إعادة البناء على نحو أفضل
خفض الديون وتحسين استدامة المالية العامة
حتى قبل تفشي الجائحة، كان النمو متباطئاً في البلدان النامية وكانت أعباء الديون قد ارتفعت إلى مستويات قياسية. وازداد الوضع سوءاً بسبب الجائحة ولم يتبقَ لهذه البلدان سوى حيز ضئيل للغاية في المالية العامة للتصدي لهذه الأزمة. وقد ساعدت مجموعة البنك البلدان منذ بداية الجائحة على توفير موارد تمس الحاجة إليها بشكل عاجل، مع تدعيم مستوى الشفافية وقدرات إدارة الديون. كما عملنا بشكل وثيق مع مجموعة العشرين على تخفيف أعباء الديون للبلدان التي في أشد الحاجة إلى ذلك. ونساعد أيضاً البلدان على تحسين استدامة المالية العامة وتعبئة الموارد المحلية بمزيد من الكفاءة.
وقدَّمت مبادرة مجموعة العشرين لتعليق مدفوعات خدمة الدين، التي أُطلِقت في مايو/أيار 2020 بناءً على طلب البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، تخفيفاً من أعباء الديون بمبلغ يتجاوز 5 مليارات دولار لأكثر من 40 بلداً مشاركاً. وكان من المُقرر أن ينتهي أجلها في ديسمبر/كانون الأول 2020، ولكن تم تمديد العمل بها مرتين بسبب أزمة كورونا، ومن المُتوقع أن تنتهي في ديسمبر/كانون الأول 2021. وبالإضافة إلى ذلك، ساعدنا مجموعة العشرين على وضع الإطار المشترك لمعالجة الديون خارج نطاق المبادرة والذي سيساعد البلدان، التي تواجه أعباء ديون يتعذر الاستمرار في تحمُّلها، على الحصول على التخفيف من أعباء الديون الذي تحتاج إليه على أساس كل حالة على حدة.
وبعد إطلاق هذه المبادرة، اتخذت مجموعة البنك خطوة مهمة لزيادة الشفافية بشأن البلدان المُشارِكة في المبادرة. فقد أنشأنا نافذة افتراضية واحدة تقدِّم خدمات محاسبة لكل بلد على حدة من البلدان المُشارِكة في المبادرة والمبالغ المستحقة عليها للدائنين بناءً على معلومات من قاعدة بيانات البنك لإحصاءات الديون الدولية. وأدخلنا أيضاً أدوات تشجِّع على زيادة الشفافية بشأن الديون في البلدان المؤهلة للاقتراض من المؤسسة الدولية للتنمية، من بينها الخرائط البيانية الملوِّنة عن الشفافية في الإبلاغ عن الديون وعن إصدار سندات الدين المحلية.
وفي مارس/آذار 2021، ساعدت مساندتنا للسودان على تسوية ما عليه من متأخرات للمؤسسة الدولية للتنمية مما مكَّنه من استئناف مشاركته مع مجموعة البنك بشكل كامل بعد ما يقرب من ثلاثة عقود، وتمهيد الطريق أمامه للحصول على قرابة ملياري دولار من منح المؤسسة لأغراض الحد من الفقر وتحقيق تعافٍ اقتصادي مستدام. وقد قرَّبت تسوية المتأخرات السودان من التأهُّل للاستفادة من تخفيف عبء الديون في إطار المبادرة المتعلقة بالبلدان الفقيرة المثقلة بالديون ويُتوقَّع خفض عبء دينه الخارجي البالغ قرابة 57 مليار دولار.
ومن خلال عملنا البحثي والتحليلي، قدَّمنا المشورة للبلدان بشأن كيفية إدارة الإنفاق العام وتحسين تعبئة الموارد المحلية بطرق تتسم بالكفاءة والفاعلية معاً، ويشمل ذلك العمل على إعادة التوازن الضريبي لمعالجة تزايد عدم المساواة. وساهمنا أيضاً بتقديم رؤى وأفكار جديدة حول كيفية تحسين استمرارية القدرة على تحمُّل الديون واستدامة المالية العامة من خلال تحليل الفجوات في الإفصاح عن الدين العام في البلدان النامية وتقديم إرشادات بشأن تطوير أسواق السندات بالعملات المحلية.
