النسخة المعدة للإلقاء
أسعد الله صباحكم بكل خير.
أتوجه بخالص الشكر إلى السيد الرئيس سيرجي مارشينكو على رئاسته لهذه الجلسة.
كما أتوجه بجزيل الشكر إلى معالي الوزير الأول السيد/ عزيز أخنوش، على استضافة هذه الاجتماعات السنوية. إن الطريق إلى مراكش لعقد هذه الاجتماعات لم يكن سهلا، فقد تأخر عقدها بسبب جائحة كورونا، ثم تطلب جهدا حثيثا في أعقاب الزلزال. لكن حفاوة الترحاب والضيافة من حكومتكم ومن جميع أفراد الشعب المغربي أخجلت تواضعنا.
وإنه ليسرني ويشرفني أن أتوجه بكلمة شكر إلى السيدة كريستالينا، المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، على مشاركة مجموعة البنك الدولي في استضافة هذه الاجتماعات.
وخالص شكري وتقديري للرئيس السابق لمجموعة البنك الدولي السيد/دافيد مالباس.
لقد أسعدنا الحظ جميعا بتواجدنا في هذه القاعة. ونحن راعون لمؤسسة تتحمل مسؤوليات عظام في وقت يشوبه عدم اليقين ويشهد عواقب وخيمة.
كما أن العالم حولنا زاخر بقوى عميقة وتغيرات سريعة.
ونواجه تراجعا في التقدم المحرز نحو مكافحة الفقر، وأزمة المناخ الوجودية، وانعدام الأمن الغذائي، والهشاشة، والتعافي الوليد من الجائحة، ونشعر بآثار الصراعات الممتدة خارج حدود المواجهة.
وتأتي عاصفة هوجاء تجمع التحديات المتشابكة والتعقيدات الجيوسياسية معا لتفاقم عدم المساواة.
فالنمو الاقتصادي في جزء كبير من بلدان العالم النامية آخذ في التراجع. وقد انخفض من 6% إلى 5% في عقدين من الزمن، ولن يتجاوز 4% على مدى السنوات السبع المقبلة.
ومع كل تراجع بنسبة 1%، ينزلق 100 مليون شخص إلى براثن الفقر، ويهوي 50 مليون شخص آخر في غيابة الفقر المدقع.
وكلما بحثنا على نحو أكثر عمقا، سنجد أناسًا يكافحون من أجل إعالة أنفسهم وأسرهم في ظل ما تشهده الدخول من جمود. وفي منطقة أفريقيا جنوب الصحراء، لا يزال نصيب الفرد من الدخل كما كان عليه قبل 14 عاما.
وفي الوقت نفسه، زادت الديون في مختلف أنحاء الأسواق الصاعدة، وتضاعفت في أفريقيا،
وهذا يغل قدرة البلدان على النهوض.
إننا نعيش في عالم تحفه تحديات تنذر بالخطر في وقت تشتد فيه وتيرة الاستقطاب ونزعات التطرف.
وتحت السطح، يعمل انعدام الثقة المتزايد على إحداث هوة بين شمال العالم وجنوبه، مما يضفي على آفاق التقدم المزيد من التعقيدات.
ونحن نتفهم ما تشعر به بلدان الجنوب من إحباط، فهذه البلدان لا تزال تدفع ثمن
ازدهار البلدان الأخرى.
وعندما كان من المفترض أن تزدهر هذه البلدان، انتابها القلق لأنها لن تنعم أبدا بالموارد التي وُعِدت بها؛ كما أنها تشعر بأن القواعد المنظمة لاستخدام الطاقة لا تطبق على الجميع، وهي قلقة أيضاً من أن جيل الازدهار المنشود سيكون محبوساً في سجن من الفقر.
لكن الحقيقة: أننا لا نستطيع تحمل فترة أخرى من النمو شديد الانبعاثات.
ويجب أن نجد طريقة لتمويل عالم مختلف، عالم يكون فيه المناخ مصونا، ويمكن فيه السيطرة على الجوائح ــ إن لم نستطع الوقاية منها ــ ويتميز بوفرة الغذاء، وتُقهر فيه أوضاع الهشاشة والفقر.
إننا نحمل على عاتقنا مهمة عظيمة،
فإذا نظرنا إلى جميع أنحاء العالم، قد يسيطر علينا شعور باليأس،
لكن في كل بقعة من بقاع الأرض، نجد الناس شغوفين بالذهاب إلى العمل والإبداع بأيديهم، فهم يريدون حياة أفضل لأبنائهم وأحفادهم.
ولقد شعرت بهذا الشغف بين رواد الأعمال في نيجيريا، ورأيته في عيون الفنانين الفخورين بأنفسهم في إندونيسيا، ولمسته على أيدي المزارعين الخشنة في جامايكا.
ويقع على عاتق البنك التزام -بل واجب- يتمثل في مقابلة هذه الطاقة بعزيمة راسخة لا تلين. وعلينا شد أزر الناس وتقوية عزمهم ودفعهم نحو التقدم، كما علينا في مجموعة البنك الدولي أن نبث روح التفاؤل والأمل وأن نُحدِث الأثر المرجو.
لكن علينا أن نتغير للوفاء بهذا الوعد وتقديم المطلوب. وعلينا مواجهة الرياح العاتية،
وقد بدأ هذا التطور قبل أشهر، واليوم هناك رؤية ورسالة جديدتان للبنك الدولي.
