التحديات والفرص
يشكل التآكل والفيضانات في المناطق الساحلية بغرب أفريقيا من موريتانيا إلى غابون تهديداً خطيراً لمعايش الناس وسلامتهم واستثماراتهم. وتتسبب العواصف العاتية وارتفاع منسوب مياه البحار في تدمير المنازل والطرق والمباني التي تمثل معالم بارزة بالنسبة للأجيال المقبلة. ولم تعُد توجد رمال بالشواطئ، وأُزيلت أشجار المانغروف، بل وأصبح السكان أكثر عرضة لآثار تغيُّر المناخ. ومع انجراف المنازل في البحر ومحدودية صيد الأسماك، لا يجد الناس خيارا سوى الرحيل لكسب أقواتهم، وهو اتجاه بدأ يُحدث تفتيتا في المجتمعات المحلية وتغييرا في النسيج الاجتماعي للأجيال المقبلة.
سنوياً، تهدد الفيضانات وتآكل السواحل المتفاقم 500 ألف شخص في المتوسط ممن يعيشون على طول الساحل في غرب أفريقيا، حيث تُقدَّر الخسائر الاقتصادية بأكثر من 2% من إجمالي الناتج المحلي. وفي بعض المناطق، يتعرَّض الساحل للتآكل بواقع يصل إلى 10 أمتار أو أكثر سنوياً. وفي عام 2016، كان يعيش نحو ثلث سكان المنطقة (122 مليونا) في مناطق يقل ارتفاعها عن 5 أمتار.
يتسبب التوسع العمراني السريع وغير المخطط غالباً في إحداث تحوُّل كبير في المسطحات الطبيعية الخضراء التي كانت تشكِّل في السابق حاجزاً أمام التآكل والفيضانات. وينشأ نحو 80% من تلوث السواحل من مصادر برية تكون بالأساس صناعية وزراعية وحضرية.
وتؤثر هذه التطورات على الفئات الأشد فقرا وتهميشا بشكل غير متناسب، وستزداد حدتها جراء تغيُّر المناخ.
إن مشكلة تآكل السواحل والفيضانات ليست مقصورة على غرب أفريقيا وحدها. فهي تؤثر على سواحل البلدان في مختلف أنحاء العالم. وتُعد مجموعة البنك الدولي أكبر مموِّل منفرد للاستثمارات المتعلقة ببناء القدرة على مواجهة آثار تغيُّر المناخ والكوارث. وهي أيضا أحد الأطراف الفاعلة المهمة في تمويل مرافق البنية التحتية القادرة على مواجهة الكوارث من خلال برامج إقليمية من بينها مبادرة وبرنامج تعزيز القدرة على الصمود والتكيُّف في البحر الكاريبي، وبرنامج تعزيز القدرة على الصمود والتكيُّف في المحيط الهادئ، وبعض البرامج الوطنية الجاري تنفيذها، وكذلك مبادرة تقييم المخاطر في جنوب غرب المحيط الهندي وتمويل التصدي لها. وأطلق البنك أيضا مبادرة تعزيز قدرة الدول الجزرية الصغيرة على الصمود والتكيُّف.
رغم أن البلدان بدأت في التحرك لاحتواء مخاطر التآكل والفيضانات، فإن احتياجاتها التمويلية هائلة. ويلزم اتخاذ إجراءات إقليمية منسَّقة لأن جهود مكافحة التآكل في بلد ما يمكن أن تؤثر على الساحل في بلد مجاور. ويمكن للتعاون على مستوى السياسات والمستوى الفني أن يساعد البلدان على إدارة المناطق المعرَّضة بشدة لخطر التآكل والحفاظ على سبل كسب العيش التي توفرها البيئة الساحلية الصحية للأفراد والاقتصادات.
إجراءات تحويلية
تعمل بلدان غرب أفريقيا معاً على التصدي للتحديات التي يشكلها تقلُّص سواحلها. وقد أعدَّت مجموعة البنك الدولي برنامج إدارة المناطق الساحلية في غرب أفريقيا، وذلك في إطار الشراكة مع المستفيدين النهائيين من البرنامج: الأشخاص الذين يعيشون على طول الساحل في غرب أفريقيا ويعتمدون عليه في كسب الرزق والغذاء وتحقيق الأمن الغذائي والرخاء. ويستهدف هذا البرنامج 17 بلدا من بلدان غرب أفريقيا لتحسين إدارة المخاطر المشتركة، الطبيعية والتي من صنع الإنسان، التي تؤثر على المجتمعات المحلية الساحلية.
يتيح هذا البرنامج للبلدان إمكانية الحصول على المعرفة والخبرات الفنية والتمويل لمساندة تحقيق التنمية المستدامة في المنطقة الساحلية، وذلك باستخدام إدارة تآكل السواحل والفيضانات الخطرة كنقطة انطلاق. ويُعد البنك الدولي وشركاؤه من الجهات الرائدة في تطبيق هذا النهج الإقليمي الأول من نوعه للتصدي لتآكل السواحل الخطير.
في إطار برنامج إدارة المناطق الساحلية في غرب أفريقيا، سيتم إطلاق برنامج استثماري رفيع المستوى في عام 2018 والذي سيقوم بتعبئة استثمارات من القطاعين العام والخاص لاجتذاب ملياري دولار على الأقل للتصدي لتدهور السواحل والتكيُّف مع آثار تغيُّر المناخ. ومن المتوقع أن تتم الموافقة على أول مشروع للاستثمار في تعزيز قدرة المناطق الساحلية بغرب أفريقيا على الصمود والتكيُّف في أوائل عام 2018. ومن المتوقع أيضا أن يقدم هذا المشروع تمويلا بقيمة 200 مليون دولار من المؤسسة الدولية للتنمية التابعة للبنك الدولي وصندوق البيئة العالمية وصندوق التنمية لبلدان الشمال الأوروبي، كما سيغطي في البداية ستة بلدان (بنن، وكوت ديفوار، وموريتانيا، وسان تومي وبرينسيبي، والسنغال، وتوغو). وسيعمل المشروع مع مؤسسات إقليمية قائمة من بينها الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب أفريقيا.
حقائق/أرقام أساسية
• أصبح سكان المناطق الساحلية في غرب أفريقيا معرَّضين بشكل متزايد لآثار تغيُّر المناخ، لاسيما فيما بين الفقراء الذين تعتمد معايشهم الهشة أصلاً على جودة وكمية الموارد الطبيعية.
• سنوياً، تهدد الفيضانات وتآكل السواحل المتفاقم نحو 500 ألف شخص في المنطقة، مما يسبب خسائر اقتصادية تعادل نحو 2% من إجمالي الناتج المحلي.
• في عام 2016، كان يعيش ما يُقدَّر بنحو 122 مليون شخص، أو ثلث السكان في المناطق الساحلية من موريتانيا إلى غابون، في مناطق يقل ارتفاعها عن 5 أمتار.
• بلغت تكلفة التدهور البيئي في المناطق الساحلية بتوغو وموريتانيا ما يعادل 7% و7.5% من إجمالي الناتج المحلي الوطني في عامي 2013 و2014 على التوالي.