الاستثمار في العمل المناخي
مجموعة البنك الدولي هي أكبر مموِّل متعدد الأطراف للاستثمارات المناخية في البلدان النامية، حيث قدَّمت تمويلاً للأنشطة المناخية في البلدان بقيمة 83 مليار دولار على مدى السنوات الخمس الماضية ووسَّعت أولويات التصدي لتغيُّر المناخ لتشمل قطاعات غير مرتبطة بذلك تقليدياً، بدءاً من إعداد الموازنات المالية والتخطيط المالي وصولاً إلى التنمية الرقمية والحماية الاجتماعية. وفي السنة المالية 2020، ارتبطت مجموعة البنك بتقديم مبلغ قياسي قدره 21.4 مليار دولار لتمويل الاستثمارات المتعلقة بالمناخ وهو أعلى مستوى في عام واحد؛ وارتفع تمويل أنشطة التكيُّف من 40% من تمويل البنك للأنشطة المناخية في عام 2016 إلى 52% في عام 2020. وتُعد هذه الجهود الآن أكثر إلحاحاً فيما تعمل البلدان على مكافحة آثار تغيُّر المناخ في خضم أزمة جائحة كورونا. وفي هندوراس، ساندنا استجابة البلاد الطارئة لإعصاري إيتا وإيوتا والتعافي من آثارهما خلال موسم الأعاصير الأكثر نشاطاً على الإطلاق في المحيط الأطلسي. وفي الفلبين، ساعد مشروع للحد من مخاطر الكوارث في التصدي للصدمات المتعددة المتعلقة بالأزمة الصحية الناجمة عن الجائحة، والأعاصير المدمِّرة، والركود العالمي.
وفي يونيو/حزيران 2021، أصدرنا خطة عمل جديدة بشأن تغيُّر المناخ للسنوات 2021-2025. وتمثل هذه الخطة تحوُّلاً جذرياً لمجموعة البنك بالانتقال من الاستثمار في المشروعات الخضراء إلى مراعاة الاعتبارات البيئية في جميع قطاعات الاقتصاد، ومن المدخلات إلى قياس الآثار التي تساعد البلدان على خفض الانبعاثات وتدعيم قدرتها على مواجهة المخاطر المناخية.
وفي إطار الخطة الجديدة، نرتبط بتقديم مستويات قياسية من تمويل الأنشطة المناخية للبلدان النامية: 35% في المتوسط من تمويل مجموعة البنك لمساندة التدابير المناخية للبلدان، ارتفاعاً من 26% في المتوسط خلال السنوات الخمس الماضية، مع توجيه 50% على الأقل من تمويل الأنشطة المناخية المُقدَّم من البنك الدولي للإنشاء والتعمير والمؤسسة الدولية للتنمية لمساندة أنشطة التكيُّف. وسنقوم أيضاً بمواءمة جميع التدفقات التمويلية مع أهداف اتفاق باريس، وسيطبِّق البنك الدولي ذلك على جميع العمليات الجديدة بدءاً من 1 يوليو/تموز 2023. وبالنسبة لمؤسسة التمويل الدولية والوكالة الدولية لضمان الاستثمار، ستتم مواءمة 85% من عمليات القطاع الحقيقي التي وافق عليها مجلس المديرين التنفيذيين بدءاً من 1 يوليو/تموز 2023 وبنسبة 100% بدءاً من 1 يوليو/تموز 2025.
وتركِّز الخطة على القطاعات الرئيسية، وهي الطاقة والزراعة والغذاء والمياه والأراضي والمدن والنقل والصناعات التحويلية، التي تساهم بأكثر من 90% من الانبعاثات العالمية وتواجه تأثيرات مناخية كبيرة. ولإحداث تحولٍ في هذه الأنظمة، سنساعد على وضع معايير عالمية للأنظمة المالية لتحفيز الاستثمارات منخفضة الانبعاثات الكربونية والمتسمة بالاستدامة والقدرة على الصمود، وذلك بالاستفادة من خبراتنا في مجال السندات الخضراء وغيرها من الأدوات المالية المستدامة. ويركز نهجنا للتحوّل منخفض الانبعاثات الكربونية على الناس والمجتمعات المحلية، حتى يمكنهم الاستفادة من الاقتصاد المناخي الجديد، من خلال مساندة مشاركة المواطنين والعمليات التشاركية لضمان التوزيع العادل للمكاسب والمشاركة في تحمل الخسائر. وسنساعد أيضاً البلدان على تقييم الآثار التوزيعية للسياسات ومعالجتها، بما في ذلك تسعير الكربون، فضلاً عن تصميم أدوات وسياسات تساند التحوّل العادل اجتماعياً بعيداً عن الفحم.