خلق عالم خالٍ من الفقر على كوكب صالحٍ للعيش فيه. لكن عامل الزمن هو جوهر القضية.
وتدفعنا هذه الحاجة الملحة إلى وضع دليل إرشادي جديد - أو بالأحرى رسالة جديدة. وهذه الرسالة تعمل على دفع عجلة التنمية المؤثرة وتؤدي إلى تحسين جودة الحياة، بالحصول على الهواء النقي والمياه النظيفة والتعليم والرعاية الصحية الكريمة.
وهي رسالة شاملة للجميع، لا سيما النساء والشباب؛
القدرة على الصمود في وجه الصدمات، وخاصة مواجهة أزمات المناخ والتنوع البيولوجي والجوائح والهشاشة؛
وتتسم هذه الرسالة بالاستدامة، من خلال النمو وخلق فرص العمل، والتنمية البشرية، وإدارة المالية العامة والديون، وتحقيق الأمن الغذائي، والحصول على الهواء النقي والمياه والطاقة بأسعار معقولة.
وبهذه الرؤية، نعمل على توسيع نطاق أنشطة البنك الدولي، ونؤكد الواقع الذي يقول إن رفاهية الاختيار كانت من نصيب الجيل الأخير.
ولمواجهة هذه التحديات المتشابكة، فإن خيارنا الوحيد هو الاستجابة الشاملة بقوة وعلى الفور.
ولا يمكننا إحراز تقدم كاف في مجال الصحة العامة في الوقت الذي يؤدي فيه ارتفاع درجات الحرارة إلى تغيير أنماط الأمراض المعدية وظهور سلالات من الجوائح.
ولا يمكننا مساعدة المزارعين على زيادة غلة المحاصيل وإطعام السكان المتزايدين باستخدام أساليب لم يتم تصميمها للتعامل مع سنوات طويلة من موجات الجفاف.
ولن نستطيع مطلقا ربط رواد الأعمال بالأسواق على نحو موثوق إذا كانت طرق الشحن التي يعولون عليها تتعرض للتدمير سنويا بفعل الفيضانات.
وهذا هو السبب في أننا بحاجة إلى دليل إرشادي جديد.
ويجب أن تكون النساء والشباب مناط تركيزنا،
فبدون التركيز عليهما، فإننا نخوض غمار الكفاح بيد مغلولة.
وعلى الصعيد العالمي، لم تشهد مشاركة المرأة في القوى العاملة تحسنا منذ عام 1990. وعندما يشاركن في العمل، لا يتقاضين أجورا متساوية.
ولا يمكننا دحر الفقر مع تهميش نصف سكان العالم.
أما الشباب فبوسعهم أن يكونوا قاطرة المستقبل إذا ما توفرت لهم حياة كريمة وفرص عمل عندما يكبرون.
ومع العمل تأتي الكرامة والفخر والقدرة على إعالة نفسك وأسرتك.
ومن دون العمل أو الأمل في إيجاد عمل يتحول اليأس البشري إلى غضب، وفي تلك اللحظات يتشبث الناس بأي يد تقدم لهم طوق نجاة. ويمكن أن تلحق هذه التكاليف ضررا ــ لا يمكن إصلاحه ــ بمجتمع أو بأجيال بأكملها.
وما نقوله ليس من قبيل المبالغة في توصيف الحاجة الماسة لذلك وأهميته. وتشير تقديراتنا إلى أنه في السنوات العشر المقبلة، سيصبح 1.1 مليار شاب في بلدان الجنوب في سن العمل. وفي الفترة والبلدان نفسها، من غير المتوقع أن نوفر أكثر من 325 مليون فرصة عمل.
وتكلفة التقاعس والتراخي لا يمكن تصورها، ولا ينبغي لنا أن نسمح أن تكون هذه المزايا الديموغرافية تحديا.
وهذه الرؤية والرسالة اختبار لصدق طموحنا في رحلة تتطلب شراكات من نوع آخر، وطريقة جديدة للعمل والتفكير، وخطة مبتكرة للتوسع والمحاكاة، وموارد إضافية، وتفاؤل بما يمكن أن يتحقق.
وهذا هو الاتجاه الجديد للبنك الدولي ويسعدني أن أُطلعكم عليه اليوم.
لقد اتخذنا خطواتنا الأولى في هذه الرحلة في أبريل/نيسان، حيث سنعمل على توفير 40 مليار دولار من ميزانية البنك على مدى 10 سنوات، وذلك بتعديل نسبة المساهمات في رأس المال إلى القروض.
وعلى مدى الأشهر القليلة الماضية، تناولنا الأمور بصورة أكثر عمقا، وأنشأنا آلية لضمانات محافظ الاستثمار والمشروعات وأطلقنا أداة رأس المال المختلط.
وهذه الأدوات الجديدة تمكننا من تحمل المزيد من المخاطر وتعزيز قدرتنا على الإقراض بشكل أكبر، مع الحفاظ على تصنيفنا الائتماني من المرتبة الممتازة AAA. ومن خلال جميع هذه السبل والأدوات، يمكننا توفير 157 مليار دولار إضافية لتقديم المزيد من القروض على مدى 10 سنوات.
وقد لقينا حماسا وكرما مقابل ما قدمناه من أعمال وأنشطة.
