التحديات والفرص
إن كوكبا ترتفع درجة حرارته على نحو خطير ليس مجرد كارثة بيئية؛ إنه في الأساس تحدٍ اقتصادي واجتماعي. يعالج تحديد قيمة أو فرض سعر على انبعاثات الكربون مشكلة تغير المناخ من جذورها. إذ إن ذلك يخلق حافزا للشركات والأفراد لتغيير أنماطهم المتعلقة بالاستثمار والإنتاج والاستهلاك. ومن خلال إعطاء إشارة سعرية واضحة وقوية، فإن تسعير الكربون يحدد الحوافز المناسبة للتحول الذي تمس الحاجة إليه على نطاق واسع، إلى اقتصاد منخفض الكربون.
من الواضح أن زخم العمل يتزايد وأسعار الكربون ترتفع. فمنذ عام 2012، تضاعف تقريبا عدد أدوات تسعير الكربون المنفذة أو المقررة. واليوم، فإن 42 بلدا و 25 ولاية أو إقليما تفرض سعرا على انبعاثات الكربون. وقد بلغت قيمة مبادرات تسعير الكربون - بما في ذلك نظم الإتجار في الانبعاثات وضرائب الكربون - 52 مليار دولار، أي بزيادة قدرها 7% مقارنة بعام 2016.
ووفقا لتقرير أصدره البنك الدولي بعنوان مراقبة تسعير الكربون لعام 2017، فإن هذه الدول والولايات والأقاليم عبأت عائدات تزيد على 20 مليار دولار من نظم تسعير الكربون، للسنة الثانية على التوالي، مع وجود إمكانية تحقيق زيادة أكثر من ذلك بكثير.
ومن خلال مبادرة الشراكة من أجل تجهيز الأسواق، وهي منصة للبنك الدولي، يمكن للبلدان أن تعد سياسات تغير المناخ وتنفذها بشكل أفضل، بما في ذلك أدوات تسعير الكربون. وتستفيد هذه المبادرة من خبرات الشركاء لتبادل المعارف وأفضل الممارسات. وتشتمل النتيجة على تبادل تفاصيل فنية ومعقدة للغاية لتصميم نظم تسعير الكربون، مثل تحديد الحصص، ووضع التشريعات، وعمل سجل للانبعاثات، فضلا عن وضع نظم للمراقبة والإبلاغ والتحقق.
إن فرض سعر على الكربون خطوة مهمة، ويعتقد الكثيرون في القطاع الخاص بقوة أن الحكومات بحاجة إلى السير في هذا الاتجاه للتصدي بفعالية لتغير المناخ. وهناك عدد متزايد بشكل سريع من الشركات تعكف على الإعداد لعالم ترتفع فيه تكلفة انبعاثات الكربون - ففي عام 2017 كشف ما يقرب من 1400 شركة عن استخدام سعر داخلي للكربون، بما في ذلك أكثر من 100 شركة من قائمة أكبر 500 شركة في العالم (فورتشن غلوبال 500) تحقق عائدات سنوية مجموعها 7 تريليونات دولار.
وعلى الرغم من هذا التقدم، فإن 85% من الانبعاثات لا تزال خارج نطاق تسعير الكربون. وعلاوة على ذلك، فإن معظم أسعار الكربون الحالية أقل بكثير من 40-80 دولارا للطن من ثاني أكسيد الكربون حتى عام 2020 و 50-100 دولار لطن ثاني أكسيد الكربون حتى عام 2030. وقد وجدت اللجنة رفيعة المستوى المعنية بأسعار الكربون، التي يشارك في رئاستها جوزيف ستيغليتز واللورد نيكولاس ستيرن ويساندها البنك الدولي، أن هذه المستويات المستهدفة لتسعير الكربون تتفق مع هدف درجة الحرارة المحدد في اتفاق باريس.
ويمثل تسعير الكربون خيارا بسيطا وعادلا وكفؤا لسياسات التصدي لتغير المناخ. ويمكنه أيضا أن يحقق فوائد إضافية، بحيث يؤدي إلى تقليل تلوث الهواء والازدحام مع تجنب زيادة تكاليف التدابير العلاجية المرتبطة بالمسار الحالي المرتفع لتزايد الكربون في العالم.