وتعزز هذه الخطة الشفافية والمساءلة من خلال أنظمة رصد ذات مقاييس وأهداف ومعالم واضحة، فضلاً عن مساندة المعايير العالمية للحد من الانبعاثات. وبالنسبة لمشروعات البنك، سنستخدم مقاييس جديدة للإبلاغ عن قدرتها على مواجهة مخاطر الكوارث والمناخ، بينما سترصد مؤشرات النتائج الجديدة بشكل أفضل آثار إجراءاتنا التدخلية في البلدان، بما في ذلك تخفيضات الانبعاثات. ولتحسين الاندماج بين المناخ والتنمية وترتيب أولويات العمل، سنقوم بإعداد تقارير قُطرية جديدة عن المناخ والتنمية ستكون بمثابة تقارير تشخيصية أساسية لمجموعة البنك وسيتم الاسترشاد بها في مشاركاتنا مع البلدان. وسنعزز مساندتنا للبلدان وهي تقوم بإعداد وتنفيذ مساهماتها الوطنية الجديدة لمكافحة تغيّر المناخ وإستراتيجياتها طويلة الأجل، فضلاً عن مساعدتها على تدعيم أنظمتها المالية لإدارة المخاطر المتصلة بالمناخ وتعبئة رأس المال.
وتقوم مجموعة البنك أيضاً بعقد شراكات عالمية تقود العمل المناخي وتنسيقها والمشاركة فيها، ومن بينها تحالف وزراء المالية للعمل المناخي؛ وحتى يونيو/حزيران 2021، ضم هذا التحالف أكثر من 60 بلداً. وفي اجتماعه الوزاري على هامش اجتماعات الربيع لعام 2021، كثَّف التحالف دعواته إلى الاستثمار في النمو الأخضر وناقش السياسات اللازمة لدعم الحد من الانبعاثات الكربونية والمساعدة في إدارة المخاطر المناخية التي تهدد الاستقرار المالي.
تشجيع إصلاحات المالية العامة والقطاع المالي
هناك حاجة لاتخاذ تدابير عالمية استثنائية وعاجلة لمعالجة آثار الأزمات المتعاقبة مجتمعة، والتكيُّف كذلك مع أوضاع ما بعد الجائحة والعمل نحو تحقيق تعافٍ أخضر وقادر على الصمود وشامل للجميع. ونعمل على مساعدة البلدان على مكافحة الفقر المتزايد وأوجه عدم المساواة الآخذة في التعمُّق، مع القيام بمعالجة الدمار الناجم عن الجائحة والتحديات الأطول أجلاً التي يفرضها تغيُّر المناخ.
ويتسم نهجنا بالشمولية؛ فهو يتضمن إسداء المشورة للبلدان حول كيفية تنفيذ الإصلاحات والسياسات التي تتصدي للتحديات على مستوى الاقتصاد، مع توفير الحيز اللازم في المالية العامة وتعبئة رؤوس الأموال الخاصة. ونساعد البلدان على تقييم الآثار التوزيعية للإصلاحات وكيف تسهم في تحقيق النمو المستدام. كما نساعدها على وضع سياسات للمالية العامة والاقتصاد الكلي تراعي الاعتبارات المناخية. ولدعم هذه الجهود، نرصد مؤشرات الاقتصاد الكلي العالمية وكذلك الأسواق المالية وأسواق السلع الأولية. وندعو إلى تنفيذ إصلاحات هيكلية ومراعاة اعتبارات مكافحة الفقر وعدم المساواة في سياسات المالية العامة لتحقيق النمو الأخضر.
