التحديات والفرص
تجري على نحو متزايد الاستفادة من جيوب المياه الساخنة أو البخار الموجودة تحت القشرة الأرضية كبديل ميسور التكلفة ومستدام للوقود الأحفوري. تعتبر الطاقة الحرارية الأرضية من مصادر الطاقة المتجددة القليلة القادرة على إنتاج الكهرباء على نحو مطرد على مدى 24 ساعة يومياً. وفي ظل الظروف المناسبة، يمكنها أن تكون تنافسية من حيث التكلفة مع الفحم أو الغاز الطبيعي، مما يعني قدرة البلدان على تقليل اعتمادها على واردات الوقود وزيادة أمنها على صعيد الطاقة. وبإمكان الطاقة الحرارية الأرضية أيضاً، باعتبارها مصدراً أنظف لإنتاج الكهرباء، أن تلعب دوراً رئيسياً في تخليص قطاع توليد الكهرباء من الكربون.
على الرغم من هذه الإمكانيات المبشرة، ما زال ارتفاع التكاليف الأولية خلال مرحلة الاستكشاف الأولية ومخاطر عدم نجاح الاستكشاف عقبتين أمام الاستفادة من هذا المورد الطبيعي على نطاق واسع. وتظهر التجارب العالمية أن تخفيف المخاطر، ولا سيما أثناء المرحلة الاستكشافية الأولية، يمكنه إطلاق عنان الاستثمار بفاعلية. وسيتطلب توسيع استغلال الطاقة الحرارية الأرضية عالمياً تعبئة كبيرة لاستثمارات القطاع الخاص التي تيسرها آليات تخفيف المخاطر التي تتضمن استخدام التمويل الميسر من الموارد العامة والتمويل المناخي والضمانات.
يقود برنامج المساعدة في إدارة قطاع الطاقة التابع للبنك الدولي الخطة العالمية لتنمية الطاقة الحرارية الأرضية لتعبئة أموال جديدة للمراحل الاستثمارية الأولية التي تنطوي على أكبر قدر من المخاطر. وإلى الآن، نجحت الخطة في تعبئة 235 مليون دولار.
تقدم مؤسسة التمويل الدولية، أحد أعضاء مجموعة البنك الدولي، أيضاً خدمات مالية واستشارية لمساندة استكشاف وتنمية مشاريع توليد الكهرباء باستخدام الطاقة الحرارية الأرضية التابعة للقطاع الخاص في الأسواق الصاعدة. فعلى سبيل المثال، رتبت المؤسسة في عام 2010 حزمة تمويل بقيمة 190 مليون دولار لمساندة إقامة أكبر مشروع ناشئ في نيكاراغوا لتوليد الطاقة الحرارية الأرضية، وهو مشروع سان خاسينتو، الذي تبلغ سعته التوليدية 72 ميغا واط، وسيوفر متى تم الانتهاء منه حوالي 20% من احتياجات نيكاراغوا إلى الكهرباء. وفي عام 2013، أبرمت المؤسسة اتفاقية مع شركة إعادة التأمين الدولية "ميونيخ ري" لتطوير منتجات تأمينية لتغطية مخاطر استكشاف الطاقة الحرارية الأرضية وتنفيذها على أساس تجريبي في تركيا. وقد مُولت هذه المشاريع التجريبية الأربعة بمبلغ 420 مليون دولار من استثمارات القطاع الخاص، ويُتوقع أن تضيف سعة توليدية مقدارها 140 ميغا واط من الطاقة الحرارية الأرضية.
إجراءات تحويلية
تتمتع إندونيسيا بأكبر إمكانيات في العالم على صعيد الطاقة الحرارية الأرضية. وتعتبر مساندة البنك الدولي لتطوير الطاقة الحرارية الأرضية في إندونيسيا مكوناً أساسياً من مكونات إطار الشراكة الاستراتيجية لمجموعة البنك الدولي الخاص بإندونيسيا، والذي يركز على الأولويات الحكومية ذات الإمكانيات التحويلية.
تعتمد إندونيسيا في الوقت الراهن اعتماداً كبيراً على الوقود الأحفوري وخصوصاً الفحم، الذي يعتبر مصدرها الرئيسي لإنتاج الكهرباء. وسيساعد التحول إلى الطاقة الحرارية الأرضية إندونيسيا على خفض انبعاثات غازات الدفيئة بدرجة كبيرة، ويساند أهداف تخفيف الآثار المناخية الوطنية المنصوص عليها في مساهمتها الوطنية لمكافحة تغير المناخ في اتفاق باريس. ولتلبية الطلب المتنامي على الطاقة بطريقة مسؤولة بيئياً، شرعت الحكومة في تنفيذ خطة طموحة لتطوير مواردها الحرارية الأرضية.
