التحدي
في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، سجَّلت جهود توصيل الكهرباء في المكسيك معدل تغطية نسبته 96.6%. ولكن تبيَّن أن ثمة تحدياتٍ جساما تعوق توفير الكهرباء لما يُقدَّر بنحو 3.5 مليون شخص مازالوا محرومين من الحصول عليها، قرابة 60% منهم من السكان الأصليين. ويُعزَى هذا في جانب كبير منه إلى أن معظم هؤلاء الأفراد كانوا يعيشون في مجتمعات محلية صغيرة تقع في مناطق نائية ومعزولة. وقد ازداد الوضع سوءا في هذه المجتمعات بسبب التحديات التي تعاني منها، ومنها نقص الخدمات الأساسية الأخرى وخدمات مرافق البنية التحتية كالطرق، والحصول على مياه الشرب والاتصالات السلكية واللاسلكية والمدارس وخدمات الرعاية الصحية. وأدركت الحكومة أنه بسبب النمو السكاني سيزيد عدد السكان المحرومين من إمدادات الكهرباء بنسبة 20% خلال السنوات العشر القادمة، وهو ما يجعل الحصول على الكهرباء مسألة أكثر إلحاحاً.
النهج
تتطلَّب مشروعات تنمية البنية التحتية والحد من الفقر في المناطق الريفية جهوداً قوية لبناء القدرات، وقد يكون بناء القدرات المؤسسية، وتعزيز التنسيق عملية بطيئة لاسيما حينما يكون للكثير من المؤسسات الحكومية وأصحاب المصلحة -كما هو الحال في المكسيك- صلاحيات قانونية للمشاركة في التخطيط واتخاذ القرارات والتمويل وتنفيذ مشروعات التنمية الريفية. وفي هذا السياق، قدَّم مشروع خدمات الطاقة المتكاملة بالمكسيك دعماً تشتد الحاجة إليه لجهود الحكومة الاتحادية لكهربة الريف من حيث تمويل البنية التحتية والدعم بالمساعدة الفنية.
ويهدف المشروع إلى دعم إستراتيجيات وإجراءات كهربة المناطق الريفية التي وضعتها وزارة الطاقة وقامت الحكومة الاتحادية بتحديد أولوياتها. ودعما لهذه المبادرة، حشد البنك الدولي خبرته الواسعة في مجالات كهربة الريف والطاقة المتجددة لتطبيق أفضل الممارسات الدولية ذات الصلة، ومن ثم تعزيز جهود الحد من الفقر في المكسيك.
وفي وقت لاحق، أعيدت هيكلة المشروع لمعالجة تأخيرات أولية في التنفيذ، وهو ما أدَّى إلى تعديل نطاق المشروع للتركيز على تكنولوجيا الطاقة الكهروضوئية: إنشاء شبكات صغيرة تقوم على مزارع مركزية للطاقة الشمسية. وتتيح هذه المزارع توفير إمدادات كهرباء سليمة وموثوق بها على غرار مرافق الخدمات العامة، وتتميَّز بطاقة توريد للتوصيلة الواحدة أكبر كثيرا من الوحدات المنزلية للطاقة الشمسية؛ وتجعل هذه القدرة على إنتاج منافع أكبر من إمدادات الكهرباء للأسرة الواحدة المزارع ملائمة جدا لتوريد الطاقة إلى المجتمعات المحلية الصغيرة المعزولة. ونظرا لأن مزارع الطاقة الشمسية تعتبر مصدرا للطاقة المتجددة من المتوقع أن تكون أي آثار سلبية وانبعاثات لثاني أكسيد الكربون من المنشأة أقل مما ينتج عن مصادر الطاقة التقليدية.
النتائج
ساند مشروع خدمات الطاقة المتكاملة بالمكسيك أهداف الحكومة المعلنة منذ وقت طويل لتوصيل الكهرباء إلى كافة أجزاء البلاد. ومن خلال الإستراتيجيات والإجراءات التي وضعتها وأشرفت عليها وزارة الطاقة، وبمساندة من البنك الدولي أمكن كهربة المناطق الريفية وإمدادها بالطاقة المتجدِّدة على نطاق واسع باستخدام أفضل الممارسات الدولية، مع مراعاة الاعتبارات البيئية، وبالتالي الحد من الفقر، وإتاحة فرص في مجتمعات كانت محرومة من قبل.