ونقوم بإعداد الأدوات والأدلة الإرشادية لمساعدة البلدان على تجاوز المفاضلات المُتصوَّرة بين أهداف الاقتصاد الكلي قصيرة الأجل والنمو المستدام طويل الأجل. ونساعدها أيضاً على دمج الاستدامة في إستراتيجيات النمو لحماية المناخ والموارد الطبيعية مع القيام بتحسين معدلات النمو والاستثمار وخلق الوظائف. وعلى المستوى الإقليمي، نساعد في تصميم تدابير مناخية مُوجَّهة نحو النمو مثل:
- سياسات المالية العامة لتحقيق التعافي المستدام. تصميم سياسات الضرائب والإنفاق للتصدي لتحديات تغيُّر المناخ، وصافي خلق الوظائف، وإدارة حِزَم التحفيز المالي على نحو مستدام.
- إصلاح نظام ضرائب ودعم الوقود. تقييمات الآثار الكمِّية لتسعير الكربون على الإيرادات، والإنتاج، والتوظيف، والعمل بالاقتصاد غير الرسمي، والانبعاثات، والتلوث، والصحة العامة.
- سياسة المالية العامة للاستخدام المستدام للأراضي. زيادة الإيرادات وتحسين الاستدامة من خلال إصلاحات ضرائب السلع الأولية، وتحويلات المالية العامة للأغراض البيئية، وإدارة إيرادات الغابات.
ويشمل عملنا بشأن سياسة المالية العامة أيضاً إسداء المشورة للحكومات حول كيفية زيادة كفاءة وفاعلية الإدارة المالية العامة وإدارة الاستثمارات العامة.
وفي كوت ديفوار، أدى المشروع الأول للنمو المستدام والشامل للجميع الذي تبلغ تكاليفه 200 مليون دولار إلى إزالة الحواجز التي تحول دون استثمار القطاع الخاص في الإنتاج المستدام للكهرباء والكاكاو. وقد ساعد أيضا الحكومة على تأمين تمويل إضافي للأنشطة المناخية بقيمة 100 مليون دولار.
ونساعد البلدان كذلك على إدخال معايير للسندات الخضراء ولوائح مُنظِّمة للإبلاغ من أجل دعم إقامة أنظمة مالية أكثر اخضراراً. وفي كولومبيا، عملنا مع الهيئات التنظيمية لضمان إفصاح صناديق المعاشات التقاعدية المحلية عن كيفية دمجها لعوامل المخاطر البيئية والاجتماعية والمتعلقة بنظام الحوكمة في إجراءاتها الاستثمارية.
التصدي للفساد وتشجيع الحوكمة الرشيدة
نساعد البلدان على تقوية نظم الحوكمة ومحاربة الفساد بهدف خلق حيز أكبر في المالية العامة، ورفع الكفاءة، وضمان تحسين جودة الخدمات لمن هم بحاجة إليها. ونساعد الحكومات على تحسين إدارة المالية العامة وتبسيط الإجراءات البيروقراطية ويشمل ذلك إدارة الضرائب وتطبيق اللامركزية وإصلاح المؤسسات المملوكة للدولة. كما نساعدها على استخدام التكنولوجيا في تقديم الخدمات العامة، وتوسيع سبل وصول الجمهور العام إلى المعلومات، وتحسين المساءلة، والحد من الفساد الإداري.
وتدعم مبادرة التكنولوجيا الحكومية التي أطلقناها التحوُّل الرقمي لتحديث العمليات الحكومية الأساسية مع القيام أيضا بتشجيع المشاركة المدنية وبناء المساءلة والثقة. وتساعد الشراكة العالمية للتكنولوجيا الحكومية والصندوق الاستئماني متعدد المانحين للتكنولوجيا الحكومية في تعميق هذه الجهود على نطاق عالمي وتعزيز ارتباطات المؤسسة الدولية للتنمية بشأن نظم الحوكمة والمؤسسات. وخلال أزمة جائحة كورونا، قمنا بإعداد مذكرات للسياسات وبوابة للتتبُّع لمساعدة البلدان على تدعيم نظم الحوكمة والقدرة على الصمود.