ولتحقيق غايتها المتمثلة في إضافة سعة توليدية مقدارها 5.8 جيجا واط باستخدام الموارد الحرارية الأرضية بحلول عام 2026، ستحتاج إندونيسيا على مدى السنوات الثماني المقبلة إلى استثمارات تقدر بحوالي 25 مليار دولار يُتوقع أن يساهم القطاع الخاص بنسبة كبيرة منها.
وبمساندة البنك الدولي وشركاء آخرين، تعكف الحكومة الإندونيسية على التخطيط لإنشاء صندوق جديد لتخفيف مخاطر الطاقة الحرارية الأرضية. وسيقوم هذا الصندوق بتعبئة عدة مليارات من الدولارات من القطاع الخاص، مُطلقاً بذلك العنان للاستثمارات من خلال تخفيف مخاطر الاستكشاف والتنقيب الإنتاجي المبكر. وسيسمح هذا للمستثمرين بتقديم موارد كافية لاجتذاب التمويل التجاري لعمليات التطوير على نطاق واسع. ويُتوقع أن يؤدي الصندوق على مدى السنوات السبع المقبلة إلى تطوير سعة توليدية جديدة تزيد على 1 جيجا واط من الطاقة الحرارية الأرضية.
يقوم هذا الصندوق الجديد على مشاركة طويلة متمحورة حول الطاقة الحرارية الأرضية في إندونيسيا. ففي عام 2012، ساند البنك الدولي الحكومة من خلال منحة مقدمة من صندوق البيئة العالمية لتنفيذ إصلاحات تهدف إلى تحسين المناخ الاستثماري لتطوير الطاقة الحرارية الأرضية. كما ساعد أيضاً شركة برتامينا جيوثيرمال إنرجي على إطلاق برنامجها الطموح للتوسع في الطاقة الحرارية الأرضية من خلال قرض بقيمة 175 مليون دولار من البنك الدولي للإنشاء والتعمير، بالإضافة إلى تمويل ميسر بقيمة 125 مليون دولار من صندوق التكنولوجيا النظيفة.
ومؤخراً في عام 2017، قدّم البنك الدولي 55.25 مليون دولار على هيئة منح لمساندة مشروع تطوير المرافق الأولية لإنتاج الطاقة الحرارية الأرضية في إندونيسيا، الذي يهدف إلى تيسير الاستثمار في توليد الكهرباء من الطاقة الحرارية الأرضية في البلد. ويساهم صندوق التكنولوجيا النظيفة بمبلغ 49 مليون دولار لمساندة تطوير البنية التحتية والتنقيب الاستكشافي. فيما يساهم صندوق البيئة العالمية بمبلغ إضافي مقداره 6.25 مليون دولار لمساندة المساعدة الفنية بهدف بناء القدرات في استكشاف الطاقة الحرارية الأرضية، بما في ذلك إجراءات الفحص الشامل. وستقدم وزارة المالية والتجارة وشركة بي تي سارانا مالتي انفراستركتور، وهي شركة لتمويل إنشاء البنية التحتية مملوكة للدولة، للمشروع مبلغاً يساوي تمويل صندوق التكنولوجيا النظيفة.
النتائج
تستهدف إندونيسيا زيادة حصة الطاقة الجديدة والمتجددة في مزيجها الأساسي من الطاقة إلى 23% بحلول عام 2025، متضمناً إضافة سعة توليدية مقدارها 5.8 جيجا واط من الطاقة الحرارية الأرضية. وسيساعد صندوق تخفيف المخاطر المرتبطة باستخراج الطاقة الحرارية الأرضية إندونيسيا على بلوغ هذا الهدف بتعبئة مليارات الدولارات على هيئة تمويل تجاري لتطوير سعة توليدية جديدة تزيد على 1 جيجا واط من الطاقة الحرارية الأرضية. وتولد إندونيسيا حالياً حوالي 1.8 جيجا واط من الطاقة الحرارية الأرضية، فيما تبلغ إمكانياتها الإجمالية 29 جيجا واط. وباستخدام إندونيسيا كنموذج، بإمكان البلدان الأخرى تطبيق نهج مماثل في التوسع في استخدام الطاقة الحرارية الأرضية.
حقائق وأرقام أساسية
- تتراوح إمكانية توليد الكهرباء من الطاقة الحرارية الأرضية عالمياً بين 70 و80 جيجا واط، لكن لا يُستغل من الاحتياطيات المعروفة حول العالم غير 15% في توليد 13 جيجا واط فقط من الكهرباء.
- تبلغ تكلفة تنفيذ حملة استكشافية وبرنامج للحفر الاستكشافي الأولي لما بين ثلاثة وخمسة آبار حرارية أرضية ما بين 20 و30 مليون دولار.
- الطاقة الحرارية الأرضية ثاني أكبر مورد طاقة متجددة في إندونيسيا بعد الطاقة الكهرومائية، وبديل نظيف لتوليد الكهرباء باستخدام الفحم. تجدر الإشارة إلى أن هناك حوالي 30 مليون إندونيسي (ما يعادل 12% من السكان) لا يحصلون على خدمات كهرباء حديثة ومستمرة.