النسخة المعدة للإلقاء
شاهد إعادة الفعالية التي تم بثها مباشرة
إنه لشرف لي أن أقف أمامكم في هاتين اللحظتين الفارقتين والمهمتين لمجموعة البنك الدولي:
- لحظة الاحتفال بما أنجزناه خلال 80 عاماً والتأمل في الدروس التي تعلمناها؛
- لحظة إحياء الاحتفال بمرور عام من التغيير والعمل الجاد والتقدم، والاستعداد للجيل القادم من التحديات.
لقد جاء إنشاء البنك الدولي في وقت عصيب يموج باضطرابات عالمية، في عام 1944 أثناء انعقاد مؤتمر بريتون وودز، رداً على الدمار واسع النطاق الذي خلفته الحرب العالمية الثانية. وقد تركز الغرض الأصلي للبنك الدولي للإنشاء والتعمير على مساعدة البلدان التي مزقتها الحروب من أجل إعادة البناء.
وفي أثناء هذه المناقشات المبكرة، طُرح نقاش جاد تناول هذا السؤال: هل ينبغي للبنك الدولي أن يركز فقط على إعادة الإعمار؟ أم هل يمكنه أن يؤدي دوراً أوسع نطاقاً في تعزيز التنمية العالمية؟
ومنذ ذلك الحين، استمرت احتياجات العالم في التطور، وتطور معها البنك الدولي.
ومرة أخرى، نجد أنفسنا عند مفترق طرق على نحو ما حدث منذ الإنشاء، حيث تأتي إعادة الإعمار في المقدمة بسبب الحروب الدائرة في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، فلقد علمتنا دروس الماضي كيف نعيد البناء اليوم في ظل ما يحدث في الوقت الراهن من صراعات.
وعلى الرغم من ضرورة إعادة الإعمار، فإن تركيزنا قد تحوّل نحو مزيد من التنمية.
وهنا يكمن صميم عمل البنك الدولي الذي يتمثل في مساعدة البلدان على تجاوز الظروف الصعبة لتمكين الناس من تحقيق كامل إمكاناتهم.
إننا نواجه اليوم عالماً شديد التعقيد بشكل لم نره من قبل، تتشابك فيه أزمات الفقر وتغير المناخ والصراعات والجوائح. وتستلزم المستجدات والاشتراطات الحديثة لإعادة الإعمار والتنمية مؤسسة أسرع وأبسط وأكثر تأثيراً، وأكثر قدرة على التصدي لتحديات عصرنا على نحو غير مسبوق.
وهذا بالضبط ما دعت إليه البلدان المساهمة والمتعاملة مع البنك عندما شرفت بهذا المنصب قبل 16 شهراً، وهو تكليف للعمل مع موظفي البنك بهدف تطويره على النحو المخطط له. وقد شرعنا معاً في هذه المسيرة لبناء بنك أفضل وتفعيل هذه الرؤية.
لقد حققنا تحسينات وتطورات ملموسة في جميع وحدات البنك، كما أحرزنا تقدماً نحو تحقيق ذلك الوعد. وأشعر بالتفاؤل حيث إننا نسير في الاتجاه الصحيح الذي اتسم بمعالم بارزة يمكن قياسها وتحديدها، لا سيما تبسيط العمليات، وتوجُّهنا نحو إحداث المزيد من الأثر، فضلاً عن زيادة قدرتنا على الإقراض.
أولاً، إننا نعمل اليم على نحو أسرع.
وكما تعلمون إن تأخر عملية التنمية يعني الحرمان من ثمارها.
ومن خلال تبسيط إجراءات العمل لدينا، يمكننا الانتقال من التخطيط إلى العمل بوتيرة أسرع، وبالتالي خفض الوقت المطلوب لإنجاز ما تحتاجه البلدان التي نخدمها.
- لقد خفّضنا الوقت المطلوب للموافقة على المشروعات من 19 شهراً في المتوسط إلى 16 شهراً. وهدفنا هو الوصول إلى 12 شهراً في يونيو/حزيران 2025.
- إن الواقع شاهد على ما نقوم به، فباستخدام المنصات التي قمنا بإنشائها، وافقنا على مجموعة من المشروعات ذات الخصائص المماثلة في مجال الصحة في 5 بلدان أفريقية، حيث استغرقت الموافقة على كل مشروع أقل من 100 يوم، وبعضها في غضون 30 يوماً. وفي منطقة المحيط الهادئ، وافقنا في غضون 10 أشهر على مشروع لدعم البنوك المراسلة مع 7 بلدان.
ثانيا، إننا اليوم أكثر بساطة.
ولا ينبغي للإجراءات والشكليات أن تتجاوز المضمون.
