بقلم نادر محمد ويارا سالم وميكيل ايبانيز ولونزو برتوليني
تؤدي الشراكات بين القطاعين العام والخاص، إلى تمكين الحكومات من شراء وتقديم خدمات البنية التحتية/ الخدمات العامة، والاستفادة من موارد وخبرات القطاع الخاص، من خلال ترتيبات تقاسم المخاطر. وإذا ما صُـمّمت الشراكات بين القطاعين، ونُـفذت على نحو سليم، فبمقدورها أن تحقق قيمة اجتماعية، من خلال تقديم الخدمات في الموعد المناسب، وبتكلفة معقولة، فضلا عن المكاسب المحققة من تحسين الكفاءة والابتكار في تصميم المشاريع، وإدماج الخبرات العالمية، والوصول إلى مصادر جديدة لرأس المال. وعلى الجانب الآخر، نجد أن ضعف تصميم وتنفيذ الشراكات بين القطاعين العام والخاص يؤدي إلى عدم تحقيق النتائج المرجوة.
ويتطلب توسيع نطاق مشروعات الشراكة، بين القطاعين العام والخاص، والمحافظة على استدامتها، الاهتمام بالأسس الحيوية لتحقيق ذلك على مدى دورة المشروع. وتشمل هذه الخطوات ضمن جملة أمور أخرى: (1)سياسة قوية، وإطار مؤسسي وتنظيمي، بما في ذلك تقييم مخاطر المالية العامة والالتزامات الطارئة؛ (2)ومجموعة موسعة من المشروعات التي يمكن تمويلها من خلال البنوك، على أن يجري تحديدها من خلال إجراءات واضحة، تحدد الأولويات، وتدرس هذه المشروعات لتحديد مدى ملاءمتها للشراكة بين القطاعين العام والخاص؛ (3) وقدرات راسخة لإعداد المشروعات وتنظيمها (مع النظر بعين الاعتبار إلى الجدوى التجارية، وتوزيع المخاطر، والمساندة الحكومية ومدى معقولية التكاليف)؛ و (4) القدرة على مساندة المعاملات وإدارة العقود. ومن المتوقع أن أطر الشراكة بين القطاعين المصممة جيدا، ستشاعد على تسهيل تعبئة التمويل لمشروعات البنية التحتية، والتوزيع الأمثل للمخاطر، وتكفل إدارة سليمة للاستثمارات العامة (على سبيل المثال، التكامل المناسب على نحو سليم في الإستراتيجية العامة للاستثمار في البلد المعني، وإدارة الالتزامات الطارئة، والمخاطر المالية على نحو يتسم بالكفاءة، إلخ).
وتبنت البلدان على نحو متزايد في جميع أنحاء العالم، خلال العقود الماضية، اقرار قوانين مخصصة للشراكة بين القطاعين، وأسست وحدات للشراكات بين القطاعين (مع تنوع في المسؤوليات، والاختصاصات، والموقع في الهيكل التنظيمي للجهاز الحكومي)، ويتمثل الهدف من ذلك في: (1)إبقاء الالتزام الحكومي وتأمين الموارد مع الوقت، (2) الفحص الدقيق والاتساق في الإجراءات لتدعيم التعلم المنهجي وإدارة العقود على نحو يتسم بالكفاءة، (3) بناء القدرات اللازمة للتعامل مع العمليات المعقدة، و(4) تشجيع الاستمرار في العمليات(ويشمل ذلك تعبئة التمويل لإعداد المشروعات).
وعمليا، فإن الإطار القانوني والمؤسسي السليم للشراكة بين القطاعين العام والخاص، ليس سوى أحد العوامل الكثيرة والمعقدة التي تساعد في تحقيق نجاح برامج هذه الشراكات، ومن الصعب التحديد المسبق وعلى نحو دقيق، لما يسهم به كل عامل من هذه العوامل. وقد درس البنك الدولي مؤخرا بالتفصيل هذه القضايا في إطار مبادرة بناء مؤسسات أكثر قوة لتنفيذ مشروعات شراكة أفضل بين القطاعين العام والخاص، ونتج عن ذلك نشر 6 مذكرات بشأن الممارسات الجيدة، تركز إحداها على دور إطار الشراكات بين القطاعين.