وكانت ألمانيا أول من ساند أدوات رأس المال المختلط، ومن خلال مساهمتها، ستزيد القروض الإضافية المقدمة من البنك الدولي للإنشاء والتعمير بواقع 2.4 مليار يورو على مدى السنوات العشر المقبلة.
وسيؤدي دعم الولايات المتحدة المبكر لضمانات محافظ الاستثمار والمشروعات إلى إتاحة نحو 25
مليار دولار في صورة قروض جديدة من البنك الدولي للإنشاء والتعمير الجديدة، ونتوقع انضمام آخرين قريبا.
وما يجعل هذه الأدوات فريدة من نوعها - واستثمارا جيدا - هو قدرتها على تحقيق 6 - 8 دولارات مقابل كل دولار يُنفق على مدى 10 سنوات.
لكننا لن نتوقف عند هذا القدر.
وبالتعاون مع بنوك التنمية متعددة الأطراف الأخرى، سنستكشف سبلا لتحسين استخدام رأس المال تحت الطلب وحقوق السحب الخاصة. كلاهما معقد ولكن يمكن الاستفادة منهما. وهذه الاستفادة تستغرق وقتا وتتطلب اتخاذ إجراءات من البلدان المساهمة والبنوك المركزية.
ولا نزال نبحث عن فرص أخرى.
وقد تم تصميم الصندوق العالمي للمنافع العامة العالمية التابع للبنك الدولي لتحفيز التعاون عبر الحدود ومواجهة التحديات المشتركة. وكان التمويل يأتي في الماضي فقط من دخل البنك الدولي للإنشاء والتعمير، وكان ذلك يغل إمكاناته.
والآن، نفتح الباب أمام الحكومات ومؤسسات العمل الخيري التي يمكن أن تساعد على زيادة الموارد التي نتيحها بشروط ميسرة. ومع زيادة الطموح والقدرة على تحقيق رسالتنا الجديدة، نعتقد أن الصندوق العالمي للمنافع العامة العالمية سيكون صندوقا حقيقيا لكوكب يمكن العيش فيه.
ونحن ندرك أن هذا النموذج يمكن أن يحقق النجاح المنشود. وفي خطوة كبيرة في سبيل المضي قدما، أصبحت أوروغواي أول دولة تستفيد من انخفاض أسعار الفائدة كنتيجة مباشرة لتحقيق مستهدفات الأداء المناخي.
وهذا نهج مبتكر نسعى إلى توسيع نطاقه.
ونحن مستمرون في تجربة أفكار أخرى من خلال منظومة الحوافز لدينا.
وندرس طرح آجال استحقاق تتراوح بين 35 و 40 سنة لمساعدة البلدان على العمل في إطار آفاق أطول أجلا لاستثمارات رأس المال الاجتماعي والبشري.
كما ندرس إمكانية خفض أسعار الفائدة لتحفيز وقف استخدام الفحم في إطار التحول في استخدام الطاقة.
وفي البلدان التي تستفيد من اعتمادات المؤسسة الدولية للتنمية وقروض البنك الدولي للإنشاء والتعمير، نتطلع إلى إيجاد سبل لتشجيع التحول إلى استخدام الطاقة المتجددة من خلال زيادة التمويل الميسر من خلال هذه الاعتمادات والقروض.
وتتسم روح الابتكار والاستكشاف لدينا بأنها شاملة.
واتخذ البنك الدولي خطوات لمساندة الفئات الأكثر احتياجا والأولى بالرعاية عندما تفاقمت التحديات المتمثلة في الحرب في أوكرانيا، وآثار جائحة كورونا، وارتفاع معدلات التضخم. وبسبب كثرة الاحتياجات، قمنا بتخصيص معظم موارد نافذة الاستجابة للأزمات المخصصة لثلاث سنوات في السنة الأولى من مدتها.
وبالتالي، نحتاج الآن إلى تجديد موارد هذه النافذة. وهدفنا هو تعبئة 4 مليارات دولار للنافذة الإضافية للاستجابة للأزمات. وتطلب الولايات المتحدة موافقة الكونجرس على مليار دولار. وتتعهد بلدان أخرى، مثل بلدان الشمال الأوروبي، بتقديم الهبات والتبرعات. ومع ذلك، لا نزال بعيدين للغاية عن هدفنا والوقت قصير.
ونبحث عن مساعدة الآخرين للتقدم إلى الأمام. كما أننا بحاجة إلى مساعدة الجهات المانحة لإعادة تجديد موارد هذا الصندوق، والمضي نحو الدورة التالية من تجديد موارد المؤسسة الدولية للتنمية.
وإذا كنا حقا نريد تحفيز التغيير، فما نيل المطالب بالتمني، بل علينا الكفاح من أجل ذلك،
وخير مثال على ذلك المؤسسة الدولية للتنمية. ونعمل على زيادة سقف هذا المورد الميسر المهم، ولا سبيل إلى ذلك غير زيادة التمويل بغض النظر عن مدى الابتكار والإبداع في عمليات الهندسة المالية.
ولهذا، علينا أن نبذل جميعا قصارى جهدنا لجعل عملية التجديد التالية لموارد المؤسسة الدولية للتنمية هي الأكبر على الإطلاق.
ونحن بحاجة إلى المانحين والبلدان المساهمة والمؤسسات الخيرية للتقدم والانضمام إلينا لتحقيق الانتصار والتقدم في هذه المعركة، وبغير ذلك تكون هذه الأدوات مجرد نظريات على ورق،
وفي الوقت نفسه، نحن لا ننتظر، بل نعمل مع شركاء جدد ونعيد صياغة أطر الشراكات.
