أصحاب المعالي، وزراء التجارة، والحضور الكرام. شكرا على إتاحتكم الفرصة لمجموعة البنك الدولي لعرض بعض الأفكار في هذا الاجتماع المهم.
إننا نواجه -كما لاحظ المتحدثون السابقون- أخطر صدمة مناوئة مر بها العالم في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، بما أحدثته من آثار صحية واجتماعية واقتصادية لم يسبقها مثيل. وفي سياق مختلف السيناريوهات، من المتوقع أن يهوي الاقتصاد العالمي في دركات كساد حاد أسوأ من الأزمة المالية العالمية في 2008.
وتشعر مجموعة البنك الدولي بقلق بالغ من الآثار على اقتصادات الأسواق الصاعدة والبلدان النامية. وبالإضافة إلى ما أصاب سلاسل التوريد العالمية من تعطُّل بادئ الأمر، فإن تضافر الصدمات المحلية في جانبي الطلب والعرض خلَّف آثارا غير مباشرة عابرة للحدود من خلال قنوات السفر والتجارة والتمويل، وأسواق السلع الأولية، وثقة المستثمرين. ويُؤثِّر هذا التعطل بشدة الآن على مراكز التجارة الحيوية. فسبعة عشر بلدا بها أكبر عدد من حالات الإصابة بفيروس كورونا هي مراكز حيوية لشبكة التجارة العالمية.
والبلدان النامية عرضة للخطر بسبب محدودية المعروض من السلع الطبية. وتتسم الأسواق العالمية للمنتجات السبعة عشر التي حدَّدت منظمة الصحة العالمية أنها ضرورية لمكافحة جائحة كورونا (COVID-19) بدرجة عالية من التركُز. وأشد البلدان فقرا هي الأكثر تضررا من السياسات في البلدان المُصدِّرة، ومن ذلك القيود على الإمدادات الطبية، بالإضافة إلى خطر العجز عن تحمُّل أسعار تلك المنتجات التي تفرضها البلدان الأغنى.
وتُكبِّل بلدان كثيرة نظمها للرعاية الصحية بالضرائب، وتعوق الاستجابة في مواجهة الوباء بفرض رسوم على واردات المنتجات الرئيسية لمعالجة فيروس كورونا. وتبلغ الرسوم المُطبَّقة على هذه المنتجات أقل من 4% في الاقتصادات المتقدمة، وأكثر من 8% في الاقتصادات النامية، وتتجاوز 11% في اقتصادات البلدان الأقل نموا.
نحن نقترح أن يقرر وزراء تجارة مجموعة العشرين اتخاذ إجراءات ملموسة للتخفيف من آثار الوباء والتعجيل بالتعافي منه. ويُمكِن لأعضاء مجموعة العشرين أن يتخذوا على الفور الإجراءات التالية مع اعتماد الإجراءات الموازية التي يتخذها كل أعضاء منظمة التجارة العالمي.
- الامتناع عن فرض قيود تصدير جديدة على الإمدادات الطبية الحيوية، أو الأغذية، أو المنتجات الرئيسية الأخرى. وحيثما تُطبَّق هذه التدابير الطارئة، يجب أن تكون مُوجَّهة وشفافة وأن تتناسب مع الاحتياجات الطارئة وتكون مُحدَّدة زمني
- إلغاء أو تخفيض الرسوم على واردات المنتجات اللازمة لمعالجة فيروس كورونا، وكذلك التخفيض أو التعليق المؤقت للرسوم والضرائب على صادرات الأغذية والسلع الأساسية الأخرى من أجل حماية دخول الأسر وأنشطة منشآت الأعمال
- ضمان أن تستطيع المنتجات الحيوية عبور الحدود بسلام، عن طريق الحفاظ على استمرارية التخليص الجمركي من جانب السلطات المختصة بالحدود للإمدادات الحيوية، وخدمات النقل والخدمات اللوجستية الأساسية.
- تيسير سبل حصول المنشآت المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر على رأس المال والتمويل التجاري.
تُقدِّم مجموعة البنك الدولي استجابات سريعة ومرنة لتخفيف آثار فيروس كورونا على البلدان النامية. ويهدف آلية تسهيلات الدفع السريع بقيمة 14 مليار دولار التي تمت الموافقة عليها في 17 مارس/آذار إلى مساعدة الشركات والبلدان في جهودها للوقاية من فيروس كورونا واكتشاف الإصابة به والتصدي لانتشاره السريع. ولدينا عمليات طارئة من أجل 60 بلدا يجري بالفعل تنفيذها، وسيأتي المزيد.
وسندخل المرحلة التالية من استجابتنا لمعالجة الآثار الاقتصادية والاجتماعية الأوسع. وستتيح مجموعة البنك الدولي 160 مليار دولار على مدى 15 شهرا من أجل:
- حماية الفئات الفقيرة والأكثر احتياجا من خلال برامج شبكات الأمان الاجتماعي.
- عرْض خدمات البنك الدولي لتيسير المشتريات من أجل مساعدة الجهات المتعاملة معه على الحصول على الإمدادات والمعدات الطبية اللازمة دون فرض رسوم عليها بُغية التغلب على تعطُّل سلاسل التوريد.
- مساندة مؤسسات الأعمال وموظفيها، لاسيما منشآت الأعمال المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر من خلال التسهيلات التجارية والائتمانية التي تقدمها مؤسسة التمويل الدولية.
- تعزيز الصمود الاقتصادي وسرعة التعافي من خلال دعم الميزانية والتدخلات القطاعية، ومنها في مجالات التجارة والاستثمار.
ووجَّهنا أيضا مع صندوق النقد الدولي نداء مشتركا يدعو جميع الدائنين من الجهات الثنائية الرسمية إلى تعليق مدفوعات أقساط الديون المستحقة لهم من البلدان المؤهلة للاقتراض من المؤسسة الدولية للتنمية والتي تطلب هذا السماح.
نحن على استعداد لمواصلة تقديم المساهمة والمعرفة إلى مجموعة العشرين وكل شركاء التنمية.
إن الضبابية السائدة حاليا تُؤثِّر على جميع البلدان. والتعاون الدولي هو السبيل الوحيد للخروج من هذا المأزق.
وستكون مواصلة التعاون الدولي للحفاظ على نظام تجاري منفتح وقائم على القواعد أمرا ضروريا لتحقيق التعافي وتنمية مستدامة تشمل جميع الفئات. تُنبِئ شواهد عملية دامغة بأن التجارة تؤدي إلى تسريع خطى النمو والحد من الفقر.
والبلدان التي لا تزال مندمجة في الاقتصاد العالمي ستكون في وضع أفضل لتقديم استجابة فعَّالة في الأمد القصير، والتعافي بوتيرة أسرع في الأمدين المتوسط والطويل. ولم يعد إنجاز الأمور منفردا خيارا صالحا. وسنخرج من الأزمة أكثر قوة بكثير لو كنا نعمل معا جميعا مع تركيز واضح على المستقبل.
شكرا لكم!