الرخاء المشترك
هل تستفيد شريحة الأربعين في المائة الأشد فقراً من النمو؟
يمثل النمو في مستويات دخل أفقر 40% من السكان بكل بلد المؤشر الرئيسي على مدى تحقيق الهدف الثاني للبنك الدولي، وهو تعزيز الرخاء المشترك. وعلى هذا المقياس، كان هناك تفاوت فيما بين المناطق. ففي 77% من البلدان التي يتوفر لدينا بيانات عنها، نمت مستويات دخل شريحة الأربعين في المائة الأشد فقراً في الفترة من 2010 إلى 2015. وفي شرق وجنوب آسيا، نمت مستويات دخل هذه الشريحة في الفترة نفسها بنسبة 4.7% و2.6% على التوالي.
وفي منطقة أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي، تراجع النمو في تحسن مستويات الرخاء المشترك خلال الفترة 2010-2015 عن مستواه في السنوات السابقة التي شملها التقرير، وذلك بسبب تباطؤ اقتصادات بلدان المنطقة في ظل تراجع الأسعار العالمية للسلع الأولية. وشهدت العديد من البلدان في منطقة أوروبا وآسيا الوسطى ومنطقة أفريقيا جنوب الصحراء انتكاسات على هذا المقياس.
وفي ثلثي البلدان الأربعة عشر شديدة الفقر، يتزايد متوسط مستويات الدخل بمعدل سنوي يقل عن المتوسط العالمي وهو 2%.
وفي المقابل، تتعافى حالياً العديد من البلدان في أوروبا حيث عانى أفقر 40% من السكان من تراجعات كبيرة مرتبطة بالأزمة المالية التي وقعت عام 2008 وأزمة الديون.
وتُعد هذه رؤية جزئية لأن البيانات اللازمة لتقييم مدى تحسن الرخاء المشترك تكون أشد ضعفا في البلدان الأكثر احتياجا إليها لإحراز تحسُّن في هذا الشأن. فلا تتوافر بيانات تسمح لنا برصد التقدُّم في تعزيز الرخاء المشترك بمرور الوقت سوى في 1 من بين كل 4 بلدان منخفضة الدخل و4 من بين 35 دولة هشة ومتأثرة بالصراعات معترفا بها. ولأن نقص البيانات الموثوق بها له صلة بتباطؤ نمو الدخل لأشد البلدان فقراً، فإن الوضع قد يكون أسوأ مما هو مُلاحظ حالياً.
خطا الفقر الأعلى
ما هما خطا الفقر الأعلى الجديدان اللذان يستخدمهما البنك الدولي؟
أدخلت مجموعة البنك الدولي خطين مُكمِلين للفقر العالمي: خط الفقر في الشريحة الدنيا من البلدان متوسطة الدخل وهو 3.20 دولار، وخط الفقر في الشريحة العليا من البلدان متوسطة الدخل وهو 5.50 دولار للفرد في اليوم. والغرض من هذين الخطين هو أن يكونا مُكمِّلين لخط الفقر الدولي (1.90 دولار للفرد في اليوم) وليس ليحلا محله، ويمكن استخدامهما كمعيار مرجعي لمختلف بلدان العالم التي يحُد مستوى التنمية بها من نطاق استخدام خط الفقر الدولي في قياس مستويات الفقر.
هل يعني ذلك أن البنك الدولي يغيِّر خط الفقر العالمي مجدداً؟
لا. ففي المستقبل المنظور، سيستمر البنك الدولي في تتبُّع معدل الفقر المدقع على مستوى العالم باستخدام خط الفقر الدولي، وهو 1.90 دولار للفرد في اليوم وفقاً لعوامل تحويل تعادل القوة الشرائية في عام 2011. وفي كل بلد، سيتم تحديثه بما يتماشى مع معدل التضخم فقط. ويمثل ذلك المعيار الذي يتم بناءً عليه قياس التقدُّم المحرز على صعيد تحقيق هدفي مجموعة البنك الدولي.
ما المقصود بخط الفقر المجتمعي؟
مع ازدياد البلدان ثراء، تتغيَّر تعريفاتها للاحتياجات الأساسية. وقد يتطلب أداء الوظائف الحياتية الأساسية سلعا في بعض البلدان تفوق ما يتطلبه في غيرها. ويضمن خط الفقر المجتمعي تحقيق المساواة داخل البلدان من حيث أداء الوظائف الحياتية الأساسية نفسها في كل مجتمع. ففي بلد أفقر، على سبيل المثال، قد لا تتطلب المشاركة في سوق العمل سوى الملبس والغذاء؛ لكن في البلدان الأغنى فقد يحتاج المرء أيضاً إلى الاتصال بالإنترنت وسيارة وهاتف محمول. ويستند هذا الخط إلى مزيج من خط الفقر المدقع ذي القيمة الثابتة بالنسبة لكل فرد، وبُعد نسبي للرفاهة يختلف في كل بلد تبعاً لمتوسط مستوى الاستهلاك. وفي عام 2015، كان هناك 2.1 مليار شخص فقراء بالنسبة لمجتمعاتهم، أي ما يعادل ثلاثة أمثال عدد الفقراء المدقعين.