ونحن نشارك الآخرين، ونعمل جنبا إلى جنب مع بنوك التنمية متعددة الأطراف لتنسيق العمل العالمي، وتحفيز التغيير، ومضاعفة الأثر المرجو.
وفي أثناء رحلتي الأولى، قمت أنا وإيلان غولدفاج من بنك التنمية للبلدان الأمريكية بزيارة بيرو وجامايكا لجعل التعاون وتضافر الجهود هدفا واضح المعالم وليس مجرد حادث عرضي كما كان من قبل.
وتركز شراكتنا على ثلاثة أهداف: مكافحة إزالة غابات الأمازون، وتدعيم قدرة منطقة البحر الكاريبي على الصمود في مواجهة الكوارث الطبيعية، وسد الفجوة الرقمية في منطقة أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي.
ولن نحقق النتائج المرجوة بين عشية وضحاها ولكن معا سنحقق أثرا أكبر مما سنحققه ونحن فرادى. ولهذا السبب يتواصل البنك الدولي مع مؤسسات أخرى على أمل إقامة شراكات مماثلة.
وهناك روح مشتركة ووحدة هدف فيما بين بنوك التنمية متعددة الأطراف.
ونحن جميعا نتعاون الآن لتحقيق الأثر المرجو وقد بدأنا في التخلي عن روح المنافسة التي كانت سائدة في الماضي. كما أننا ندرك أن هناك الكثير الذي يمكننا القيام به معا، لكننا في هذه الأيام الأولى نركز طاقتنا على 4 مجالات ستحقق الخير لنا جميعا.
أولا، نعمل حاليا مع وكالات التصنيف الائتماني للمساعدة في تحسين تفهمها لما نقوم به من أنشطة وأعمال والمخاطر التي نواجهها، ويمثل ذلك جزءًا لا يتجزأ من إطلاق رؤوس الأموال وتحديد الأسعار المقابلة. وبدون إحراز تقدم، من غير الممكن تحقيق أفكار مثل رأس المال تحت الطلب.
ثانيا، نعمل على توسيع نطاق التعاون في مجال التمويل المشترك. وإنشاء منصة للتمويل المشترك لتسهيل التنسيق على مستوى الأولويات العالمية والإقليمية.
ثالثا، نعمل على وضع معايير موحدة لما نقوم به من عمليات وإجراءات، فضلا عن خفض تكاليف العمليات، وإطلاق القدرات الفنية. ونحن نحرز بالفعل تقدما في مجال المشتريات وتبسيط الأطر البيئية والاجتماعية.
وأخيرا، نعمل على وضع نهج جديد لتتبع نواتج العمل المناخي بناء على الأثر المحقق. ونعتزم تقديم المزيد من المعلومات بشأن ما نحققه من تقدم للمشاركة في مؤتمر الأمم المتحدة الثامن والعشرين المعني بالمناخ المقرر عقده في دبي.
ويمكن لهذا النهج الموحد أن يفيد الحكومات التي نخدمها إلى حد كبير، مما يسهل عليها الحصول على الموارد من مجموعة متنوعة من بنوك التنمية متعددة الأطراف، مع تركيز الإقراض من خلال منصة واحدة للبلد المعني.
ونحن في البنك الدولي وأصدقائي في بنوك التنمية متعددة الأطراف الأخرى
لا نحتكر الأفكار الجيدة،
بل نختلسها بلا خجل ونتبادلها بلا مواربة،
وعلينا القيام بذلك مع مراكز الفكر ومؤسسات القطاع الخاص والمجتمع المدني،
وكل ذي شأن يساهم في إحداث التحولات الجذرية.
هناك الكثير الذي يمكننا القيام به معا ولكن علينا أن نبدأ بأنفسنا لإحداث الأثر المرجو.
وقد أطلق البنك الدولي برنامجا طموحا لتسريع وتيرة عمله، وزيادة كفاءته، وتبسيط إجراءاته.
وكما تعلمون فإن تأخر عملية التنمية يعني الحرمان من ثمارها،
وبالأرقام، فإن سنة واحدة بدون تعليم تقلل من دخل الشخص في المستقبل بنسبة 10% سنويا.
وحرمان الطفل من التغذية السليمة في أول 1000 يوم له، يقلل من دخله بنحو 17% كل عام في بقية حياته.
ونحن في البنك الدولي نقضي حاليا القدر نفسه من الوقت في مشروع صعب، مثل خط نقل كهربائي بطول 2000 ميل يجتاز مناطق الصراع والبيئات الحرجة، كما نفعل في بناء شبكة كهرباء صغيرة باستخدام الطاقة الشمسية أو مدرسة جديدة.
وتقضي فرق عمل البنك شهورا في إعداد التقارير التي تقيم المخاطر من كل زاوية - 4880 يوم عمل من وقت عمل الموظفين كل عام فقط في أعمال المراجعة والموافقات الداخلية التي يتم القيام بها بصورة مزدوجة.
وعندما ينجح مشروع ما ويتوجب توسيع نطاقه، تشترط إجراءات البنك من فرق العمل أن تبدأ من جديد، على سبيل المثال إبلاغ المجتمعات المحلية أن تصبر وتنتظر وهي ترى الأطفال تكبر، والفقر يضرب بجذوره، والأمراض تتفاقم بلا علاج، والمصاعب تتزايد رويدا رويدا في طريق الوصول إلى المياه النظيفة.