وفي السنة المالية 2021، أطلقنا مجموعة من المبادرات لتقوية عملنا في مجال مكافحة الفساد والتصدي لطبيعته العابرة للحدود الوطنية، ولدور ديناميكيات القوة التي يمكن أن تجعله عصياً على المحاربة، وكذلك الحاجة إلى تحسين الشفافية. وأصدرنا بحوثاً حول كيفية مكافحة الفساد على مستوى القطاعات، وكذلك أدلة عملية عن استرداد الأصول وإدارة حالات تعارض المصالح. وقمنا بقيادة جهد تعاوني دولي جديد لوضع منهجية تقييم أنظمة المشتريات التي تهدف إلى تسريع وتيرة تنفيذ أنظمة للمشتريات العامة تكون حديثة ومتسمة بالكفاءة والاستدامة وأكثر شمولية؛ وأجرى البنك الدولي تقييمات بشأن ذلك في 17 بلداً. كما أطلقنا منصة المشتريات ومكافحة الفساد والشفافية لتيسير الوصول إلى بيانات المشتريات العامة وتمكين المستخدمين من تحديد المخاطر المتعلقة بالنزاهة والشفافية والتعامل معها.
وللتصدي للجائحة، عملنا مع المورِّدين على تبادل تقديرات الطلب الكلي ووضع إجراء مبسَّط لشراء المستلزمات والمعدات الطبية واللقاحات. وشمِل ذلك تسهيل عمليات الشراء الطارئة السريعة، ومعالجة قيود سلاسل الإمداد، وإدارة آثار الجائحة على المشتريات غير الطارئة وتنفيذ العقود. ولتعزيز الشفافية، يتم نشر جميع العقود على الموقع الإلكتروني الخارجي للبنك.
حماية الموارد الطبيعية ودعم التنوُّع البيولوجي
تمثل إدارة رأس المال الطبيعي وإدراك قيمته، مثل الغابات والمحيطات والمياه والتربة، عنصراً أساسياً في تحقيق تعافٍ أخضر وقادرٍ على الصمود وشاملٍ للجميع. ويؤدي سوء إدارة الأراضي إلى ظهور الأمراض حيوانية المنشأ، فيما ستساعد حماية الموارد الطبيعية على الحد من مخاطر الجوائح في المستقبل. ويعمل البنك مع البلدان على تنفيذ السياسات التي تحسِّن قيمة النظم الإيكولوجية مع القيام بمكافحة تغيُّر المناخ وتحسين سبل كسب العيش للأشخاص الذين يعتمدون على الموارد الطبيعية ومن بينهم العاملون في الحراجة ومصائد الأسماك والزراعة.
وقد قمنا باستثمارات لتقديم دعم سريع لقطاعات مصائد الأسماك والسياحة والسياحة البيئية ومساندة المجتمعات المحلية التي تسببت الجائحة في اضطراب أوضاعها المعيشية. وقد أدت الجائحة إلى زيادة استعمال المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد والنفايات الطبية التي يمكن أن ينتهي بها الحال في المحيطات والمجاري المائية؛ وفي الهند وباكستان، نساند الجهود المبذولة لمعالجة النفايات الطبية. ونقدِّم أيضا المساندة المالية والمساعدات الفنية والمنتجات المعرفية لإعانة البلدان على التصدي للآثار البيئية للجائحة واستخدام أموال التحفيز لتحقيق تعافٍ أخضر وقادرٍ على الصمود وشاملٍ للجميع. وفي المكسيك ومصر، نساند الجهود الرامية إلى تحسين جودة الهواء للمساعدة في إنقاذ الأرواح وزيادة الإنتاجية والحد من آثار تغيُّر المناخ.
وساهمنا في إجراء بحوث وتحليلات جديدة تتعلق بالمخاطر التي تهدد التنوُّع البيولوجي وخدمات النظم الإيكولوجية وتقدِّم مبررات اقتصادية قوية للاستثمار في الطبيعة. وفي قمة كوكب واحد التي عُقِدت في يناير/كانون الثاني 2021 وركَّزت على التنوُّع البيولوجي، ارتبطنا باستثمار أكثر من 5 مليارات دولار خلال السنوات الخمس المقبلة في مبادرة الجدار الأخضر العظيم التي تسعى إلى إعادة تأهيل الأراضي المتدهورة، وتحسين الإنتاجية الزراعية، والاستثمار في البنية التحتية القادرة على مواجهة التغيُّرات المناخية في 11 بلداً أفريقياً تتراوح من جيبوتي إلى السنغال.