ونجح مشروع خدمات الطاقة المتكاملة بالمكسيك في تركيب المزارع المركزية للطاقة الشمسية وما يتصل بها من بنية تحتية لتوريد الكهرباء إلى المجتمعات النائية المستهدفة، ومن ذلك النتائج المحددة التالية:
- توصيل الكهرباء لما يبلغ 2235 أسرة في 40 مجتمعاً ريفياً نائيا من خلال تركيب 2357 كيلووات من قدرات توليد الكهرباء المتجددة.
- من المتوقع أن تُؤدِّي الطاقة المتجددة التي تم تركيبها إلى تفادي 139 ألف طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون سنوياً عن طريق إزاحة مصادر الطاقة الأكثر إطلاقاً للانبعاثات الكربونية.
فضلاً عن ذلك، من المتوقع أن يؤدي توفير خدمات طاقة مستدامة وكفؤة إلى تحسين ظروف المعيشة للسكان المستفيدين من المشروع. وحتى الآن، اشتملت المنافع الاجتماعية والاقتصادية المهمة التي تحققت على ما يلي:
- تعزيز الخدمات العامة، مثل إمكانية الوصول عن بُعد إلى الموارد التعليمية والبنية التحتية للرعاية الصحية.
- تحسين توفير خدمات الاتصالات وضخ المياه وخفض تكلفتها.
- زيادة الإنتاجية وتحسين أوضاع الأمن بفضل الإنارة العامة في ساعات الليل.
من المتوقع أن يكون لتوفير خدمات الإنترنت أكبر الأثر، وتشتمل أهم المنافع على ما يلي:
- تأثير مطرد على خدمات الاتصالات والتعليم.
- تطوير استخدامات منتجة، مع حصول المستفيدين على إمكانية الوصول الكامل إلى البرامج الاتحادية والمحلية لريادة الأعمال.
وبحلول إقفال المشروع، قدَّم أحد المجتمعات المحلية المستفيدة -وهو قرية بوتريرو ديلا بالميتا في ولاية ناياريت- خطة لإقامة محطة لمعالجة المياه. ومن المتوقع أن يؤدي ذلك إلى تعزيز الاستخدام المستدام للموارد وإلى خلق فرص عمل.
مساهمة مجموعة البنك الدولي
قدَّم البنك الدولي من خلال البنك الدولي للإنشاء والتعمير قرضاً بقيمة 15 مليون دولار، ومنحةً من صندوق البيئة العالمية بقيمة 15 مليون دولار ليصل إجمالي التمويل إلى 30 مليون دولار لمساندة مشروع خدمات الطاقة المتكاملة بالمكسيك.
الشركاء
قادت الإطار المؤسسي لتنفيذ مشروع خدمات الطاقة المتكاملة بالمكسيك كل من وزارة الطاقة التي تولَّت المسؤولية المباشرة عن الإشراف على المشروع، واللجنة الاتحادية للكهرباء التي قامت بدور الجهاز الحكومي المسؤول عن توريد مزارع الطاقة الشمسية الأربعين، والامتثال للسياسات الوقائية الاجتماعية والبيئية. واضطلعت وحدة متفرغة لتنفيذ المشروع داخل إحدى المديريات الرئيسية في وزارة الطاقة بأنشطة الرصد والمتابعة والإدارة المالية والإبلاغ للمشروع.
وكان تركيز المشروع على الحلول من خارج نطاق الشبكة العامة مُكمِّلا لإستراتيجية كهربة الريف لبرنامج البنية التحتية الأساسية لتنمية الشعوب الأصلية الذي ترأسه لجنة تنمية الشعوب الأصلية بالمكسيك، وكذلك على أهداف ونطاق برنامج المناطق متناهية الصغر الذي تُنفِّذه وزارة التنمية الاجتماعية بغية تحسين التنمية الاجتماعية والاقتصادية في البلديات التي تشهد أعلى درجات الفقر.