وفي الوقت الحالي، يستغرق الأمر 27 شهرا – في المتوسط - قبل صرف دولار واحد في إطار أي مشروع للبنك الدولي، وتستغرق عملية التنفيذ وإقامة المشروع وقتا طويلا للغاية،
وفي كثير من الأحيان يستغرق الأمر أكثر من 10 سنوات قبل الإحساس بالمنافع المبكرة من المشروع، وهذا وقت طويل للغاية، ويجب أن نفعل ما هو أفضل الآن. وعلينا توفير هذا الوقت الثمين المهدر.
والأمر كله بيدنا، وعلينا تقليل وقت مراجعة المشروع والموافقة عليه بشكل كبير بمقدار الثلث،
ومن الضروري بذل مزيد من الجهد،
وتدعو خطتنا إلى تبسيط إجراءات الموافقة، وتعديل أعمال المراجعة على نحو مناسب، والجمع بين التكنولوجيا الذكية وخفض الأطر الزمنية لزيادة السرعة.
وسنفعل ذلك دون إجراء أي تغيير على معايير البنك البيئية والاجتماعية التي تحمي المجتمعات المحلية التي نعمل من أجلها وتمنح الطمأنينة لشركائنا والبلدان المساهمة في البنك.
ولا نعتقد أن الجودة تتعارض مع السرعة، ويمكننا تقديم الاثنتين معا.
وهذا تقدم مهم ولكن ينبغي بذل المزيد من الجهد، والعمل على وضع خطة لمساندة الحكومات على نحو أفضل في التنفيذ. وإذا استطعنا تقديم المساعدة الفنية في المشروعات التي نقوم بها منذ البداية ومساعدة البلدان على تطوير قدراتها، يمكننا أن نسابق الزمن.
ونحن لا نبسط أسلوب عمل البنك ونشجع فرق عمله على المضي بوتيرة أسرع فحسب، بل نستكشف سبلا لتحفيز السرعة والتعاون وتضافر الجهود على مستوى البنك بجميع قطاعاته وإدارته ووحداته.
وضرورة التعاون، وتحقيق الأثر المرجو، والاعتقاد بضرورة تبسيط الإجراءات يدفعنا إلى التفكير في برنامج يؤدي إلى تحقيق التحول المطلوب.
ويحدونا الأمل في إعادة تركيز البنك الدولي على مواجهة التحديات ليس كآلية للتمويل فحسب، بل كآلية للمعرفة.
وهذا ما تطلبه الحكومات، أي ما نملكه من المعرفة.
ولطالما تمت الإشادة بالبنك لتعامله مع المشكلات الشائكة وإيجاد حلول لها وتغيير نمط الحياة إلى الأفضل.
وفي الفترة القصيرة التي قضيتها في البنك، رأيت ذلك الأثر يقينا.
وفي الهند، يتم استخدام التكنولوجيا لمتابعة حضور الطلاب وأدائهم أولا بأول. ويضع خبراء التعليم أيديهم على المشكلات ويتخذون إجراءات سريعة ويعيدون الأطفال إلى المسار الصحيح.
ونتيجة لذلك، زادت نسب الحضور للطلاب والمعلمين، ومعدلات الالتحاق بالمدارس.
وفي بيرو، تعمل مراكز المساعدة القانونية المجانية على تغيير حياة الناس وإنقاذ أرواحهم، وكل يوم تقف الناس في طوابير أمام أبواب هذه المراكز،
وهناك نساء غير مشتركات في منظومة المعاشات يسعين للحصول على معاشات، ونفقات إعالة للأطفال، وأخريات يسعين إلى الحصول على حماية قانونية من العنف المنزلي والجنسي،
وهذه القصص شائعة بين النساء في بيرو.
وليست الهند وبيرو فقط هما اللتين تحاولان تحسين نواتج التعليم أو خلق مجتمعات أكثر إنصافا. وبالتالي، لماذا لم نصدِّر هذا النجاح؟
فقد حقق البنك الدولي العديد من النجاحات، ومع كل نجاح زادت المعرفة،
في السنوات الخمس الماضية وحدها، ساعدنا 100 مليون شخص في الحصول على وظيفة، فضلا عن توسيع سبل الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية لأكثر من مليار شخص، ومساعدة ما يقرب من 500 مليون طفل في الحصول على التعليم، وخفض انبعاثات الكربون بأكثر من 230 مليون طن سنويا.
وعلى الرغم من هذا التقدم المحرز، لا يزال الكثيرون لا يشعرون بأثر ما قمنا به. ولا يزال الكثيرون غير قادرين على الحصول على فرصة عمل والشعور بالعزة والكرامة.
ولا يزال الكثيرون يعيشون دون كهرباء أو تعليم جيد أو رعاية صحية كريمة. وكثير من مشروعات البنك الأكثر أثرا مجرد تقرير على رف.
وحتى يتسنى تغيير هذا الاتجاه، وإسعاد الناس، علينا توسيع نطاق الحلول الأكثر أثرا ومحاكاتها، لا سيما وقد وصلنا إليها بجهد شاق.
وسنقوم بذلك على نحو يجعل سبل الوصول إلى البنك الدولي ميسورة، فضلا عن تفهم ما يقوم به، والتواصل معه.
