تأسس البنك الدولي في أعقاب الحرب العالمية الثانية، ومن ثم فإن إعادة الإعمار والتنمية بهدف تعزيز الاستقرار هما مكونان رئيسان في الخبرة الأساسية لمجموعة البنك. وفي إطار التعامل مع الأوضاع الهشة التي تزداد تعقيداً، تتخذ مجموعة البنك الدولي نهجاً أوسع نطاقاً تجاه هذه الأوضاع والصراعات وأعمال العنف، بغية التصدي لمصادر عدم الاستقرار وبناء القدرة على الصمود في مواجهة الأزمات. وستواصل المجموعة أنشطتها أيضاً خلال الصراعات المحتدمة في البلدان التي تمر بمرحلة تعافي وتحول انتقالي. ويُعد التعاون الوثيق بين الشركاء في مجالات الأنشطة الإنسانية والإنمائية المرتبطة بالسلام أمراً حاسم الأهمية لتحقيق النجاح.
يجري حالياً تصميم حزمة قياسية من التمويل قدرها 33 مليار دولار لصالح البلدان المتأثرة بأوضاع الهشاشة والصراع والعنف، تمت الموافقة عليها في ديسمبر/كانون الأول 2021 في إطار العملية العشرين لتجديد موارد المؤسسة الدولية للتنمية، بهدف مواجهة التحديات المتنوعة في الأشد فقرا. وستتاح لهذه البلدان أيضا إمكانية الحصول على موارد إضافية من المؤسسة الدولية للتنمية لمعالجة قضايا مواضيعية محددة حتى تتمكن من الحصول على المساندة في كل مرحلة من مراحل دورة الصراع: المساعدة في منع تصاعد الصراعات، ومواصلة المشاركة أثناء الأزمات وأوضاع ما بعد الأزمة للحفاظ على رأس المال البشري والمؤسسات الرئيسية، والمساعدة في خلق فرص التنمية للاجئين والمجتمعات المضيفة لهم.
وبناءً على هذا التقدم، أعدت مجموعة البنك الدولي إستراتيجية شاملة للتصدي لمحركات الهشاشة والصراع والعنف في البلدان المتضررة وتأثيرها على السكان الأكثر احتياجاً والأولى بالرعاية، من أجل تحقيق الهدف النهائي المتمثل في الإسهام في تحقيق السلام والرخاء.
وعلى الرغم من أن رسالتنا تتعلق بتحقيق التنمية طويلة الأجل، فإننا نتحرك بسرعة لمد يد العون عندما تنشأ الحاجة لذلك. وفي أوائل مارس/آذار 2022، وافق مجلس المديرين التنفيذيين للمؤسسة على تقديم مساندة سريعة الصرف لأوكرانيا للمساعدة في دفع أجور العاملين في المستشفيات، والمعاشات التقاعدية لكبار السن، والبرامج الاجتماعية للفئات الأكثر احتياجا (انظر المزيد من المستجدات عن مساندتنا لأوكرانيا).
تبني مساندتنا على عملنا التحليلي وإستراتيجيتنا في كل من البلدان المتأثرة بأوضاع الهشاشة والصراع والعنف، حيث نلتزم بما يلي:
- معالجة الأسباب الجذرية للهشاشة قبل أن تتصاعد وتتحول إلى صراع؛
- مواصلة العمل في حالات الأزمات للحفاظ على رأس المال البشري والمؤسسات الرئيسية؛
- تدعيم العقد الاجتماعي بين المواطنين والدولة؛
- ضمان اشتمال الفئات الأكثر احتياجاً والأشدّ تهميشاً.
وثمة حاجة إلى المزيد من التمويل الموجه على نحو أفضل على نطاق واسع من أجل تعزيز فعالية البنك في البيئات الأشد تعرضاً لأوضاع غير آمنة.
يساند صندوق تقوية قدرات الدول وبناء السلام، الذي تأسس عام 2008 ويُعد أكبر صندوق استئماني عالمي متعدد المانحين لمجموعة البنك الدولي، أنشطة المجموعة في المناطق المتأثرة بالأوضاع الهشة والصراعات والعنف. وتماشيا مع إستراتيجية مجموعة البنك للتعامل مع أوضاع الهشاشة والصراع والعنف، أدت قدرة الصندوق على سرعة التحرك لتلبية الاحتياجات الناشئة ومرونته في العمل في جميع البلدان والأقاليم - بما في ذلك البلدان متوسطة الدخل التي تضم جيوباً من الهشاشة، والبلدان غير الأعضاء والبلدان التي عليها متأخرات- إلى توسيع قدرة البنك الدولي على العمل في هذه البيئات. ويتيح نهج الصندوق الذي يحركه جانب الطلب أن يظل مرنا وأن يركز على الابتكار والتمويل التحفيزي.