بناء مدن شاملة أكثر اخضراراً وأكثر قدرة على الصمود
في السنة المالية 2021، واجه رؤساء المدن أزمات متعددة: حالة طوارئ صحية أثَّرت على السكان منخفضي الدخل أكثر من غيرهم، وهبوط للنشاط الاقتصادي هوى بالموارد المالية للبلديات، والأخطار الطبيعية المستمرة. واعتمد البنك على خبرته في إدارة مخاطر الكوارث والمساعدات الفنية من الصندوق العالمي للحد من الكوارث والتعافي من آثارها لمساعدة البلدان والمدن على التغلُّب على هذه المخاطر غير المتوقَّعة والمتفاقِمة. وفي لبنان وفي إطار الشراكة مع الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، دعمنا إجراء تقييم سريع للأضرار والاحتياجات بعد أيام من وقوع الانفجار المُدمِّر في مرفأ بيروت في أغسطس/آب 2020.
وأكَّد تحليل لبؤر تفشي فيروس كورونا في المناطق الحضرية وجود علاقة ارتباط بين الازدحام وانتشار العدوى وأبرز ضرورة تحسين الظروف المعيشية لفقراء الحضر الذين تضرروا بشدة وبشكل خاص من تفشي هذا الفيروس وتأثير سياسات الإغلاق على الاقتصاد غير الرسمي. وفي كينيا وفي إطار الشراكة مع الوكالة الفرنسية للتنمية، ساعدنا في تحسين أمن الحيازات وسبل توفير الخدمات الأساسية، ومن بينها الصرف والمياه والصرف الصحي وإنارة الشوارع، لقرابة مليوني شخص يعيشون في أحياء عشوائية بالمناطق الحضرية. وفي سيراليون وتنزانيا، ساندنا الجهود الرامية إلى إعداد خريطة للمناطق الحضرية وتحسين فهم مخاطر الفيضانات من خلال البرامج الرقمية للنقد مقابل العمل التي أتاحت للشباب العاطلين كسب المال باستخدام تطبيقات الهاتف المحمول.
وقد شكَّلت الجائحة اختباراً لمدى صمود الخدمات الأساسية التي تُعد ضروريةً لعمل المدن الصحية. وفي الهند، نعمل على تدعيم إدارة النفايات الصلبة في ولاية كيرالا، وتحسين صحة الإنسان، وكذلك الحد من تلوث السواحل والموارد المائية.
وفي إطار التطلُّع إلى التعافي، وافق صندوق سد فجوات تمويل الأنشطة المناخية بالمدن على أول دفعة من منح المساعدات الفنية، بقيمة إجمالية تقارب مليوني دولار، لمساعدة تسع مدن على تحويل طموحاتها المتعلقة بالمناخ إلى مشروعات جاهزة للتمويل. وستدعم هذه المنح المدن بجمهورية الكونغو الديمقراطية، وإثيوبيا، والهند، وكوسوفو، والمكسيك، والمغرب، وفييتنام فيما تقوم بتحديد مصادر الانبعاثات بها وإعطاء الأولوية للسياسات بالغة الأهمية والاستثمار في قطاع البنية التحتية.
وفي يونيو/حزيران 2021، أصدرنا تقرير من السفح إلى الهرم: نموذج المدن لتحقيق النمو المستدام الذي يستند إلى مسح استقصائي شمل قرابة 10 آلاف مدينة. وبتسليط الضوء على الأسباب وراء نمو المدينة إلى الخارج أو الداخل أو لأعلى، يمكن أن يساعد التقرير في تحسين فهمنا للتفاعل بين كثافة المدن ووسائل النقل العام ووسائل النقل بخلاف السيارات، كما يساعد المدن في الحد من تأثيراتها على المناخ. ويهدف البنك إلى توسيع نطاق مساندته للمدن حتى تتمكَّن من دمج أو تعزيز مراعاة اعتبارات خفض الانبعاثات الكربونية أو مجابهة التغيُّرات المناخية والكوارث في تخطيط المدن وسياساتها واستثماراتها.
