النسخة المُعدة للإلقاء
نمر جميعا بلحظة حرجة وفارقة تلقي بتبعات جسام على الإنسان وعلى الكوكب، لكنها لحظة لا تخلو من الأمل، فموارد البلدان الغنية يمكن أن تخلق الفرص، وفي الوقت نفسه، فإن وفرة الموارد الطبيعية مثل الشمس والرياح والتربة الخصبة والشباب في بلدان الاقتصادات الصاعدة يمكن أن تكون قوة دافعة لبناء مستقبلنا.
إننا لا نعاني من نقص الحلول، لكن ما يكبلنا هو نقص الشجاعة لتطبيقها .
والبنك الدولي يعرف تماما ما يمكن تحقيقه عندما تتكاتف سواعد الجميع، فقد ورثنا عقودا من المعرفة واستفدنا من سخاء كل أمة، والآن نحن مدعوون لتولي القيادة، ولم نكن قط في وضع أفضل مما نحن عليه الآن لتحقيق التقدم المطلوب.
وكان هذا حافزا لنا على وضع رسالة ورؤية جديدتين: خلق عالم خالٍ من الفقر على كوكب صالحٍ للعيش فيه.
ولهذا، عملنا على توسيع نطاق أنشطة البنك الدولي، بما يعكس الواقع الذي يقول بأن رفاهية الاختيار كانت من نصيب الجيل الأخير، وأن ما نواجهه من تحديات لا يمكن التصدي له بصورة مجزأة.
إن تفانينا لا يتجسد في أقوالنا وحسب بل يجب أن يتحقق في الأفعال.
وفي عام 2021 ، حددنا هدفا لتمويل العمل المناخي يتمثل في تحقيق متوسط 35% من التمويل المقدم بحلول عام 2025. وقد حققنا هذا الهدف قبل الموعد المحدد، لكن هذا ليس وقت الاحتفال، بل هو وقت الانطلاق، وعلينا أن نشمر عن سواعد الجد والإخلاص.
واليوم، يضع البنك الدولي هدفا طموحا يتمثل في تخصيص 45% من التمويل الذي يقدمه سنويا للعمل المناخي بحلول عام 2025.
إننا ندفع هذا الطموح قدما بوتيرة سريعة، ونقوم بتوظيف أكثر من 40 مليار دولار سنويا بزيادة بلغت 9 مليارات دولار مقارنة بالمستهدف الأصلي. ونسعى للتأكيد على استخدام موارد البنك الدولي للإنشاء والتعمير والمؤسسة الدولية للتنمية لأغراض التخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معه على نحو متوازن ومنصف، وذلك لأننا جميعا نعاني من تغير المناخ، ولكننا نشعر بآثاره وتبعاته على نحو مختلف.
فعلى سبيل المثال، يعرف كل شخص في منطقة البحر الكاريبي معنى العيش في ظل الخوف والزعر من عدم وقف واحتواء تغير المناخ. وهم يعلمون أنه عندما يضرب الإعصار، فإنه لا يحصد الأرواح ويدمر المنازل والطرق فحسب، بل يجعلهم خارج نطاق الزمن، فتعود عقارب الساعة إلى الوراء، ويُمحى التقدم الذي تحقق بشق الأنفس.
وعندما تقع الكوارث، يشعر القادة بالقلق على الناس والمجتمعات، ويعملون على توفير المياه النظيفة والغذاء والطاقة، كما يشعرون بالأسى بسبب الخسائر في الأرواح.
وفي تلك اللحظات، تظهر حاجتهم إلى شريك موثوق فيه يعمل معهم كتفا بكتف – ولن يكون هذا الشريك إلا البنك الدولي .
فينبغي للبلدان أن تشعر بطمأنينة إذا حلت بها كارثة، فنحن سندٌ وعونٌ ولا نتخلى عن أحد.
ولهذا، نعمل اليوم على توسيع نطاق دليل إدارة الأزمات، والوفاء بوعودنا بشتى الطرق، لا سيما من خلال:
- توسيع نطاق شروط الديون المعنية بالقدرة على الصمود لتشمل جميع القروض الحالية للبلدان الأكثر تعرضًا للمخاطر.
- تأجيل السداد، لا لأصل المبلغ وحسب بل لمدفوعات الفائدة كذلك.
- المساعدة في تغطية الرسوم والمصروفات بموارد ميسرة، حتى يتسنى للبلدان تعويض التكاليف.
وكل هذا ليس سوى النزر اليسير في هذه الرحلة الطويلة والشاقة، وسنبذل كل ما في وسعنا لتقديم المزيد والمزيد. فما نحققه من أثر ملموس كل يوم في حياة الناس والشعوب هو المبرر الشرعي لوجودنا.
وخلال الأيام القليلة المقبلة، سيعلن البنك الدولي عن تفاصيل برنامج خفض انبعاثات الميثان، وخارطة طريق لأسواق الكربون التي تتمتع بدرجة عالية من السلامة والنزاهة، وسيناقش التقدم المحرز بشأن مختبر استثمارات القطاع الخاص التابع للبنك، كما سيحدد الجهود التي تستهدف تعميق الأثر الجماعي لبنوك التنمية متعددة الأطراف.
وهذه الرحلة تتطلب العمل والتفاني. وبدورنا، علينا في مجموعة البنك الدولي أن نبث روح التفاؤل والأمل وأن نُحدِث الأثر المرجو.
وبينما نتزود في هذه الرحلة بالأمل والرجاء، فإن النتائج لن تتحقق إلا بالعمل والجد والتفاني.
مع جزيل الشكر والتقدير.