ويساعد تبسيط إجراءات عمل مجموعة البنك الدولي على العمل بقدر أكبر من الكفاءة والتيسير مع المتعاملين معها، لا سيما من لا يملكون قدراً كبيراً من الإمكانات، للحصول على خدماتها.
- نقوم في الوقت الراهن بإعداد إطار موحد للشراكة القطرية، وقد قمنا بتعيين 21 مديراً قطرياً يمثلون بصورة مشتركة جميع مؤسسات المجموعة وهي البنك الدولي للإنشاء والتعمير، والمؤسسة الدولية للتنمية، والوكالة الدولية لضمان الاستثمار، ومؤسسة التمويل الدولية. وعلى الرغم من أن الوقت مازال مبكراً، فإننا نشهد نقلة نوعية ومستوى جديداً من التعاون فيما بين جهاز الإدارة والموظفين. ولقد كانت الآراء المبدئية من البلدان المعنية مشجعة، وبناءً عليه نحن بصدد التوسع في هذا الأمر لتطبيق ما قمنا به على 20 بلداً آخر مع أوائل العام المقبل.
- في الوقت نفسه، قمنا بتنفيذ سلسلة من التغييرات التي قد لا تُرى الآن، ولكن سيشعر بها المتعاملون معنا وشركاؤنا في القريب. ومن خلال توحيد وتجميع العديد من وظائف الدعم الإداري، لا سيما إعداد الموازنات، والمشتريات المؤسسية والأملاك العقارية، يمكننا تقديم الخدمات بوتيرة أسرع، والعمل على نحو أفضل كمجموعة واحدة.
- نعمل الآن على أن نكون شريكاً أفضل لبنوك التنمية متعددة الأطراف لتعزيز التعاون وتضافر الجهود، فخلال العام الماضي، أقام البنك الدولي شراكات رسمية مع 5 مؤسسات أخرى، للتعاون في شتى المجالات مع بنك التنمية للبلدان الأمريكية في غابات الأمازون، والتعاون في مجال التجارة العابرة للحدود مع البنك الإسلامي للتنمية، وتدعيم الخدمات الصحية مع البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية. واستشرافاً لآفاق المستقبل، سنقوم في القريب بوضع الصيغة النهائية لاتفاق مع البنك الآسيوي للتنمية من شأنه تحقيق المزيد من الكفاءة للمتعاملين معنا.
- حيث إننا مجموعة من بنوك التنمية متعددة الأطراف، فقد أعددنا منصة إلكترونية تتيح للمؤسسات الإنمائية تبادل المعلومات الخاصة بالمشروعات للحصول على تمويل مشترك، ومناقشتها على نحو آمن وشفاف. وتؤدي هذه المنصة الجديدة إلى خفض الأعباء الإدارية وتكاليف العمليات، وتحسين تنسيق التمويل، وفي نهاية المطاف زيادة الأثر الإنمائي. وفي غضون 6 أشهر فقط، أصبح لدينا 100 مشروع جاهز للتمويل، وبدأ تمويل بعضها بالفعل.
ثالثاً، لقد أصبحنا أكثر توجهاً نحو إحداث المزيد من التأثير الإيجابي.
وما يهمنا هو تحقيق النتائج المطلوبة.
ومن خلال إعطاء الأولوية للنتائج القابلة للقياس، فإننا نعزز المساءلة، ونركز الجهود على مستوى جميع وحدات البنك، ونضمن أن تؤدي مشروعاتنا إلى إحداث تغيير حقيقي.
- لقد تطورنا إلى بنك جديد للمعرفة ولدينا الكوادر المناسبة لقيادة كل قطاع من قطاعات المجموعة. وهذه الكوادر تركز على طرح خبراتنا وتجاربنا لوضع أطر الشراكة القطرية، ومساعدة البلدان على التغلب على التحديات المتعلقة بنقص القدرات بهدف إعداد مشروعات تصلح للتمويل.
- لقد أعدنا تصميم بطاقة قياس الأداء المؤسسي حيث تم خفض بنود التقييم من 150 إلى 22 بنداً. وهذه الحزمة المبسطة من المؤشرات تساعد في إحداث التحول الثقافي الذي ندعمه، مما يعزز جهودنا على مستوى جميع وحدات وقطاعات مجموعة البنك الدولي لتعظيم الأثر المنشود. وفي الأسبوع الماضي، نشرنا نتائج خط الأساس بواقع 20 مقياساً وأعلنا عن صيغ ومعادلات القياس الخاصة بنا، وبذلك نسمح للبلدان المساهمة والجهات المتعاملة معنا ودافعي الضرائب رؤية الأثر الذي نحققه، والمجالات التي تتطلب منا بذل المزيد من الجهود.
