تُعد أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي منطقةً مليئة بالفرص، بما يتوفر لها من قصص لا حصر لها من القوة والإبداع، كما أنها منطقة لا تقف مكتوفة الأيدي أمام الشدائد والأزمات، بل تغير من نفسها لتستطيع مواجهتها. ويعمل البنك الدولي مع الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني من أجل التعليم والشمول والقدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ لإنهاء الفقر على كوكب صالح للعيش فيه.
في العام الماضي، تمكنت المنطقة من الصمود بشكل جيد نسبيًا في وجه التحديات التي واجهتها إبان تفشي جائحة كورونا، ومنها تزايد الضغوط التضخمية، وعدم اليقين على صعيد الاقتصاد العالمي، وارتفاع مستوى الديون؛ وحتى معدلات الفقر والتشغيل عادا إلى مستوياتهما فيما قبل الجائحة.
من المتوقع أن تحقق المنطقة نموًا بنسبة 2% لعام 2023، حيث ارتفع منحنى النمو لأعلى قليلاً عن المستويات المنخفضة التي سجلتها المنطقة في شهر مايو/أيار، لكن التطورات المعاكسة لا تزال قائمةً وقد تصبح أكثر وضوحًا. وتبغ توقعات النمو 2.3% لعام 2024، مما يشير إلى تراجع المنطقة إلى مستويات النمو المنخفضة التي كانت تسجلها قبل الجائحة.
وستعاني المنطقة أيضًا من الآثار السلبية العالمية، مثل انخفاض أسعار السلع الأولية، وارتفاع أسعار الفائدة في بلدان مجموعة السبع، والتعافي الضعيف في الصين.
ولم تتعاف خسائر دخل الأسر بسبب الجائحة تعافيًا كاملاً، وخاصة بالنسبة للأسر المنتمية للطبقة المتوسطة. ويتجاوز متوسط معدل الفقر حاليًا مستويات ما قبل الجائحة عند 30.3%.
وبشكل عام، عادت معدلات التشغيل إلى مستويات عام 2019، بما في ذلك بالنسبة للنساء، لكن الأجور الحقيقية لا تزال ثابتة وغالبًا ما تكون أقل من مستويات عام 2019. ويتخلف العمال ذوي التعليم المنخفض وكبار السن أكثر من غيرهم عن ركب التعافي، في حين ظل قطاع الاقتصاد غير الرسمي مستقرًا في الغالب منذ عام 2019.
فيما يتعلق بالتعليم، فقد الطلاب ثلثي أيام الدراسة الفعلية في المتوسط، إما جزئياً أو كلياً، وذلك منذ بداية الجائحة. ويعادل هذا الأمر خسارة تقدر بما يعادل 1.5 سنة من التعلم، ويكون تأثيرها الأكبر في الغالب على الطلاب الأصغر سناً والأكثر احتياجاً الذين يتعرضون لخطر فقدان 12% من إجمالي الدخل المتحقق على مدار العمر.
تشهد المنطقة حاليًا أسوأ أزمة هجرة في تاريخها. فبالإضافة إلى التدفقات التقليدية من أمريكا الوسطى والمكسيك إلى الولايات المتحدة، كانت فنزويلا وهايتي مصدراً للتدفقات الكبيرة الأخيرة إلى الخارج. وفر نحو 7.5 ملايين شخص من فنزويلا منذ عام 2015، ويوجد نحو 1.7 مليون شخص من هايتي في الخارج بالإضافة إلى مليوني نازح داخلياً.
ويتفاقم الوضع بالغ الصعوبة بسبب الآثار الشديدة المتزايدة لتغير المناخ، التي تسببت بالفعل في خسائر اقتصادية واجتماعية كبيرة. وازداد تواتر وقوع الأعاصير والفيضانات وموجات الجفاف، وتشير التقديرات إلى أن 17 مليون شخص قد يضطرون إلى مغادرة منازلهم. علاوة على ذلك، فقد يسقط ما يقرب من 5.8 ملايين شخص في براثن الفقر المدقع بحلول عام 2030، ويرجع ذلك الأمر بصفة أساسية إلى نقص المياه الصالحة للشرب، وأيضاً زيادة التعرض للحرارة الشديدة والفيضانات.
تمثل فرص النمو الأخضر المتاحة في شكل الكهرباء المتجددة - الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الحرارية الأرضية - والثروة المتعاظمة من رأس المال الطبيعي - المياه والأشجار والتنوع البيولوجي - إمكانات للصناعات الجديدة في المنطقة. وتبرز فرص أخرى في السياسات طويلة الأجل، مثل الحد من المخاطر النظامية، وتعزيز الاستثمار في البنية التحتية التقليدية والرقمية، والارتقاء بمستوى رأس المال البشري.
أدت الجائحة إلى تسريع وتيرة التحول الرقمي، لكن الإمكانات الكاملة للربط الشبكي في المنطقة من أجل تحقيق النمو والشمول وتقديم الخدمات لا تزال غير مستغلة. وقد تحقق تقدم في توسيع الاتصال بشبكة الإنترنت عبر الهاتف المحمول، مع وجود فجوة في التغطية تبلغ 7% فقط من السكان، في حين أن ثلثي الأسر لديها وصلات إنترنت ثابتة. ومع ذلك، لا يزال تدني جودة الخدمة يمثل مشكلة كبيرة ولا تزال هناك تفاوتات، حيث تتمتع 74% من الأسر في المناطق الحضرية بإمكانية الاتصال بالإنترنت عن طريق الوصلات الثابتة، مقابل 42% فقط في المناطق الريفية. ويتطلب ذلك مزيجًا من الابتكارات التكنولوجية والمؤسسية حيث يلزم معالجة قضايا القدرة على تحمل التكاليف، فضلاً عن نقص المهارات الرقمية ورفع مستوى الوعي بالمنافع المحتملة للاتصال بالإنترنت.
تاريخ آخر تحديث: 05 أكتوبر/تشرين الأول 2023