تتعرض النساء والفتيات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بوجه خاص لأشكال مختلفة من مخاطر العُنف ضد المرأة. فقد تعرَّض ما لا يقل عن 40% من النساء في المنطقة خلال حياتهن لعُنف بدني أو جنسي من شريك الحياة. وتشتمل أشكال العنف على ما يلي: عُنف الشريك الحميم، والعُنف الجنسي من غير الشريك، وقتل النساء، وزواج الأطفال، والزواج المبكر، وبتر أو تشويه الأعضاء التناسلية للإناث، والتحرش الجنسي. وقد أدت جائحة كورونا إلى تفاقم مخاطر العُنف ضد المرأة، وأثرت في فرص حصول الناجيات على الخدمات. وتتفاقم التحديات في بيئات الهشاشة والصراع، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع مستويات العُنف ضد المرأة – بما في ذلك العنف الجنسي والزواج القسري – وتعطل تقديم الخدمات.
على الرغم من تحقيق بعض التحسن على الصعيدَيْن السياسي والقانوني، لا تزال هناك عقبات رئيسية تعطل فعالية الوقاية من العنف ضد المرأة والاستجابة له مثل: الفجوات القائمة في القوانين والسياسات، وضعف القدرات المؤسسية لدى بلدان المنطقة، وعدم كفاية الحماية والخدمات المتاحة للضحايا. وفي حين وقعت أكثر الحكومات على معاهدات واتفاقيات دولية لحقوق الإنسان، وأعلنت عن خطوات لترجمة الالتزامات إلى تشريعات وإستراتيجيات وخطط عمل وطنية، فإن التقدم المحرَز في الواقع العملي كان بطيئاً وغير متناسق. ولا تزال الأعراف والسلوكيات الاجتماعية التمييزية تشكِّل عقبة رئيسية أمام الناجيات من العُنف ضد المرأة، والمعرَّضات لمخاطره.
للعُنف ضد المرأة آثار مدمرة على الأفراد والمجتمعات، وللتقاعس عن مناهضته تكلفة فادحة. وقد يخلِّف العُنف ضد المرأة آثاراً شديدة على صحة النساء ورفاههن، وقد يشكل مصدراً للصدمات النفسية. وبالإضافة إلى ذلك، فقد يكبد المجتمع تكلفة فادحة، حيث يؤثر في إمكانات رأس المال البشري للناجيات على نحو يحد من مشاركتهن في أسواق العمل والأنشطة المدنية. وتشير تقديرات ما قبل جائحة كورونا إلى أن تكلفة العنف ضد المرأة قد تكبِّد بعض البلدان ما قد يصل إلى 3.7% من إجمالي الناتج المحلي، وهو ما يزيد على ضعفَيِ المبالغ التي تنفقها حكومات كثيرة على التعليم.
لزيادة الجهود الرامية إلى التصدي لمختلف أشكال العنف ضد المرأة، يطلق البنك الدولي خطة عمل إقليمية للتصدي للعُنف ضد المرأة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وتحدد هذه الخطة توصيات ملموسة وقابلة للتنفيذ، لمنع العنف ضد المرأة، والتصدي له من خلال ثلاثة محاور للعمل وهي: (1) البيانات والمعارف، (2) الحوار بشأن السياسات، و(3) المشاركة في العمليات. وتعمل الدراسات التشخيصية القُطرية الواردة في التقرير على تحليل معدل الانتشار والتقدم المحرَز والفجوات في منع العُنف ضد المرأة والتصدي له في المنطقة. ويتيح عرض عام للتقييمات الدقيقة للإجراءات التدخلية أفضل الممارسات والدروس المستفادة لمشاركة البنك الدولي في المنطقة. وتمثل المشاركة الحالية للبنك في مجال العنف ضد المرأة بالمنطقة، والنماذج المأخوذة من مناطق أخرى، أُسُساً للمشاركات المستقبلية التي تسترشد بالمبادئ الرئيسية لجميع جهود منع العُنف ضد المرأة، والتصدي له. وتتضمن الإجراءات الموصَى بها للمضي قُدماً الجهود المتوخاة لتغيير الأعراف الاجتماعية والسلوكيات.
تهدف خطة العمل الإقليمية إلى أن تكون بمثابة دعوة إلى العمل لزيادة جهودنا العملية ووضع العُنف ضد المرأة في طليعة الحوار الخاص بالسياسات في المنطقة.