رابعاً، أصبحنا أكثر تنظيماً مع زيادة قدرتنا الإقراضية.
ومن خلال الاستفادة من أدواتنا المالية على نحو إستراتيجي، يمكننا توسيع نطاق وصولنا إلى من يحتاجون إلى خدماتنا، وتعميق أثرنا دون المساس بالاستدامة المالية لمجموعة البنك الدولي.
وقد سعينا بصور جادة إلى تطبيق تدابير كفاية رأس المال وقمنا بتعزيز مركزنا المالي بزيادة القدرة الإقراضية للبنك الدولي للإنشاء والتعمير بواقع 150 مليار دولار على مدى السنوات العشر القادمة. وقد تحققت هذه النتيجة بفضل الأدوات الجديدة وسخاء البلدان المساهمة. ويشمل ذلك أدوات رأس المال المختلط، وضمانات محافظ الاستثمار، وخفض نسبة المساهمات في رأس المال الملكية إلى القروض مرتين في عامين.
وقد بنينا على هذا الأساس من خلال تقديم أدوات جديدة وتوسيع نطاق الحلول المعروفة الأخرى.
- على سبيل المثال، قدمنا تمويلاً بأجل 50 عاما لسلع النفع العام العالمية دون أي تكلفة إضافية. وحتى يتسنى تلبية مجموعة متنوعة من الاحتياجات، بدأنا في تقديم قروض أقصر أجلاً مدتها 4 سنوات وبأسعار أقل.
- إننا نبحث عن سبل لتوسيع نطاق أدواتنا التمويلية المختلفة التي تحقق نتائج ملموسة، حيث تخلق هذه الأدوات حافزاً قويا لتحقيق النواتج المطلوبة، وتشكل جزءاً حقيقياً من مجموعة أدواتنا. وقد شكلت هذه الأدوات معاً ما يصل إلى نحو نصف قروض البنك الدولي للإنشاء والتعمير والمؤسسة الدولية للتنمية في العام الماضي.
- أدى نهج صرف التمويل مقابل النتائج المحققة وإضافة حافز لتخفيض أسعار الفائدة لمشروعات المنافع العامة العالمية إلى إطلاق صندوق الكوكب. وقمنا بتوفير رأس المال المطلوب للصندوق بقيمة 200 مليون دولار من الدخل الذي نحققه، إلى جانب الدعم المبكر من الدانمرك وألمانيا وأيسلندا واليابان. ونهيب بالحكومات والمؤسسات الخيرية الأخرى أن تشارك في هذا الصندوق.
- قبل نهاية هذا العام، سنطلق برنامج تسهيلات لإعداد المشروعات، وسيتم تمويله من دخل البنك الدولي للإنشاء والتعمير، بهدف مساعدة البلدان التي تواجه تحديات تتعلق بنقص القدرات وتحويل الأفكار إلى مشروعات تصلح للتمويل.
- قمنا بتطوير آلية جديدة لتعزيز قيمة رأس المال تحت الطلب الذي يمكن أن تقوم البلدان المساهمة بتقديمه لتحقيق الأثر المطلوب.
- اتخذنا إجراءات جوهرية بشأن تسعير قروض البنك الدولي للإنشاء والتعمير لضمان قدرة البلدان متوسطة الدخل على الاقتراض منا بشروط أفضل. ويسمح جزء من هذا التعديل في الأسعار للدول الصغيرة، المؤهلة بالفعل بموجب شروط الديون المعنية بالقدرة على تحمل تغير المناخ، بالاقتراض بأدنى مستوى تسعير لدينا.
وتمثل جميع هذه العناصر جزءاً من جهود دؤوبة. وبالتالي لن نترك أي فرصة تتاح لنا في أي وقت لتحسين مركزنا المالي وتعظيم الاستفادة منه، فعندما يقترن التمويل ميسور التكلفة بمعرفتنا، فإنه يخلق محركاً قويا للتنمية.
لقد تجسدت روح البذل والعطاء في حملتنا لإعادة تجديد موارد المؤسسة الدولية للتنمية.
وعلى مدى 6 عقود من الزمان، تخرّج 36 بلداً من أهلية الاقتراض من المؤسسة. وأصبح الكثير منها الآن مانحين يقدمون التبرعات بسخاء، وهذه البلدان تدرك 3 أشياء:
- أولاً، قوة المنح والقروض الميسرة للغاية التي تقدمها المؤسسة.
- ثانياً، ما اكتسبته المؤسسة من معارف على مر السنين لبناء قدرات البلدان الأخرى.