مساندة إقامة شبكات نقل قادرة على الصمود
تحتاج البلدان إلى شبكات نقل وخدمات لوجستية تعمل بشكل جيد للحفاظ على حركة الاقتصاد وضمان حصول الجميع، بما في ذلك الفقراء، على اللقاحات. وقد كشفت الجائحة مواطن ضعف هذا القطاع مع حدوث اضطرابات ضخمة في سلاسل الإمداد وخسائر كبيرة في إيرادات شركات النقل حول العالم. لكن حتى قبل حدوث هذه الأزمة، كانت العديد من البلدان تعاني من فجوات كبيرة في توفير خدمات النقل. فهناك مليار شخص يعيشون على بُعد أكثر من كيلومترين من إحدى الطرق الصالحة لجميع الأجواء؛ وأكثر من 1.3 مليون شخص، معظمهم في البلدان النامية، يموتون سنوياً في حوادث الطرق؛ وهناك واحدة من كل ست نساء تتجنَّب العمل خوفاً من التحرُّش في وسائل النقل العام؛ وعدد لا يُحصى من الأطفال لا يمكنهم الذهاب إلى المدارس؛ وكذلك تصاب المحاصيل بالعفن قبل وصولها إلى الأسواق. وينتج عن قطاع النقل أيضا نحو 24% من الانبعاثات الكربونية المرتبطة بالطاقة؛ إذ ينمو الطلب مع التوسُّع الحضري والنمو الاقتصادي. وما لم تُتخذ تدابير قوية، فمن المتوقَّع زيادة انبعاثات هذا القطاع بنسبة 60% بحلول عام 2050: لن يتسنى تحقيق الأهداف المتعلقة بالمناخ بدون الحد من الانبعاثات الكربونية الناتجة عن القطاع. وما يفاقم هذا التحدي هو شدة تأثُّر البنية التحتية للنقل بالظواهر المناخية بالغة الحدة. لكن مع وجود السياسات والموارد المناسبة، يمكن لقطاع النقل أن يقوم بتحفيز الاقتصادات، وربط الناس بأماكن العمل ومرافق تقديم خدمات الرعاية الصحية والتعليم، والتصدي لتغيُّر المناخ.
وتغطي محفظة استثمارات البنك في قطاع النقل، والبالغ قيمتها نحو 45 مليار دولار، قرابة 100 بلد من خلال مشروعات تدعم وسائل النقل العام والخدمات اللوجستية والطرق والسكك الحديدية والطيران والموانئ والمجاري المائية، فضلاً عن أحدث الابتكارات مثل الطائرات المُسيَّرة والمركبات الكهربائية. وتساعد هذه الجهود البلدان فيما تعيد النظر في إمكانية التنقُّل وسط مساعي التعافي من الجائحة. وفي السنة المالية 2021، دشنَّا الصندوق العالمي للحد من الانبعاثات الكربونية لقطاع النقل، وهو أول صندوق استئماني شامل يضع العمل المناخي في صميم تطوير هذا القطاع. وسيساعد الصندوق في زيادة الابتكارات والاستثمارات في عموم أنماط النقل من خلال دعم خلق المعارف، وإعداد المشروعات، والمساعدات الفنية، وأنشطة الدعوة واستقطاب التأييد. وسيقوم الصندوق بتوسيع النجاحات التي تحققت بمساندة البنك مثل أول خط مترو لإكوادور في كيتو والذي سيقلل الانبعاثات بما يُقدَّر بنحو 65 ألف طن سنوياً وسيُمكِّن 377 ألف راكب يومياً من استقلال وسيلة سريعة وموثوق بها للوصول إلى أماكن العمل وتقديم الخدمات. وفي السنغال، أدى مشروع النقل والتنقُّل الحضري إلى تقليل وقت السفر بين داكار وسانت لويس بواقع النصف لنحو مليون شخص، بالإضافة إلى خلق فرص عمل في رصف الطرق للرجال والنساء. كما يساعد برنامج الاستثمار في مجال الطيران بجزر المحيط الهادئ في تحسين قدرة البنية التحتية للطيران على الصمود وتقوية الامتثال للوائح التنظيمية الدولية في كيريباتي وساموا وتونغا وتوفالو وفانواتو.