المستفيدون
يهدف المشروع إلى توفير الكهرباء للأسر ومؤسسات الأعمال والمنشآت العامة في المناطق الريفية التي تغلب الشعوب الأصلية على سكانها. وبحلول إقفال المشروع، بلغ عدد المستفيدين من هذه العملية 2235 أسرة في ثماني ولايات مكسيكية. وأعرب أفراد استفادوا من المشروع عن عميق تقديرهم وإشادتهم بالمشروع. وأدلى أحد السكان في نوفو سان دييجو دي تيزينس إيخيدو بالتعليقات التالية:
"ما هو أهم التغيرات؟ إنه المُبرِّد، لأنه فيما مضى كان الطعام يفسد. تخيَّل أنهم كانوا يضطرون إلى صنع الطعام يوماً بيوم، وفي المرات التي كانت فيها بواقي طعام فإنها كانت تفسد.
"لقد أُعجِبت كثيرا بهذا العمل. والجميع سعداء للغاية. تخيَّل أنه [أصبح بمقدورنا] استخدام الغسَّالات والمكواة وكل شيء ضروري. إنَّنا سعداء للغاية."
المُضيّ قُدُماً
عبَّرت الحكومة المكسيكية عن اهتمامها بتنفيذ عملية ثانية تبني على الدروس المستفادة وتستفيد من تقوية القدرات المؤسسية التي تحققت في ظل هذا المشروع. وكان المشروع من نواحٍ كثيرة عملية تجريبية للحكومة واللجنة الاتحادية للكهرباء في سعيهما لتحقيق التغطية الشاملة بإمدادات الكهرباء بنسبة 100% في كل أنحاء البلاد، وأبرز التحديات الكبيرة التي ينطوي عليها الوصول إلى آخر السكان الذين مازالوا محرومين من الكهرباء وتقدر نسبتهم بنحو 2%. وقد يكون التدخُّل اللاحق المقترح عملية تجريبية لصندوق خدمات الكهرباء الشاملة الذي أنشأته وزارة الطاقة في أواخر عام 2016 ويهدف إلى الوصول بتغطية إمدادات الكهرباء إلى 100% خلال الأعوام الخمسة القادمة عن طريق إجراء إصلاحات في مجال الطاقة.
ومن الممكن أن تكون للدروس المستفادة من تنفيذ هذا المشروع آثار هائلة من حيث إمكانية تكراره في بلدان أخرى في أمريكا اللاتينية، تواجه العديد منها تحديات مماثلة في الوصول إلى مجتمعات نائية وتحقيق التغطية الشاملة بخدمات الطاقة.
تعرّف على المزيد
مشروع خدمات الطاقة المتكاملة بالمكسيك
وزارة الطاقة (2001-2006). برنامج قطاع الطاقة. مكسيكو سيتي. المكسيك.
حكومة جمهورية المكسيك (2001-2006). الخطة الوطنية للتنمية، مكسيكو سيتي. المكسيك.
استشاريو التكنولوجيا الوسيطة – ITC (2005) - الهيكل المؤسسي لتطوير مشروعات كهربة الريف. مشروع كهربة الريف بجنوب المكسيك، المملكة المتحدة.
حكومة جمهورية المكسيك (2007-2012). الخطة الوطنية للتنمية، مكسيكو سيتي. المكسيك.
البنك الدولي، (2007). وثيقة التقييم المسبق للمشروع. مشروع خدمات الطاقة المتكاملة. رقم التقرير: 39196-MX، واشنطن العاصمة.
وزارة الطاقة (2007). الدليل البيئي والإدارة البيئية لمشروعات كهربة الريف في المكسيك. رقم التقرير: . E1585 المكسيك.
وزارة التنمية الاجتماعية (2007-2012). برنامج تنمية المناطق الصغرى. مكسيكو سيتي، المكسيك.
اللجنة الوطنية لتنمية الشعوب الأصلية (2007-2016). برنامج البنية التحتية الأساسية لتنمية الشعوب الأصلية. المكسيك.
وزارة الطاقة (2012). دليل الممارسات البيئية الجيدة لتشييد أعمال الكهربة مع تطبيق مزارع الطاقة الشمسية؛ رقم التقرير: 67790؛ المكسيك.
وزارة الطاقة (2012). دليل الممارسات البيئية الجيدة لتشييد أعمال الكهربة مع تطبيق مزارع الطاقة الشمسية؛ رقم التقرير: E1585 v2، المكسيك.
حكومة جمهورية المكسيك (2013 – 2018). الخطة الوطنية للتنمية، مكسيكو سيتي. المكسيك.
البنك الدولي،(2013)، إستراتيجية الشراكة القطرية، رقم التقرير 80800-MX، واشنطن العاصمة.