- ثالثاً، القدرة الفريدة للمؤسسة على مضاعفة كل دولار يتم التبرع به بواقع 3.5 إلى 4 أمثال تعطي المانحين أثراً أكبر لكل دولار، وتمنح البلدان المتعاملة معها القدرة على القيام بمشروعات إنمائية أكبر. وقد ساعد ذلك المؤسسة على تقديم 270 مليار دولار خلال السنوات العشر الماضية
وهذا أفضل إنجاز على صعيد التنمية، أما المنافع التي يحصل عليها الناس فهي أكبر من الأموال التي نستثمرها.
وعلى مدى السنوات العشر الماضية، ساعدت المؤسسة الدولية للتنمية في تقديم الخدمات الصحية إلى نحو 900 مليون شخص في جميع أنحاء العالم، وتوفير الكهرباء بصورة منتظمة لما يقرب من 117 مليون شخص، فضلاً عن توفير المياه النظيفة لنحو 94 مليون آخرين. وساعدت المؤسسة أكثر من 18 مليون مزارع على زيادة معدلات النمو وتقليل الفاقد وتحسين دخولهم وأرباحهم.
وفي الوقت نفسه، تمثل المؤسسة شريان حياة لأشد بلدان العالم فقرا البالغ عددها 78 بلداً، وستنفق هذه البلدان ما يقرب من نصف إيراداتها على خدمة الديون هذا العام، ويذهب الجزء الأكبر من هذا الإنفاق إلى الصحة والتعليم والبنية التحتية. وفي ظل هذه الظروف الصعبة، قدمت 16 مليار دولار على مدى السنوات الأربع الماضية للبلدان الأربعة المشاركة في الإطار المشترك للتنمية والسيولة. وكان نصف هذه المبالغ منحاً صافية ونصفها الآخر بشروط ميسرة.
ونحن نبذل كل ما في وسعنا لضمان حصول المؤسسة على ما يلزمها من موارد كي تكون فعالة. كما نعتقد أن زيادة تركيز عمل المؤسسة وتبسيط إجراءاتها يتيح أفضل فرصة لتحقيق الاستقرار والأمن ودفع عجلة التنمية قدماً.
ومع الوقت، زاد عدد المقاييس والمؤشرات التي تستخدمها المؤسسة إلى ما يقرب من 1100 مقياس ومؤشر. وتعمل المؤسسة حاليا على خفض هذا العدد إلى أقل من 400، مما يتيح للبلدان المتعاملة معها مزيداً من الحرية لتحديد أولويات التنمية لديها وصياغتها وفق السياقات الخاصة بها.
نأمل في قمة إعلان التبرعات للمؤسسة الدولية للتنمية، التي ستستضيفها كوريا الجنوبية في ديسمبر/كانون الأول، أن نتمكن من إحاطة البلدان الثمانية والسبعين، التي تعتمد على المؤسسة، بتوفير الموارد الكافية لها وزيادة تبسيط إجراءاتها وعملها.
وحتى مع التحسينات التي طرأت كي نكون بنكاً أفضل، وزيادة رأس المال، علينا تحفيز القطاع الخاص على المشاركة كعامل مضاعف للقوة.
وللمساعدة في تحقيق ذلك، نشرنا بيانات نملكها بشأن الاستثمارات لبناء الثقة لدى المستثمرين بطريقتين:
- أولا، نشرنا ــ من خلال قواعد بيانات الأسواق الصاعدة العالمية ــ معدلات تخلف القطاع الخاص عن السداد ومعدلات استرداد الديون مقسمة حسب البلدان والقطاعات؛ كما نشرنا إحصاءات التخلف عن سداد الديون السيادية ومعدلات استرداد الديون التي يعود تاريخها إلى 40 عاماً. وهذه البيانات متاحة الآن على موقع وكالة بلومبرغ (Bloomberg Terminals).
- ثانيا، نشرت مؤسسة التمويل الدولية مؤشرات ومقاييس تخلف مؤسسات القطاع الخاص عن السداد موزعة حسب التصنيف الائتماني للمقترضين.
والبيانات وحدها لن تحقق لنا ما نريده.
وبحسب تقديرات الأمم المتحدة، فإن هناك حاجة إلى 4 تريليونات دولار إضافية سنوياً لتحقيق الأهداف الإنمائية. ولا تتوفر هذه الموارد لدى الحكومات، أو البنوك متعددة الأطراف، أو المؤسسات الخيرية. وبالتالي، فنحن بحاجة إلى القطاع الخاص، وحتى يمكن إشراك مؤسسات القطاع الخاص، يجب أن ترى فرصاً واضحة لتحقيق عائد على استثماراتها.
وقد حدد مختبر استثمارات القطاع الخاص لدينا، الذي أنشئ لمعالجة اختلال التوازن في مصادر الطاقة المتجددة، 5 مجالات للتركيز. ونحن نمضي قدما على مستوى كل مجال، ونتطلع إلى تعميم الدروس المستفادة في مجالات عمل أخرى.
- أولا، اليقين بشأن اللوائح التنظيمية والسياسات. نقوم حالياً باختبار قدرتنا على مساعدة الحكومات في هذا الشأن، بمشاركة صندوق النقد الدولي والبنك الأفريقي للتنمية، من خلال مبادرتنا لتوصيل الكهرباء إلى 300 مليون شخص في أفريقيا.
- ثانياً، التأمين ضد المخاطر السياسية. لقد قمنا بتبسيط أنشطة الضمانات التي نقوم بها مع استخدامها على النحو الأنسب. وأصدرنا بالفعل ضمانات في هذه السنة المالية تزيد ثلاث مرات عما أصدرناه في هذه الفترة من العام الماضي، وسيكون بوسعنا تحقيق المزيد بمجرد تفعيل المنصة على نحو تام.
- ثالثا، مخاطر العملات الأجنبية. ندرك تماماً أن تطوير أسواق رأس المال المحلية وتنميتها على نحوٍ كافٍ من العمق والاتساع هو أفضل طريقة لمساعدة المستثمرين على إدارة هذه المخاطر. ونحن نساعد العديد من البلدان على تجاوز هذا التحدي في سياق مراحلها المختلفة من مسيرة التقدم.
في الوقت نفسه، نسعى إلى أفكار أخرى، على سبيل المثال، صندوق متعدد المستويات لتقاسم مخاطر النقد الأجنبي بهدف توزيع المخاطر على القطاع الخاص والحكومات والبنك الدولي فيما يتعلق بالمشروعات الأطول أجلاً. ونعمل على استخدام فوائض الودائع بالعملة المحلية في البنوك التجارية لزيادة الإقراض بالعملة المحلية. وعلى نحو منفصل، حققت مؤسسة التمويل الدولية نجاحاً في الإقراض بالعملة المحلية، وقد بلغ هذا الإقراض نحو ثلث قروضها.
- رابعا، توفير مساهمات في رأس المال لتحمل الخسارة والمخاطر الأولى. نحن بصدد إنشاء صندوق للفرص المبتكرة بهدف تحفيز القطاع الخاص من خلال المشاركة في المخاطر، وسنعلن عنه في غضون أسابيع. وسيأتي التمويل المبدئي لهذا الصندوق من صافي دخل مؤسسة التمويل الدولية. وحتى يتسنى تحقيق النطاق المطلوب لهذا الصندوق، سنحتاج إلى دعم من مانحين ومؤسسات خيرية.
- خامسا، إنشاء فئة من الأصول أو بعبارة أخرى، نماذج إنشاء القروض ومنحها، وسنقوم بتوسيع جهودنا في مجال التوريق من خلال تشكيل مجموعة جديدة يقودها دوغ بيترسون الرئيس التنفيذي لوكالة ستاندرد آند بورز. وستضم هذه المجموعة أطرافاً فاعلة رئيسية مثل مؤسسة بلاك روك وبنوك تجارية ومؤسسات استثمارية أخرى. وهدفنا هو الانتقال من تقديم قروض صغيرة حسب الاحتياجات إلى أدوات مالية تتضمن العديد من القروض أو الأصول أو الأوراق المالية المجمعة. وسيتطلب ذلك، على سبيل المثال لا الحصر، وضع معايير قياسية للقروض والمستندات ذات الصلة، سواء من جانبنا أو من البلدان المتلقية. وفي إطار ذلك، يمكن الحصول على مبالغ مالية كبيرة من المستثمرين، لا سيما صناديق المعاشات التقاعدية وشركات التأمين وصناديق الثروات السيادية.
وليس من السهل جذب المزيد من الاستثمارات الخاصة،
فالأمر سيستغرق بعض الوقت،
لكننا عقدنا العزم على تحقيق ذلك الهدف.
ومع الإصلاحات التي نفذناها والإصلاحات الأخرى الجارية، فإن مجموعة البنك الدولي في وضع يؤهلها لتنفيذ مشروعات أكبر وأكثر طموحاً، بهدف تسريع وتيرة الجهود الرامية إلى تحقيق رسالتنا المتمثلة في خلق عالم خال من الفقر على كوكب صالح للعيش فيه.
ويتجلى ذلك في المهمة 300، التي تستهدف توفير الكهرباء لنحو 300 مليون أفريقي بحلول عام 2030 بالتعاون مع البنك الأفريقي للتنمية. وقد شاركتنا مؤسسة روكفلر في هذه الجهود، حيث نعمل معاً على جذب المزيد من المؤسسات الخيرية والمستثمرين.