ومعدلات الفقر المجتمعي في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء، التي يعاني منه أكثر من نصف سكانها، أعلى بكثير مما هي عليه في المناطق الأخرى. وفي المقابل، انخفض معدل الفقر المجتمعي في منطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ بواقع 38 نقطة مئوية. ومنذ عام 1990، تراجع معدل الفقر المجتمعي في جميع المناطق النامية، لكنه ظل ثابتاً بلا تغيُّر في البلدان مرتفعة الدخل.
لماذا يكون معدل الفقر المجتمعي أعلى من معدل الفقر المدقع؟
يزيد خط الفقر المجتمعي، بحكم تصميمه، مع ارتفاع متوسط الدخل. وقد زاد متوسط خط الفقر المجتمعي في جميع البلدان من 5.30 دولار في عام 1990 إلى نحو 6.90 دولار في عام 2015، مما يعكس النمو المطرد في متوسط الاستهلاك الحقيقي. وفي أوائل تسعينيات القرن الماضي، كان هناك تشابه كبير بين مفهومي معدل الفقر المجتمعي ومعدل الفقر المدقع لأن معظم سكان العالم كانوا يعيشون في بلدان كان متوسط الاستهلاك الوطني بها منخفضاً، وبالتالي كان خط الفقر الدولي وخط الفقر المجتمعي إما متطابقين أو متقاربين في القيمة. وأما الآن، فمع عدم ارتفاع معدلات الفقر المدقع سوى في بلدان قليلة للغاية، يقوم خط الفقر المجتمعي برصد معلومات أكبر بكثير عن جوانب توزيع النمو.
لماذا ينبغي على البنك الدولي استخدام مقاييس أخرى مع أن الفقر يُقاس تقليدياً بالعوامل النقدية؟
تستند تقديرات البنك الدولي لمعدلات الفقر عادةً إلى المعلومات عن مستويات الدخل أو الاستهلاك. ولا يزال مستوى الدخل يمثل أهمية كبيرة بالنسبة لرفاهة البشر. لكن في أوضاع كثيرة، لا ترصد المقاييس النقدية التقليدية جوانب مهمة للرفاهة مثل توفُّر خدمات الرعاية الصحية الجيدة أو المرافق الأساسية أو بيئة مجتمعية آمنة. ولا تشمل المقاييس النقدية جميع جوانب الرفاهة لأنه ليس جميع السلع والخدمات الضرورية يتم الحصول عليها من خلال الأسواق. فقد يزيد دخل المرء على 1.90 دولار في اليوم لكنه يظل فقيراً لأنه يفتقر إلى الاحتياجات الأساسية مثل توفُّر المرافق الأساسية والرعاية الصحية والأمن.
ما الأبعاد التي يرصدها المقياس متعدد الأبعاد للبنك الدولي؟ وكيف يختلف هذا المقياس عن مؤشر الفقر العالمي متعدد الأبعاد لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي؟
يرتكز المقياس متعدد الأبعاد للبنك الدولي على مستوى الاستهلاك أو الدخل كأحد أبعاد الرفاهة، ويشمل أيضاً عدة مقاييس مباشرة لمدى توفُّر خدمات التعليم والمرافق (مثل الكهرباء والمياه والصرف الصحي). وبالنسبة لبعض البلدان التي تتوافر بها بيانات شاملة، يتم توسيع هذا المقياس ليشمل أبعاد مهمة أخرى للرفاهة من بينها الرعاية الصحية والتغذية بالإضافة إلى الأمن من الجريمة والكوارث الطبيعية. ومستقبلاً، سيرصد البنك الدولي التقدُّم المحرز في مكافحة الفقر متعدد الأبعاد على مستوى العالم باستخدام مقاييس ثلاثية الأبعاد، وهي الدخل/الاستهلاك، توفُّر خدمات التعليم، والمرافق.
ولا يشمل مؤشر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سوى مؤشرات غير نقدية، فيما يغطي المؤشر متعدد الأبعاد للبنك الاستهلاك أو الدخل دون حد 1.90 دولار كأحد المؤشرات إلى جانب الأبعاد الأخرى.