ولمساعدة البلدان متوسطة الدخل على معالجة أزمة اللاجئين، قدم البرنامج العالمي لتسهيلات التمويل المُيسَّر، الذي أُنشئ بالاشتراك مع الأمم المتحدة والبنك الإسلامي للتنمية ويديره البنك الدولي، حتى الآن أكثر من 746 مليون دولار في شكل منح لتعبئة نحو 5.5 مليارات دولار من التمويل المُيسَّر. وتعود هذه المنح بالنفع على اللاجئين السوريين والمجتمعات المحلية المضيفة لهم في الأردن ولبنان، مما يشجع على إتاحة فرص العمل وتوسيع نطاق الخدمات العامة والبنية التحتية الحيوية. كما تساند في تلبية احتياجات المواطنين الفنزويليين الذين فروا من الأزمة المستمرة في بلدهم، وتلبية احتياجات المجتمعات المحلية المضيفة لهم في كولومبيا وإكوادور. كما يساعدون على تجهيز مولدوفا لتعزيز السياسات والبرامج لتحسين المساعدة في إدماج اللاجئين الأوكرانيين.
ولتحقيق ذلك، يعمل البنك الدولي على تعميق معارفه وتوسيع "مجموعة الأدوات" الخاصة بالأوضاع الهشة والصراعات والعنف.ويشمل ذلك:
- وتضع أوضاع الهشاشة والصراع والعنف في البلدان المتوسطة الدخل خيارات أمام البنك الدولي والهيئات الإنمائية الأخرى للعمل بمزيد من الفاعلية في هذه الأوضاع.
- نهجا إنمائيا للتعامل مع حالات النزوح الداخلي بسبب الصراع: يحدد عدة توصيات لزيادة دعمنا للنازحين داخليا بسبب الصراع والبلدان المضيفة لهم.
- تقييمات المخاطر والقدرة على الصمود في وجه الأزمات والتعافي من آثارها: تشكل أساساً لعمل البنك في البلدان وتوفر المعلومات الضرورية لإعداد الدراسات التشخيصية المنهجية وأطر الشراكات القُطرية. كما تهدف إلى معالجة المخاطر والصدمات الكبيرة على اختلاف أنواعها.
- تقييمات التعافي من الأزمات وبناء السلام: توفر منصة لمساعدة الحكومات وشركائها الدوليين على تحديد أنشطة التعافي من الأزمات وبناء السلام، وترتيب أولوياتها وتسلسلها وتنسيق الإِجراءات المساندة للتخطيط والتنفيذ.
- دراسة مشتركة بين الأمم المتحدة والبنك الدولي، مسارات السلام: منهج شامل للجميع من أجل منع لصراعات العنيفة: يهدف إلى تحسين فهم كيفية تفاعل العمليات الإنمائية مع المناهج الأمنية والدبلوماسية وغيرها من المناهج لمنع تحول الصراع إلى العنف، وهو المنهج الذي نُشر في مارس/أذار 2018.
- دراسة رئيسية عن النازحين قسراً: تنظر في البيانات المتاحة لفهم نطاق التحدي بشكل أفضل، وتقترح منهجا إنمائيا يدعم كلا من اللاجئين والمجتمعات المضيفة بحلول طويلة الأجل.
تمثل مساندة الاستثمارات المستدامة في الأوضاع الهشة والمتأثرة بالصراعات أولوية بالنسبة لمؤسسة التمويل الدولية. فالبلدان الهشة المتأثرة بالصراعات تحتاج إلى استثمارات لخلق فرص عمل، وتحفيز النمو الاقتصادي، وتوليد عائدات ضريبية، وإعادة بناء البنية الأساسية، وإحياء الأمل في قلوب الناس. ومن بين مؤسسات التمويل الإنمائي، تتصدر مؤسسة التمويل الدولية هذا المجال، حيث تستثمر وتعبأ نحو 14 مليار دولار في البلدان الهشة والمتأثرة بالصراعات على مدى العقد الماضي. وتقدم المؤسسة أيضا مساندة استشارية للمساعدة في إعداد مجموعة من الاستثمارات المستدامة في هذه السياقات.