أولا، على البنك طرح المعرفة التي يتمتع بها في صدارة نموذج العمل القُطري، أي أطر الشراكة القطرية التي يعدها البنك للبلدان الأعضاء. والجلوس كشركاء مع الحكومات، والعمل على صياغة خطة تنمية مركزة تجمع بين طموح الحكومات وخبرات وتجارب البنك الدولي.
ثانيا، المساعدة في إقامة مشروعات يمكنها الاستفادة من التمويل المصرفي وتشجيع هذه المشروعات وتنفيذها، وتعمل فرق عمل البنك المعنية بنقل المعرفة مع فرق العمل القطرية للاستفادة من جميع عروض البنك الدولي، ويمثل ذلك قوة مضاعفة للحكومات عند الحاجة إلى قدرات إضافية.
وأخيرا، دفع عجلة العمل من خلال قيادة فكرية تمضي قدما بالبنك والعالم وتطرح الأفكار الكبيرة من خلال أبحاث وتقارير وعمليات البنك على نطاق أوسع.
وسيتم تنظيم نشاط البنك بشأن نقل المعارف - أطر الشراكة القطرية، وتشجيع المشروعات التي يمكنها الاستفادة من التمويل المصرفي، والقيادة الفكرية للبنك - في خمسة قطاعات بسيطة:
الناس – الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية؛
الرخاء - الوظائف والسياسة الضريبية والسياسة الاقتصادية والشمول المالي وأنشطة الأعمال الصغيرة؛
الكوكب - الهواء والماء وصحة التربة والتنوع البيولوجي والغابات والتكيف مع المناخ والتخفيف من آثاره؛
البنية التحتية - الطرق والجسور والطاقة؛
التكنولوجيا الرقمية- لأنها ستحول عالمنا وستجعل كل شيء ممكنا.
وعلى مستوى هذه القطاعات الخمسة التي نُسأل عنها، سنقيس الأثر الذي سنحققه على المساواة بين الجنسين، وخلق فرص عمل للشباب، والأثر المحقق في مواجهة تغير المناخ.
وفي ثنايا خزائن المعرفة بالبنك الدولي، نجد التحديات الثمانية التي تواجهه: التكيف مع تغير المناخ والتخفيف من آثاره؛ والهشاشة والصراع؛ والوقاية من الأوبئة والتأهب لها؛ والحصول على الطاقة؛ والأمن الغذائي والتغذوي؛ والأمن المائي والحصول على الماء؛ والرقمنة؛ وحماية التنوع البيولوجي والطبيعة.
وكل هذا منظم على نحو يضمن تحقيق الأثر المرجو على نطاق واسع،
فضلا عن تحسين مكانة البنك. وحتى مع تحقيق التعاون بين الحكومات والمؤسسات متعددة الأطراف والمؤسسات الخيرية، سنظل نبحث عن الإجادة والتميز.
ونحن بحاجة إلى موارد وإبداعات القطاع الخاص وأثره الممتد على أرض الواقع.
وإلى الآن، عملت مؤسسة التمويل الدولية مع القطاع الخاص باستخدام 5.6 مليارات دولار فقط من رأس مال البلدان المساهمة لتعبئة 162 مليار دولار من استثمارات القطاع الخاص.
ولم نبلغ بعد التقدم الحقيقي والهادف والمستدام.
وحتى يتسنى فهم هذه المفارقة، أطلقنا مختبر استثمارات القطاع الخاص، وقمنا
بتعيين 15 من الرؤساء التنفيذيين الرواد في العالم في شركات لإدارة الأصول والبنوك وشركات التشغيل.
ونقوم حاليا باستكشاف الفرص المتاحة للبنك للمساعدة في تخفيف المخاطر، ودفع العمل على مستوى السياسات لجذب الداخلين الجدد إلى السوق، وضمان إمكانية تمويل المشروعات من خلال البنوك الأخرى.
ونسعى جاهدين لإحداث تغيير على مستوى المنظومة بأكملها.
ويركز هذا المختبر في البداية على زيادة الاستثمارات الخاصة في مشروعات الطاقة المتجددة والتحول في استخدام الطاقة في البلدان النامية بحثا عن أفكار قابلة للتنفيذ لخفض منحنى النمو شديد الانبعاثات.
وهناك بالفعل بوادر أمل.
وفي الاجتماع الأول، حددنا مجموعة من الأسواق، يتمتع كل منها بإمكانيات لجذب استثمارات رأس المال الخاص، وكل منها يواجه تحديات يجب أن نعالجها.
وحددنا أفكارا مبكرة لكيفية قيام البنك بتعبئة التمويل الخاص على نحو أفضل.
وكان من بين هذه التدابير توحيد إصدار الضمانات على مستوى مجموعة البنك الدولي بأكملها، وتبسيط الحصول عليها ودعم خطة نمو طموحة للوكالة الدولية لضمان الاستثمار على مدى السنوات القليلة المقبلة.
ونظرا للطلب القوي على هذه الأداة الفعالة، فإننا نعمل بالفعل في الوقت الراهن لاستكشاف أساليب لطرحها.
ونحن نطلب الكثير من القطاع الخاص.
كما نطلب منه العمل في أماكن وفي حالات تتجاوز نطاق خبراته وإمكاناته، وفي مجالات تطرق إليها البنك الدولي منذ سنوات.
وإذا كنا نطلب من الآخرين أن يتبعونا، علينا إعطاؤهم خارطة الطريقة الخاصة بنا.