وينبغي ألا ننساق وراء الزعم بأن قوانين الشراكات بين القطاعين العام والخاص، أو إنشاء وحدة للشراكات بين القطاعين، لا تكاد تقدم نفعا يُذكر، وتؤدي إلى تأخيرات كان من الممكن تجنبها. وطورت البلدان التي لها سجل نجاح حافل في برامج الشراكات بين القطاعين والمشاريع الموسعة (مثل جنوب أفريقيا، وشيلي، والبرازيل، وأستراليا، وكوريا الجنوبية)، بمرور الوقت أطرا قانونية راسخة يجري العمل بها (سواء أكانت تشريعات قائمة بذاتها للشراكات بين القطاعين أو غيرها). وبناء على هذا الفهم وتلك الخبرة، طور البنك الدولي أيضا الإرشادات والتوجيهات الخاصة بالأطر القانونية لمشروعات الشراكة بين القطاعين، فضلا عن إسداء المشورة العملية لصياغة تشريعات أولية وثانوية خاصة بالشراكات بين القطاعين.
وجملة القول، من الضروري اتخاذ نهج شامل نحو إنشاء بيئة داعمة للشراكات بين القطاعين، وسيختلف إسهام قوانين ووحدات الشراكات بين القطاعين، بحسب سياق البلد المعني وظروف التصميم. وتقدم الخبرة الدولية رؤى مفيدة في هذا الصدد:
- لا يمكن لوحدات الشراكات بين القطاعين أو قوانينها فقط أن يكونا بديلا لضرورة الالتزام السياسي وإصلاحات أوسع نطاقا لحل المشكلات الأساسية للحوكمة الخاصة بالبنية التحتية.
- في إطار إعداد أطر قانونية للشراكة بين القطاعين العام والخاص وإنشاء وحدات لهذه الشراكة، من الضروري أن يكون مصحوبا بوضع إستراتيجيات وإصلاحات قطاعية لضمان تحقق الأثر، وخلق زخم وتحقيق منافع، لاسيما لدى جهات الشراء والتعاقد (الوزارات التنفيذية/ الإدارات/ الهيئات)
- من الضروري أن يكون وضع الإطار القانوني القوي مصحوبا بوضع ترتيبات مؤسسية. ويزيد وجود وحدة شراكة بين القطاعين مع موارد وكوادر كافية ودور واضح لكل من وزارة المالية وجهات الشراء والتعاقد، من فرص بناء سلسلة قوية من المشروعات وتسريع وتيرة تنفيذها.
ويدرك البنك الدولي ارداكا تاما، هذه التحديات، التي تحول دون الاستفادة الكاملة من مشاركة القطاع الخاص في تطوير البنية التحتية. ولا تأتي مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص، بصورة تلقائية بعد الإصلاحات التنظيمية، على نحو ما نرى عند المقارنة بين النتائج المتأتية من تحليل جودة الإجراءات التنظيمية لمشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص في ضوء المؤشرات الاسترشادية لتطوير البنية التحتية، وقاعدة بيانات مشاركة القطاع الخاص في مشروعات البنية التحتية. ويواصل البنك الدولي تحديث تلك المؤشرات ، وهذا التحديث سيوضح هذا الجانب. وعلاوة على ذلك، بمقدور البنك أن يدعم البلدان للتصدي على نحو أفضل لهذه التحديات، وعلى سبيل المثال، من خلال تقييم القيود الحالية المفروضة على مشاركة القطاع الخاص في مناقصات مشروعات البنية التحتية من خلال الدراسات التشخيصية القطرية؛ ودعم إنشاء بيئة داعمة لمشاركة القطاع الخاص في مشروعات البنية التحتية، من خلال اعتماد إصلاحات تنظيمية لمشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص؛ وتقديم المساعدة في إعداد سلسة من مشروعات الشراكة بين القطاعين التي يمكن تمويلها من خلال البنوك بهدف تعبئة رأس المال الخاص، والمساعدة في إدارة مشروعات الشراكة بين القطاعين في مجال البنية التحتية، خلال دورة حياة المشروع، مع النظر بعين الاعتبار في التزامات المالية العامة، والالتزامات الطارئة ذات الصلة، وتعزيز قدرة الحكومة على إدارة عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص.