معالي رؤساء الوزراء، الأمين العام جوتيريس، المدير العام جورجييفا، أصحاب السعادة. يسعدني للغاية أن أكون هنا اليوم لأراكم جميعا في هذا النقاش حول تمويل التنمية. بعد اجتماعات استمرت شهورا، فإني أتفهم ما تقوم به مجموعات العمل التابعة لكم من وضع اللمسات الأخيرة على أجندة القضايا المطروحة.
وأود أن أحيطكم علما بتدابير البنك الدولي بشأن تمويل التنمية خلال هذه الجائحة، التي تلحق بالبلدان النامية ضررا كبيرا. فبياناتنا تظهر أن أكثر من 100 مليون شخص قد ينزلقون إلى دائرة الفقر المدقع هذا العام مع زيادة العدد في 2021، ليرتفع العدد الإضافي المحتمل لمن يعيشون في فقر مدقع إلى 150 مليون شخص.
وقد يستمر التأثير السلبي على الصحة والتعليم لعقود قادمة. فحوالي 80 مليون طفل لا يحصلون على التطعيمات اللازمة لهم، وأكثر من مليار طفل مازالوا غير قادرين على الانتظام في الدراسة بمدارسهم. ويوضح مؤشر رأس المال البشري 2020 والتقرير الخاص به الذي يصدره البنك الدولي أن أشد المجتمعات فقرا هي أشدها تضررا.
وهدفنا الأول في الاستجابة لمكافحة جائحة كورونا كان يتمثل في نهوض البنك الدولي بتدابير واسعة سريعة في البداية وأن يقدم تدفقات مالية لأشد بلدان العالم فقراً. وقد نفذنا برامج طوارئ لمواجهة جائحة كورونا في 111 بلدا، ونحقق تقدما كبيرا تجاه الهدف المعلن وهو 15 شهرا لمنح 160 مليار دولار من التمويل السريع للبلدان المؤهلة للاقتراض من المؤسسة الدولية للتنمية وللقطاع الخاص عبر برامج مؤسسة التمويل الدولية بشأن تمويل التجارة ودعم رأس المال العامل.
وفيما يتعلق بأشد البلدان الأشدّ فقراً، فإن المستويات غير المستدامة للدين العام قد أصبحت عقبة هائلة أمام التنمية. فخدمة الديون باتت تُقصي الإنفاق اللازم لمعالجة المأساة الإنسانية الناجمة عن الجائحة؛ كما أن تأخر سداد الديون المتراكمة يحول دون الاستثمار الجديد.
وبالتعاون مع صندوق النقد الدولي، فإننا نحقق تقدمًا بشأن شفافية الديون وتخفيف من أعبائها. وأتاحت مبادرتنا الخاصة بتعليق خدمة الديون قدرا من الحيز المالي للمشاركين فيها، ولكن التخفيف ضحل حتى الآن بحيث لا يتمكن من إتاحة ضوء في نهاية نفق الديون. فالدائنون التجاريون لا يشاركون في التأجيل، مما يؤدي إلى استنزاف التمويل المقدم من المؤسسات المتعددة الأطراف. كما أن بعض الدائنين الثنائيين الرسميين الرئيسيين لا يشاركون مشاركة كاملة، مما يتسبب في مزيد من استنزاف الموارد. وهناك عائق إضافي يتمثل في الافتقار إلى الشفافية في العقود الرئيسية.
ونحن نعمل على تمديد وتوسيع تأجيل سداد الديون وإرساء الأسس لخفض الديون ونرحب بدعم الأمم المتحدة الصريح للمشاركة الكاملة من جانب جميع الدائنين الثنائيين الرسميين، بما في ذلك البنوك الوطنية.
تمثل اللقاحات خطوة حاسمة في عملية التعافي. فنحن نعمل على توسيع البرامج السريعة الصرف لمكافحة فيروس كورونا والتي تشمل تمويل شراء اللقاحات وتوزيعها. وباستخدام المنح والائتمانات والتمويل الميسر، سنساعد في الاستعداد مبكرًا لتمويل البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل التي لا تتمتع بإمكانية الحصول على اللقاحات. وبالإضافة إلى مواردنا الضخمة المخصصة للبلدان المعنية، فإن برامجنا المتعلقة بالاستجابة لمكافحة فيروس كورونا قابلة للتوسع بسهولة من خلال التمويل المشترك، ونحن ندعوكم للمشاركة. إن الهدف هو تغيير مسار الجائحة والمساعدة في وضع البلدان على مسار نحو تعافٍ أكثر مرونة يبني سبل عيش جديدة.
وستحتاج بلدان العالم أيضًا إلى الاستعداد لاقتصاد مختلف بعد الجائحة، وذلك بالسماح لرأس المال والعمالة والمهارات والابتكار بالانتقال إلى شركات وقطاعات جديدة.
في الاجتماعات السنوية الافتراضية القادمة للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، ستتاح لنا فرصة لمناقشة كل هذه القضايا بما في ذلك رأس المال البشري والمناخ والتنمية الرقمية والخطوات الإضافية للحد من الديون.
فإذا اتخذنا تدابير في وقت مبكر مع ما ذكرته من برامج إبداعية ضخمة ومصادر تمويل، يمكننا مساعدة البلدان المعنية - كما تقول كريستالينا - في بناء اقتصاد أفضل وأقوى، اقتصاد أكثر مراعاة للبيئة وذكاءً وإنصافًا؛ وأنا أتطلع إلى العمل مع كلٍ منكم في هذه المهام الحيوية.