكن بوتيرة أبطأ من ذي قبل.
ولقد خفت حدة المخاطر قصيرة المدى على الاقتصاد العالمي. ويتركز قلقنا باطراد على المدى المتوسط. وما يشغل بالنا هو احتمال تباطؤ وتيرة الإصلاح في هذه الفترة فيما بعد الأزمة. ويجب على وجه السرعة أن يعود التركيز إلى أجندة الإصلاح الهيكلي. ويمكن لأية انتكاسة ولو صغيرة أن تؤدي إلى ترك الملايين من الأسر يعيشون في عوز وفقر مدقع بدلاً من انتشالهم من الفقر.
ونحن نصدر اليوم تقريراً بعنوان "الرخاء للجميع"، وهو يؤكد على أن معالجة الفقر تتطلب إدراك أين يعيش أكبر عدد من الفقراء. ولكنه يوضح أيضاً أنه يجب علينا أن نركز على الأماكن التي تكون فيها المشاق والمصاعب أكثر انتشارا. والعديد من البلدان الأصغر حجما لديها نسب أكبر بكثير من الناس الذين يعيشون بها تحت خط الفقر. ففي 16 بلداً، يعيش أكثر من نصف السكان في فقر مدقع.
ولا تقل جهود الحد من الفقر في هذه الأماكن أهمية عن إحراز تقدم في البلدان التي يكون فيها العدد المطلق للفقراء أكبر بكثير. علينا أيضاً التأكد من استدامة النمو الاقتصادي في السنوات المقبلة بحيث يبعدنا عن المسار المدمر لتغير المناخ. فتغير المناخ يمكن أن يقوض مكاسب التنمية التي تحققت بشق الأنفس ويمكن أن يوقف تماماً جهودنا لإنهاء الفقر. لا يمكننا إنهاء الفقر ما لم نتخذ خطوات جادة لحماية كوكبنا.
قبل 18 شهراً، وعدنا في طوكيو أن نصبح "بنكاً للحلول". وقبل عام، في هذه القاعة نفسها، أعلنا هدفنا لإنهاء الفقر بحلول عام 2030 وتعزيز الرخاء المشترك. وقبل ستة أشهر، أعلنا استراتيجية مجموعة البنك الدولي لتحقيق هدفينا. ولتنفيذ هذه الاستراتيجية، فإننا بحاجة لأن نكون مؤهلين بصورة أفضل وأن نوفر التمويل الإضافي اللازم لذلك.
واعتبارا من شهر يوليو/تموز، سنعمل بشكل مختلف – حيث ستكون لدينا فرق عالمية من الخبراء في جميع المجالات الرئيسية للتنمية يتسق عملها مع أهدافنا لتضعنا على الطريق لنصبح بحق "بنكاً للحلول". وسينصب تركيزنا على إتاحة أفضل الخدمات الممكنة في البلدان، من خلال الحفاظ على تواجد قوي لنا في مكاتبنا القطرية، وتوفير الحلول العالمية للمشاكل المحلية.
وهناك أيضا أخبار سارة بشأن التمويل. فعلى مدى العقد المقبل، من المتوقع أن تنمو قدرتنا السنوية من 45 مليار دولار إلى 50 مليار دولار في السنة في الوقت الحالي إلى أكثر من 70 مليار دولار. وسيصبح ذلك ممكناً بفضل عملية التجديد القياسي لموارد المؤسسة الدولية للتنمية، والاقتصاد في تكاليفنا، وقوتنا المالية، واستعداد الجهات التي نتعامل معها للدفع مقابل ما لدينا من معرفة وخدمات.
لقد أصبحنا الآن في وضع أفضل لتحقيق ذلك. وهذا يسمح لنا بتقديم مساهمة ضخمة في الجهود العالمية لإنهاء الفقر المدقع في جيل واحد. إنني متفائل بشأن التزام البلدان وشركائها بذلك، واغتنام هذه الفرصة، ومحو هذه الوصمة من ضميرنا الأخلاقي الجماعي نهائياً وإلى الأبد.
شكراً لكم.