كيف يُقارن مقياس الفقر متعدد الأبعاد للبنك الدولي بمؤشره لرأس المال البشري؟
مؤشر رأس المال البشري مصمم كمؤشر لإنتاجية العمالة المستقبلية في كل بلد، متجاوزاً سنوات الدراسة. ويسعى مقياس الفقر متعدد الأبعاد إلى توسيع نطاق فهمنا للفقر من خلال مراعاة أوجه الحرمان غير النقدي بما في ذلك محدودية توفُّر خدمات التعليم والمرافق. وتشترك كلتا المبادرتين في هدف توسيع مقاييسنا لتشمل عناصر لرأس المال البشري كان يتم تجاهلها في السابق، لكنهما ترصدان تصورات مختلفة للغاية. وتحديداً، يركِّز مؤشر رأس المال البشري على الإمكانات الإنتاجية لرأس المال البشري للجيل القادم، فيما يرصد مقياس الفقر متعدد الأبعاد إلى أي مدى يعاني السكان الحاليون من أوجه حرمان في رأس المال البشري.
من هم الأشخاص الذين يعانون من الفقر النقدي والفقر متعدد الأبعاد؟
مع اتساع نطاق تعريف الفقر ليشمل جوانب إضافية للحرمان، تتغيَّر تركيبة الفقراء. ويُعد الفقر النقدي في الغالب ظاهرة ريفية، حيث يعيش 81.3% ممن يعانون من الفقر النقدي في المناطق الريفية. وإذا تم النظر إلى أوضاع الفقر على نطاق أوسع ومن منظور متعدد الأبعاد، نجد أن توزيع الفقر يميل بدرجة أكبر نحو المناطق الريفية. فنحو 83.5% ممن يعانون الفقر على أبعاد متعددة هم من سكان الريف، مما يعني أنه مقارنةً بالأسر المعيشية الحضرية، تعاني الأسر الريفية بشكل تراكمي من أوجه حرمان أكبر في توفُّر خدمات التعليم والمرافق الأساسية. وتُلاحظ تحولات الفقر الأبرز نحو المناطق الريفية في منطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ ومنطقة أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي، فيما أصبحت نسبة الفقر أكبر في المناطق الحضرية بمنطقتي الشرق الأوسط وجنوب آسيا.
وفيما يتعلق بتكوين الأسر المعيشية، تشكِّل الأسر التي لديها أطفال نسبة كبيرة فيما بين من يعانون من الفقر النقدي والفقر متعدد الأبعاد بغض النظر عن نوع جنس البالغين في الأسرة أو عددهم.
الفقر داخل الأسر المعيشية
كيف يمكننا رصد الفقر على مستوى الأفراد في حين يُقاس معدل الفقر المدقع العالمي على مستوى الأسر المعيشية؟
إن قياس أوجه التفاوت داخل الأسر المعيشية ليست مهمة سهلة. فمن الصعب جمع بيانات دقيقة عن الاستهلاك الغذائي لمختلف أفراد الأسرة عندما يشتركون معاً في الطهي وتناول الوجبات. وهناك سلع استهلاكية أخرى، مثل السكن، تكون للنفع العام داخل الأسرة بحكم الأمر الواقع والتي يتم تقاسمها فيما بين أفراد الأسرة ولا يمكن تخصيصها لأفراد بعينهم حتى من حيث المبدأ.
لكن هناك شواهد مستقاة من دراسات أُجريت في عدة بلدان تفيد عدم تقاسم الموارد بالتساوي داخل الأسر المعيشية. وإحدى الطرق لتجاوز مستوى الأسر المعيشية هي بحث كيفية تقاسم المواد الغذائية داخل الأسر. ففي بنغلاديش على سبيل المثال، تكشف بيانات استقصاءات الأسر المعيشية أن نقص السعرات الحرارية لدى أرباب الأسر-معظمهم رجال- يكون أقل بكثير مقارنةً بأفراد الأسر الآخرين.
ولهذا، فإننا نحتاج إلى بيانات أكثر شمولاً لتعميق مستوى فهمنا لكيفية تأثير الفقر على الأفراد ولتقييم كيف يمكن تصميم البرامج الاجتماعية بشكل أفضل لتلبية احتياجاتهم.
هل هذا يعني أن عدد الفقراء المدقعين في العالم هو عدد تقديري وليس دقيقاً؟
نعم، عدد الفقراء المدقعين هو تقدير إحصائي يستند إلى البيانات المأخوذة من استقصاءات الأسر المعيشية. ولا توفر هذه الاستقصاءات سوى عينة تمثيلية للأسر المعيشية داخل مجتمع محلي ما. علاوة على ذلك، لا توفر العديد من هذه الاستقصاءات سوى بيانات على مستوى الأسر المعيشية ولا تتعمق لحساب الفروق في الاستهلاك أو توزيع الموارد فيما بين الأفراد داخل الأسرة الواحدة. ولرصد كيف يعاني الأفراد من الفقر بشكل حقيقي، نحتاج إلى المزيد من الاستقصاءات لفهم أنماط استهلاك الأفراد، وبالتالي تستطيع الحكومات تنفيذ سياسات تعمل على تضييق أوجه التفاوت داخل الأسر المعيشية.