وفي الوقت نفسه، تعكف فرقنا الميدانية على إعداد تحليلات لكل بلد على حدة تتناول الحواجز والمعوقات التي تواجه كل منها. ويتضح من ذلك ضرورة توفير مزيج من شبكات الكهرباء الصغيرة الموزعة، وتحسين شبكات النقل والتوزيع، وتوفير المرافق التي لديها قدر مناسب من التمويل. ونتوقع أن تكون هناك حاجة إلى استثمارات بقيمة 30 مليار دولار على الأقل من القطاع العام والحكومات، وستقدم المؤسسة الدولية للتنمية جزءاً كبيراً من هذا المبلغ.
وسيتم القيام بهذا العمل في أوائل العام المقبل مع مؤتمر قمة رؤساء الدول في تنزانيا. وفي هذه القمة، سينضم 15 زعيماً إلى فريقنا إلى جانب ممثلين عن صندوق النقد الدولي، وبنوك التنمية، والمؤسسات الخيرية، ومستثمري القطاع الخاص، للالتزام بخطط عمل معدة حسب الاحتياجات، وتُعد هذه القمة منبراً فعالاً لمشاركة البلدان المعنية.
والتزامنا واضح بتحقيق ذلك على نطاق واسع بهدف دعم البلدان لتقديم خدمات الرعاية الصحية عالية الجودة وبأسعار معقولة لنحو 1.5 مليار نسمة بحلول عام 2030.
وفي إطار هذه المبادرة، سنعمل على توسيع نطاق تركيزنا لمساعدة الناس على الحفاظ على صحتهم منذ الولادة حتى الكبر، والعمل على الوصول إليهم في الأماكن النائية، وإقامة شراكات مع الحكومات لجعل الرعاية الصحية ميسورة التكلفة.
وسيتم دعم هذه الجهود في إطار التعاون مع منظمة الصحة العالمية والحكومة اليابانية من خلال مركز المعرفة للتغطية الصحية الشاملة الذي سيتم إطلاقه العام المقبل.
ولدينا أهداف أخرى نسعى إلى تحقيقها تماثل ما أعلنا عنه في المؤتمر الثامن والعشرين للأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP28).
- لقد تعهدنا بتقديم 45% من إجمالي التمويل لأنشطة المناخ، وسيذهب نصف هذه النسبة إلى أنشطة التكيف بحلول عام 2025، ونحن نقترب من تحقيق المستهدف حيث وصلنا إلى 44%، لكن علينا توجيه المزيد إلى أنشطة التكيف.
- وقد وعدنا بإطلاق 15 برنامجاً تقودها البلدان المعنية لخفض انبعاثات غاز الميثان، وكلها متاحة على شبكة الإنترنت مع وضع أنظمة رصد لتتبع التقدم المحرز.
- وقمنا بتفعيل شروط الديون المعنية بالقدرة على تحمل تغير المناخ، مما يسمح بوقف مدفوعات الديون لمدة عامين. وحتى الآن، وقّع 12 بلداً، معظمها في منطقة البحر الكاريبي والمحيط الهادئ، على هذه الشروط، وجار التفاوض بشأن مزيد من الشروط. واستكمالا لشروط الديون المعنية بالقدرة على الصمود في وجه تغير المناخ، استحدثنا خيار الاستجابة السريعة الذي يسمح للبلدان بإعادة تخصيص جزء من الأموال غير المصروفة على الفور في أوقات الأزمات.
وفي هذا الأسبوع فقط، بدأنا مسيرة أخرى لدعم الزراعة وتمكين المرأة.
وفي العقود القادمة، سيحتاج العالم إلى زيادة الغذاء بنسبة 60% لإطعام 10 مليارات نسمة. ومع الأدوات الجديدة، ستتغلب فرص الغد على معوقات الماضي، وخاصة التجزؤ والعمل الفردي.
وللاستفادة من ذلك، سنطلق منظومة للصناعات الزراعية تضم البنك الدولي والشركاء لمساعدة صغار المزارعين وأصحاب الحيازات الصغيرة على التوسع وتجاوز زراعة الكفاف والاندماج في سلاسل القيمة التجارية.
وسيدعم هذه المنظومة خبرتنا مع القطاع العام والحكومات في إنشاء جمعيات المزارعين، والقدرات الحكومية المتاحة، إلى جانب التمويل المقدم من القطاع الخاص ومشاركته. ونحن نجمع بين أسلوب جديد للعمل ومستوى جديد من الاستثمار بهدف مضاعفة تمويل الاستثمارات في الأنشطة والصناعات الزراعية للوصول إلى 9 مليارات دولار سنوياً وبهدف تعبئة المزيد من الأموال من القطاع الخاص.
