أتوجه بعظيم الشكر لمعالي رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي والدكتور شكري على استضافتكم هذه الفعالية بشأن تمويل الأنشطة المناخية.
فالبلدان النامية تواجه أزمة اقتصادية، وأعباء ديون ثقيلة، وارتفاع معدلات التضخم، وتغير المناخ. ويشكل ذلك أزمة تواجه التنمية نفسها.
وهناك تراجع هائل في عملية التنمية. وهذا التراجع له آثار غير إيجابية على الاقتصادات الآخذة في الانكماش، وأوضاع الفقر المدقع، وخسائر التعليم، والتقزم، ومحدودية الحصول على الكهرباء والمياه النظيفة، وارتفاع معدلات البطالة بين الشباب، ونقص البنية التحتية. ويشارك البنك الدولي مشاركة عميقة في تمويل عمليات التعافي في كل هذه القطاعات، لكن تغير المناخ يؤدي إلى تفاقم هذا التراجع.
وزاد البنك الدولي من التمويل الذي يقدمه للتصدي للكوارث المناخية مثل الفيضانات في باكستان. وحقق نموا هائلا في تمويل الأنشطة المناخية. وفيما يتعلق بالارتباطات الرئيسية التي تم الالتزام بها لأغراض أنشطة التكيف مع تغير المناخ، بلغ حجم تمويل الأنشطة المناخية 32 مليار دولار في العام الماضي، وهو رقم قياسي أعلى من المستوى المستهدف في قمة غلاسكو. وأرحب بآرائكم ومدخلاتكم بشأن سبل زيادة مواردنا وقدراتنا على الالتزام.
ونحن في البنك الدولي نتعامل مع أزمة المناخ بالعمل الذي يستهدف إحداث الأثر المنشود. وقد كنت في جنوب أفريقيا خلال عطلة نهاية الأسبوع. وزرت محطة كوماتي لتوليد الكهرباء باستخدام الفحم التي يجري وقف تشغيلها، وسيتم بعد ذلك إعادة تشغيلها باستخدام موارد الطاقة المتجددة، مع إيلاء اهتمام كبير للتحول الاجتماعي. ويأتي التمويل من مصادر متعددة، بما في ذلك قروض من البنك الدولي للإنشاء والتعمير وكندا ومنحة من الصندوق الاستئماني لبرنامج المساعدة في إدارة قطاع الطاقة التابع للبنك الدولي. ويستغرق إعداد وتنفيذ مثل هذه المشروعات المعقدة وقتا طويلا. ويساعد ذلك على فهم الدور الرئيسي الذي تؤديه مجموعة البنك الدولي التي تعمل مع شركة إسكوم والحكومات الاتحادية والمحلية في جنوب أفريقيا والشركاء في شراكة التحول العادل في استخدام الطاقة (JET-P) في إطار المنصة الوطنية المعنية بهذا الغرض في جنوب أفريقيا. ومع زيادة انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري من جميع أنحاء العالم، فإن إعادة تشغيل محطة كوماتي باستخدام موارد الطاقة المتجددة علامة تبعث على الأمل، ويفخر البنك الدولي بقيادة هذا النهج الناجح للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
وقد نشرنا تقرير المناخ والتنمية عن جنوب أفريقيا الأسبوع الماضي، الذي يبين أن المسار الذي تم اختياره لمحطة كوماتي هو المسار الأنسب لصالح الناس وكوكب الأرض. ونشرنا الآن تقارير عن المناخ والتنمية لأكثر من 20 بلدا، تبين مسارات لدمج العمل المناخي والتنمية معا. وكان هذا من بين النواتج الرئيسية التي تحققت في قمة غلاسكو، ويبين ذلك مسارات واضحة للعمل المناخي وأثره. وقد تشرفت بحضور رئيس الوزراء عند إطلاق تقرير المناخ والتنمية الخاص بمصر أمس.