وهذا يعني إعطاء مستثمري القطاع الخاص ووكالات التصنيف الائتماني بيانات صالحة للاستخدام من قاعدة بيانات مخاطر الأسواق الصاعدة العالمية، التي تم تطويرها في الأصل لتقديم المعلومات اللازمة لاستثماراتنا.
وفي رأينا أن الشفافية تلهم الثقة وتؤدي إلى اتخاذ قرارات بناء على معلومات وافية، والمخاطرة، والاستثمار في نهاية المطاف في الأسواق الصاعدة.
وخطتنا هي إصدار هذه البيانات في غضون أشهر.
ونحن نعمل الآن، بالتنسيق مع بنوك التنمية متعددة الأطراف الأخرى، على إعادة بناء قاعدة البيانات وتنقية البيانات لضمان جودتها. وهذه خطوة أولى، ونحن مستمرون في استكشاف ما يمكننا القيام به من خلال البيانات التي لدينا لتعبئة رأس المال الخاص.
وينبغي أن يتجاوز إخلاصنا وتفانينا مجرد القول إلى الفعل.
ونحن نعمل على رفع كفاءتنا، ونقدم الحوافز لتحقيق النواتج وليس المعطيات، ونضمن تركيزنا على صرف الأموال، وعلى زيادة عدد الفتيات الملتحقات بالمدارس، وعدد فرص العمل التي يتم توفيرها، وعدد الأطنان من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون التي يتم تفادي اطلاقها، وقيمة الأموال التي تمت تعبئتها من القطاع الخاص.
وهذا هو السبب في أننا نعيد صياغة بطاقة قياس الأداء المؤسسي لمجموعة البنك الدولي من القاعدة إلى القمة. ونتجه نحو تحقيق النتائج والاستناد إلى الأدلة والشواهد، وبالتالي خفض عدد بنود البطاقة من 153 إلى 20.
وهذه البطاقة هي مقياس المساءلة والمسؤولية المنوطة بنا، والدليل الإرشادي لفرق العمل التابعة لنا.
وبكل المقاييس، فإن البنك الدولي أفضل اليوم مما كان عليه بالأمس.
ولدينا رؤية ورسالة جديدتان، ونطلب أقصى قدر من الأموال من ميزانية البنك، ونعمل على إطلاق الطاقات الكامنة للصندوق العالمي للمنافع العامة العالمية (صندوق الكوكب)، ونولي المؤسسة الدولية للتنمية الاهتمام الذي تستحقه.
وقد أصبحنا أسرع وأكثر كفاءة، ولدينا طرق جديدة للتصدي للأزمات، كما إننا نركز على بنك المعرفة لدينا على نطاق واسع، وندفع عجلة العمل من خلال القيادة الفكرية للبنك.
ونحن نتعاون مع الشركاء لتعظيم الأثر، كما نعمل جنبا إلى جنب مع القطاع الخاص.
وعلى الرغم من أننا في بداية الطريق، فإننا نحدث فروقا ملحوظة، ونتطور، ونعمل بوتيرة سريعة لتلبية الاحتياجات الملحة.
ولا ينبغي أن يكون طموح خارطة طريق التطور نهاية المطاف للبنك الدولي.
وعلى الرغم من أننا لا نملك جميع الإجابات الآن، وسيستغرق الأمر وقتا للوصول إلى الإجابات المطلوبة بشأن القضايا المطروحة الآن،
فإننا نملك الرغبة والطاقة والتركيز.
وهناك حدود جديدة يتعين استكشافها، مثل، الانتقال من القروض الصغيرة المقدمة حسب الاحتياجات إلى الاستثمارات الكبيرة الموحدة وفق معايير قياسية ويمكن طرحها في حزم مجمعة.
وإذا تم ذلك على النحو الصحيح، فبوسعنا أن نجتذب المؤسسات الاستثمارية، وصناديق التقاعد، وشركات التأمين، وصناديق الثروة السيادية، وتوظيف 70 تريليون دولار من هذه الجهات والمؤسسات في البلدان النامية.
وقد كان ذلك ضربا من الخيال في سنوات مضت، لكن آفاق الأمل لا تتقيد بإستراتيجية ما.
ونحن في الأيام الأولى لبناء مثل هذه المنصة، ولكن من خلال القيام بالعمل الجاد الآن، سنكون في وضع يسمح لنا بتحقيق النجاح لاحقا.
وهذا النجاح يمكن أن يتضاعف بصورة أكبر من خلال التعاون مع بنوك التنمية متعددة الأطراف لتعبئة قدر أكبر بكثير من رأس المال الخاص مقارنة بأي وقت مضى.
وعلينا ألا ننسى أننا لن نبدأ من المربع الأول،
وفي كل يوم، يبذل ملايين الأشخاص قصارى جهدهم ليكونوا جزءا من الحل، وهناك أمثلة حقيقية للعمل.
ففي نيجيريا، يستخدم أصحاب المتاجر الطاقة الشمسية لإبقاء متاجرهم مفتوحة حتى وقت متأخر من المساء.
وفي إندونيسيا، تعمل جهود إعادة تأهيل غابات المانغروف على الحد من انبعاثات الكربون، وخلق فرص عمل مستدامة للنساء، وحماية المجتمعات المحلية من الفيضانات.
في فييتنام، يتبنى مزارعو الأرز أساليب جديدة لخفض انبعاثات الميثان وزيادة الدخل.