ويمكننا معا إعادة صياغة مستقبل الأمن الغذائي والتغذية والنمو والتشغيل.
كما نعمل من أجل عالم تتمتع فيه المرأة بالقدرة على تحديد مصيرها،
عالم لا تقيده التوقعات المجتمعية أو المعوقات الاقتصادية.
ومهمتنا هي بناء سلم تستطيع النساء من خلاله الصعود إلى فرص التمكين من خلال كل خطوة تخطوها. وحتى يتسنى مساعدة النساء على صعود هذا السلم، يجب أن نقدم الدعم على كل المستويات.
وهدفنا هو إرساء أساس لبناء شبكة أمان اجتماعي لنحو 250 مليون امرأة، وهي خطوة متوسطة توفر خدمات إنترنت النطاق العريض لما يبلغ 300 مليون امرأة، أما الخطوة الأكبر فهي توفير رأس المال لنحو 80 مليون امرأة أخرى ومؤسسات أعمال وشركات تقودها نساء بحلول عام 2023.
وستتحقق هذه الأهداف من خلال خطة عمل شاملة تجمع بين الإصلاح التنظيمي، وبناء المهارات، وتوفير الخدمات الرقمية بتكلفة ميسورة، فضلاً عن إقامة الشراكات الفاعلة.
ولا يزال أمامنا الكثير،
لكن في نهاية المطاف، يجب أن ينصب تركيزنا على مشروعات التنمية ومعالجة الأسباب الجذرية للفقر.
وللفقر جوانب عديدة وجدانية ومادية، والطريقة الأكثر فاعلية للتغلب عليه هي خلق فرص العمل.
دعونا نطوي صفحات الماضي ونتطلع إلى المستقبل.
فمجموعة البنك الدولي على أهبة الاستعداد للانطلاق إلى المرحلة التالية لتحقيق رسالتنا: إن ضمان خلق فرص العمل والتشغيل أولوية مطلقة وهدف واضح لمشروعاتنا.
وعلى مدى تاريخ التنمية، أثبت العمل مراراً وتكراراً أنه الدواء الناجع والأكثر دواماً للقضاء على الفقر،
فالعمل ليس مجرد مصدر للدخل فحسب، بل يحقق الكرامة، وهو القصد من الحياة، ويرتقي بالروح والوجدان، وهو مفتاح إطلاق الطاقات الكامنة، كما أنه السبيل للإفلات من براثن الفقر، وتمكين المرأة، وبث روح الأمل في الأجيال الشابة، وبناء مجتمعات محلية أقوى.
وفي قلب الاقتصادات الصاعدة في العالم، تحدث ثورة صامتة، فهناك جيل هائل يمثل 1.2 مليار شاب وفتاة لديهم إمكانات هائلة وشغف ومؤهلات لدخول سوق العمل. لكن نطاق الفرص المتاحة لا يتسع بالقدر نفسه، حيث من المتوقع توفير 420 مليون فرص عمل فقط ...،
وبالتالي يلوح شبح البطالة في الأفق، وقد لا يجد 800 مليون شاب فرصة عمل مناسبة، وهذا يهدد بزعزعة استقرار المجتمعات وإعاقة النمو الاقتصادي. ولا يمكن التغلب على خطورة هذا التحدي إلا من خلال قدرة هذا الجيل على تغيير العالم والواقع.
لكن التنبؤات ليست قدراً محتوماً.
وتحقيقا لهذه الغاية، أطلقنا مبادرة مخصصة تهدف إلى خلق فرص عمل للشباب. ويقود رئيس سنغافورة ثارمان ورئيسة شيلي ميشيل باشيليت هذه الجهود مع مجموعة من قادة الأعمال والمجتمع المدني والأكاديميين الذين اجتمعوا لأول مرة هذا الأسبوع.
وهذا التركيز مطلوب لأن توفير فرص عمل لا يتحقق دون تضافر الجهود،
وينبغي التوفيق بين إعداد الأشخاص وتهيئة الفرص إذ ليس من الضروري أن تُتاح الفرص إذا توفرت المواهب.
ويدعم ذلك التزام البنك الدولي بمساندة الدعائم الرئيسية المتمثلة في الرعاية الصحية، والبنية التحتية، والتعليم وبناء المهارات، والأمن الغذائي، والهواء النظيف، والمياه النظيفة.