ويتيح العمل المناخي مثل مشروع كوماتي سلع نفع عام عالمية رئيسية، وبناء عليه من الممكن محاكاة هذه النماذج من المشروعات. وترغب مجموعة البنك الدولي في تحقيق زيادة كبيرة في عدد وحجم المشروعات التي تقلل من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
وبالأمس، قمت بالتعريف بصندوقنا الجديد وهو الشراكة المعنية بتوسيع نطاق العمل المناخي من خلال خفض الانبعاثات. وتتيح هذه الشراكة سبيلا مهيأً للمجتمع الدولي لاتخاذ ما يلزم لمكافحة تغير المناخ، وتقديم التمويل الفعلي لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. وتمثل هذه الشراكة نهجًا مباشرًا وشفافًا يتجنب التمويه الأخضر (أي تظاهر الحكومات أو الشركات بالحرص على سلامة البيئة).
وسيعمل هذا الصندوق على تعبئة التمويل من المجتمع الدولي وتقديم منح مالية على أساس النتائج للبلدان المتعاملة مع البنك بهدف خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. وسيساعد هذا الصندوق أيضا البلدان على تحقيق إنجازات في سياق المشروعات التي تجذب التمويل من القطاع الخاص من خلال أسواق الكربون الدولية. وندعو جميع الشركاء هنا مؤتمر المناخ السابع والعشرين (COP27) إلى النظر بعين الاعتبار في هذا النهج نحو التمويل المباشر للعمل المناخي. ويجب أن يكون هذا النهج جهدا عالميا، مع تحمل مسؤوليات مشتركة وإن كانت متباينة.
وسيتعين على البلدان المرتفعة الدخل أن تقود الطريق نحو التحول منخفض الانبعاثات الكربونية. ويمكنها تخفيض انبعاثاتها، والحد من صادرات أنواع الوقود عالية الانبعاثات الكربونية، وزيادة تمويلها للعمل المناخي على مستوى العالم. وبالنظر إلى مشكلة التضخم الحالية، ينبغي لهذه البلدان أن تعتمد سياسات لزيادة الإنتاج بطرق مستدامة للتصدي للنقص الحالي في الغذاء والطاقة والأسمدة.
وتقع على عاتق بلدان العالم النامية التي تنطلق منها انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري حاليا ومستقبلا بنسب كبيرة مسؤولية رئيسية عن الحد من هذه الانبعاثات. وهي بحاجة إلى إيجاد مسارات للنمو منخفض الانبعاثات الكربونية لتوفير إمدادات الكهرباء الموثوقة وميسورة التكلفة لشعوبها. وينبغي أن تختار هذه البلدان المسارات التي توفر تحولا عادلا للمجتمع نحو خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
وفي إطار ذلك، علينا أيضا إيجاد سبل تمويل أفضل لأنشطة التكيف، ويشمل ذلك مساهمات المانحين والمؤسسات الخيرية والقطاع الخاص.
وفي مؤتمر المناخ السابع والعشرين (COP27)، كانت هناك توصيات لبنوك التنمية متعددة الأطراف ومنها البنك الدولي لزيادة تمويلنا للأنشطة المناخية بدرجة كبيرة. وفي اجتماعاتنا السنوية الأخيرة، كان هناك اعتراف واسع النطاق بالحاجة إلى زيادة تمويل سلع النفع العام العالمية، لاسيما العمل المناخي. وأنا أرحب بشدة بذلك. وسيتطلب نجاح العمل المناخي للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري زخما عالميا منسقا، ونحن ملتزمون بهذا الجهد.
ويمثل تغير المناخ تحديا كبيرا للتنمية. وهو يشير إلى تطور مهم آخر لمؤسسات التمويل الدولية ومجموعة البنك الدولي. وقد ناقشت هذا التحدي مع مجلس المحافظين بالبنك الدولي في الاجتماعات السنوية ومع مجلس المديرين التنفيذيين في نهاية أكتوبر/تشرين الأول. وبدأ فريق جهاز إدارة البنك الدولي في إعداد خارطة طريق تحدد الإجراءات الملموسة للمساهمين.
وهناك صعوبات متزايدة تواجه تمويل سلع النفع العام العالمية بسبب عمق الأزمات الأخرى التي تواجه التنمية. وأختتم كلمتي بتأكيد أن مجموعة البنك الدولي ملتزمة بالتصدي لكل هذه التحديات من خلال العمل الذي يحقق الأثر المرجو. شكراً جزيلاً