ولا نعاني من نقص الحلول، لكن تنقصنا الشجاعة لتطبيقها.
والأمر المشجع أن الحلول متاحة، والموارد تحت تصرفنا، وما علينا سوى توسيع نطاق العمل.
وعلى سبيل المثال ، يمكننا تحسين الإنفاق،
كل عام يتم إنفاق 1.25 تريليون دولار على دعم الوقود الأحفوري والزراعة والثروة السمكية، وبعض هذه البنود مهمة للغاية ومطلوبة، ولكن في حالات أخرى يمكننا القيام بما هو أفضل،
والتكاليف الاقتصادية بسبب تسرب المخصبات الزراعي، وتلوث الهواء بغير سبب، والصيد الجائر تبلغ 6 تريليونات دولار كل عام.
ومن خلال إعادة تخصيص بعض هذه الأموال لتحفيز الممارسات المستدامة، يمكننا حماية الهواء والماء والغابات مع الاستمرار في مساندة من هم في أمس الحاجة إلى ذلك.
ولقد رأينا نجاح هذا الأسلوب،
وقد عملت أوروبا لسنوات على إعادة توجيه الدعم الذي كان يشجع الاستخدام المفرط للأسمدة والمخصبات. والآن، يذهب المبلغ نفسه إلى المزارع نفسه لتقليل استخدام الأسمدة، وتحقيق أثر إيجابي على المناخ.
ولا ينبغي أن ننتظر سنوات لتفعيل الحلول،
فنحن في المراحل النهائية من جهد امتد إلى 20 عاما لبناء أسواق الكربون الطوعية السليمة والشفافة.
وفي إطار هذا الجهد، تعلمنا مما فات للحماية من ظاهرة الغسل الأخضر (لتضليل المستهلكين) وضمان سلامة اعتمادات خفض الانبعاثات.
وهذا التأكيد جزء غاية في الأهمية من مفارقة شديدة التعقيد،
وإجراءات التحقق من السلامة هي الأساس للأسواق الصحية، لأنها تدعم ثقة المستثمرين وتؤدي إلى تحديد الأسعار على نحو أفضل، مما يمكن البلدان التي تنعم بالموارد الطبيعية من رؤية القيمة المحققة من تحويل هذه الأصول إلى أموال سائلة وحمايتها.
والأهم من ذلك تحقيق الدخل للأسر والمجتمعات المحلية.
وإذا نجحت أسواق الكربون الطوعية، من الممكن أن تزيد فيها معدلات السيولة والشفافية، فضلا عن زيادة المنافع المحققة للبلدان النامية.
وطموحنا هو تنمية هذه المنصة لتمويل خفض الانبعاثات في البلدان النامية وإفادة المجتمعات المحلية،
ولا توجد حدود لطموحاتنا وآمالنا،
ونبذل قصارى جهدنا لنكون بنكا أفضل لأننا بحاجة إلى بنك أكبر حجما ومكانة، وهذا الطموح سيكون على المحك.
وتوضح جميع التقديرات تقريبا أن إحراز تقدم كاف يتطلب تريليونات الدولارات سنويا؛ وهذه المبالغ تتجاوز بكثير إطار كفاية رأس المال. ويمكن للقطاع الخاص أن يساعد في ذلك.
ولكننا سنحتاج إلى بنك أكبر لزيادة قدرتنا التمويلية، وتحمل المزيد من المخاطر لتشجيع الاستثمار، ودعم محاكاة المشروعات والعمليات الناجحة، وأعمال التوسع التي يستعد البنك الدولي لإنجازها.
والبنك الدولي مجرد أداة لتحقيق طموحات البلدان المساهمة فيه، والتقدم الذي نطمح إلى تحقيقه يتطلب أن تتناسب مواردنا ورؤوس أموالنا مع رؤيتنا والمطالب الملقاة على عاتقنا.
والحكمة التي توارثناها هي أننا نستطيع إنجاز الأعمال الكبيرة معا.
ويعتقد كل جيل أن مجموعة التحديات التي تواجهه هي الأشد وطأة والأكثر صعوبة وعنادا.
لكن البشرية لم تواجه قط مجموعة من المشكلات المعقدة والشديدة التي تمس الوجود الإنساني،
وأنا على رأس مؤسسة قامت على مبادئ السلام والتعاون، أردت في المرة الأولى التي أتحدث فيها إليكم أن تكون رسالتي ذات أثر وتبعث على التفاؤل،
وأكثر ما يعطيني الأمل قدرتنا على العمل معا لتحقيق هدف مشترك، لكن في كثير من الأحيان ننظر تحت أقدامنا، ولا نرفع أعيننا لاستكشاف ما حولنا،
لكن إذا كان هناك شيء واحد واضح اليوم، فهو تطلع البنك الدولي لاستكشاف آفاق المستقبل،
لقد ورثنا عقودا من المعرفة واستفدنا من سخاء كل أمة، والآن نحن مدعوون للقيادة، ولم نكن أبدا في وضع أفضل من الآن لتحقيق التقدم المطلوب.
والتمويل الذي نقدمه مورد جذاب، لكن الأكثر جاذبية وأهمية هو الإخلاص والتفاني،
والإبداع، والخبرات البشرية، والابتكار.
وهذه سمات البنك الدولي التي ستدفعنا قدما في هذه الرحلة. مع جزيل الشكر والتقدير.