ويمكننا المساعدة في بناء قطاع عام يوفر فرص العمل المطلوبة، ويعزز نمو القطاع الخاص، وخاصة الشركات الصغيرة التي توفر 70% من فرص العمل على مستوى العالم. ويتطلب هذا العمل التعاون وتضافر الجهود مع شركاء مثل صندوق النقد الدولي وبنوك التنمية متعددة الأطراف والحكومات، والاستفادة من التقرير الذي أصدرناه بعنوان "الجاهزية لأنشطة الأعمال" في المناقشات المستندة إلى أدلة وشواهد.
وفي الواقع العملي، يعني ذلك توظيف العديد من الأدوات المتاحة لمجموعة البنك الدولي.
ويمكن لخبراء بنك المعرفة لدينا مساعدة الحكومات ومؤسسات الأعمال والشركات على تحديد الفرص والاستفادة منها، ومع التركيز على بناء القدرات، نقدم حلولاً مصممة خصيصاً لأغراض محددة، من تطوير وتنمية أسواق رأس المال المحلية إلى تعزيز التعليم وبناء المهارات.
وتستخدم أكاديميتنا الجديدة للمعرفة أفضل الممارسات لتزويد الموظفين العموميين بالمهارات التي يحتاجونها لدعم تنمية شعوبهم والقطاع الخاص.
تتضافر رؤوس الأموال والضمانات التي نقدمها لتحفيز الاستثمار، وبناءً عليه، فإن كل عنصر من عناصر خطة عمل مختبر استثمارات القطاع الخاص له أهمية بالغة.
وتزيد النتائج المحققة من خلال تبني التكنولوجيا الرقمية.
وتتيح لنا البنية التحتية العامة الرقمية توفير الخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية والتعليم والشمول المالي لعدد أكبر من الناس.
ويمكن للتكنولوجيات الرقمية أن تحطم الحواجز وتقلل المزايا المتاحة للمنشآت القائمة، مما يخلق فرصاً جديدة للابتكار وريادة الأعمال.
ومن خلال الاستفادة من الذكاء الاصطناعي وثورة البيانات، سيكون لدينا زخم قوي لتحقيق النمو، ولكن لتعظيم الاستفادة من هذه الإمكانات، يجب علينا توظيفها على نحو إستراتيجي، واستخدمها بحكمة.
وهذه هي البداية في مسيرتنا الطويلة ...، وقد التزمنا بمنح الشباب الذين في طور النمو اليوم أفضل فرصة لحياة كريمة.
وأخذنا على محمل الجد التصدي لهذا التحدي ...، ولكن نظرا لأننا أصبحنا أسرع وتيرة وأكثر بساطة وتوجهاً نحو إحداث الأثر المطلوب، فإن مجموعة البنك الدولي وموظفيها لديهم القدرة الأفضل على الاستجابة المطلوبة.
ومن خلال التمويل المبتكر والشراكات، يمكننا تنفيذ برامج أكثر طموحاً، مثل توصيل الكهرباء إلى 300 مليون أفريقي أو تطوير وتنمية الصناعات الزراعية لتوفير الغذاء المطلوب على مستوى العالم وتنمية الاقتصادات.
ومن خلال معارفنا وتركيزنا على القطاع الخاص، يمكننا تقديم يد العون والمساعدة للتغلب على الفقر من خلال توفير فرص العمل.
ومما لا شك فيه، أننا لا نستطيع التحرك سريعاً إلا بقدر ما يسمح به رأس المال المتاح لدينا....،
ونحن نعمل في الوقت الراهن على إقامة بنك أكبر، وندعم دعوة مجموعة العشرين كي تكون المؤسسة الدولية للتنمية أكثر طموحاً، ولكننا سنحتاج حتماً في مرحلة ما إلى قاعدة رأسمالية معززة للبنك الدولي للإنشاء والتعمير، ومؤسسة التمويل الدولية، والوكالة الدولية لضمان الاستثمار.
ومن بنك أفضل إلى طموح أكبر والتزام تجاه الشباب والنساء، فإن التقدم الذي نطمح إلى تحقيقه يتطلب منا جميعاً المزيد من الجهود.
وهذا يتطلب منا عدم الالتفات إلى صغائر الأمور وألا نسمح بالتفاهات أن تشتت جهودنا.
والأهم من ذلك، أن تتضافر جهود الشركاء الراغبين في ذلك الموجودين معنا هنا في هذه القاعة وفي جميع أنحاء العالم.
وحتى يتسنى لنا تحقيق رسالتنا، علينا تحمل الصعاب، والتحلي بإرادة لا تلين لمواصلة التقدم رغم الزمن والنكسات والتحديات.
ويحدوني الأمل في أن تؤدي أفكارنا، ونحن نمضي قدماً، إلى أعمال تغير حياة الناس. ولهذا السبب تواجدنا هنا.
جزيل الشكر لكم على وقتكم ومشاركتكم لنا في هذه المسيرة.