وبالنسبة للشركات، فإن تسعير الكربون يتيح لها إدارة المخاطر، والتخطيط لاستثماراتها منخفضة الكربون، ودفع الابتكار قدما إلى الأمام.
ولكن من الواضح أن هناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات أقوى على صعيد تسعير الكربون. فمبادرات تسعير الكربون الحالية لا تغطي سوى 15% فقط من الانبعاثات العالمية، و 75% من هذه الانبعاثات محددة السعر بأقل من 10 دولارات للطن. وثمة حاجة إلى تحقيق مزيد من التقدم للمساعدة في تحقيق أهداف اتفاق باريس.
تدابير تحويلية
يجمع تحالف القادة لتسعير الكربون، الذي أطلق رسميا في مؤتمر الأمم المتحدة الحادي والعشرين حول تغير المناخ في باريس في ديسمبر/كانون الأول 2015، بين قادة الحكومات الوطنية ودون الوطنية والقطاع الخاص والمجتمع المدني بهدف وضع سياسات فعالة لتسعير الكربون تحافظ على القدرة التنافسية، وخلق فرص العمل، وتشجيع الابتكار، وتحقق تخفيضات كبيرة في الانبعاثات. ويقود التحالف العمل من خلال جبهات مختلفة:
1. إنشاء مستودع للتجارب والخبرات العالمية بشأن تصميم وتنفيذ سياسات تسعير الكربون، بما في ذلك المنتجات المعرفية مثل تقرير اللجنة رفيعة المستوى المعنية بتسعير الكربون، وخريطة بيانات إلكترونية لتسعير الكربون، وحلقات دراسية على شبكة الإنترنت مع قادة الأعمال، مع تجميع أحدث تحليلات للقضايا الرئيسية.
2. الجمع بين القطاعين العام والخاص من خلال تنظيم فعاليات عالمية.
3. التعاون مع أصحاب المصلحة في تعميق المشاركة القطاعية: بما في ذلك سلسلة القيمة في مجال البناء، وقطاع البنوك، والقطاع البحري.
والهدف من تحالف القادة لتسعير الكربون، الذي ساعدت مجموعة البنك الدولي في عقد اجتماعه ومساندته، هو النهوض بالنظم الفعالة لتسعير التلوث بالكربون وتوسيع نطاق استخدامها على الصعيد العالمي، ومساعدة البلدان على الحفاظ على القدرة التنافسية، وخلق فرص العمل، وتشجيع الابتكار، وتحقيق تخفيضات ملموسة في الانبعاثات.
وحتى عام 2017، أصبح التحالف يضم أكثر من 25 شريكا حكوميا وطنيا ودون الوطني، وأكثر من 150 شريكا من القطاع الخاص من مجموعة متنوعة من المناطق والقطاعات، وأكثر من 50 شريكا استراتيجيا يمثلون المنظمات غير الحكومية ومنظمات الأعمال والجامعات.
النتائج المتوقعة:
يعمل تحالف القادة لتسعير الكربون مع الشركاء نحو تحقيق الهدف طويل الأجل لتسعير الكربون الذي يطبق في الاقتصاد حول العالم، بأهداف لمضاعفة النسبة المئوية للانبعاثات العالمية التي تغطيها أسعار الكربون الصريحة إلى 25% بحلول عام 2020، ومضاعفة ذلك مرة أخرى إلى 50% خلال عقد من الزمن.
حقائق وأرقام أساسية:
- تقوم 42 حكومة وطنية و 25 حكومة دون الوطنية بتسعير الكربون.
- ستكون هناك حاجة إلى مبلغ إضافي قدره 700 مليار دولار سنويا بحلول عام 2030 لتمويل الانتقال إلى اقتصادات منخفضة الكربون.
- حققت عائدات تسعير الكربون أكثر من 20 مليار دولار للسنة الثانية على التوالي.
وضع ما يقرب من 1400 شركة سعرا داخليا للكربون في خطط أعمالها، بما في ذلك أكثر من 100 شركة من قائمة أكبر 500 شركة في العالم "فورتشن جلوبال 500" تحقق عائدات سنوية مجموعها 7 تريليونات دولار.