ضمان حصول الجميع على الطاقة لتحقيق النمو المستدام
هناك حالياً قرابة 759 مليون شخص مازالوا يعيشون بدون كهرباء، ونحو 3 مليارات شخص محرومون من الحصول على وقود الطهي النظيف. ورغم تسريع وتيرة التقدُّم المحرز، فمن غير المرجَّح أن يتمكَّن الجميع من الحصول على طاقة حديثة منتظمة ومستدامة وبتكلفة معقولة بحلول عام 2030. ولمواكبة النمو السكاني، سيحتاج 940 مليون شخص آخر إلى الحصول على الكهرباء خلال السنوات العشر المقبلة، لكن جائحة كورونا تسببت في إبطاء وتيرة الاستثمارات اللازمة لذلك.
وللمساعدة في سد هذه الفجوة، زاد البنك تمويله لإتاحة الحصول على الطاقة بأكثر من الضعف، أي من أقل من 400 مليون دولار في المتوسط في السنوات المالية 2013-2015 إلى قرابة 900 مليون دولار في السنوات المالية 2018-2020، مع توجيه أكثر من 90% من هذا التمويل إلى منطقة أفريقيا جنوب الصحراء. وفي السنوات الخمس الماضية، قدَّمنا تمويلاً بقيمة 4.2 مليارات دولار لإنشاء وصلات الكهرباء أو تحسينها لقرابة 120 مليون شخص. كما ارتبطنا بعمليات تمويل بأكثر من 400 مليون دولار في 21 بلداً لمساعدة 20 مليون شخص على الحصول على مصادر طاقة أصحّ وأكثر كفاءة لأغراض الطهي والتدفئة. وهذه الجهود يدعمها الشركاء، مثل برنامج المساعدة على إدارة قطاع الطاقة، الذي يقدِّم الخبرات الفنية والتمويل للمساعدة في توفير الطاقة للجميع بحلول عام 2030. ويسهم البرنامج في محفظة مشروعاتنا في قطاع الطاقة ويساعد في تعميم الحلول المرتبطة بشبكة الكهرباء وغير المرتبطة بها لتوسيع سبل توفير الكهرباء؛ فيما تمثل قروضه ربع الاستثمارات العالمية في الشبكات الصغيرة.
وقد أدت التطوُّرات التكنولوجية الأخيرة إلى خفض تكلفة الطاقة المتجددة بشكل كبير، مما يتيح الفرصة لزيادة حصتها في مزيج الطاقة العالمي. ومجموعة البنك هي أحد أكبر مقدِّمي التمويل لمشروعات الطاقة المتجددة وكفاءة استخدام الطاقة في البلدان النامية، حيث ارتبطت بتقديم 8.4 مليارات دولار على مدى السنوات الخمس الماضية وتساعد في تعبئة رؤوس الأموال الخاصة لتمويل هذا القطاع. ونساند إنشاء أول محطة للطاقة الشمسية الكهروضوئية في أوزبكستان لمساعدتها على تقليص اعتمادها على الغاز الطبيعي والفحم، وإنتاج طاقة نظيفة، وتدعيم أمن الإمدادات، ومكافحة تغيُّر المناخ. وستكون هذه المحطة أول مرفق كبير للطاقة المتجددة في البلاد يتولى القطاع الخاص إنشاء وتطويره؛ وهو مدعوم بقروض من مؤسسة التمويل الدولية، وضمان من البنك، وتمويل من البنك الآسيوي للتنمية، واستثمارات من القطاع الخاص.
ويساعد البنك الدولي أيضا البلدان المتعاملة معه على إدارة قطاعات النفط والغاز والتعدين بطرق تسهم في تحقيق النمو والتنمية المستدامين، وتحمي المجتمعات المحلية، وتخفِّض الانبعاثات. وفي عام 2020، عملنا مع البوسنة والهرسك وبلغاريا واليونان وبولندا وصربيا وأوكرانيا لمساعدتها على التخطيط والاستعداد لإجراء تحوُّل عادل في مناطق الفحم بكل منها. وتساعد مبادرة منصة التحوُّل في مناطق الفحم بغرب البلقان وأوكرانيا على تشجيع تبني إستراتيجيات شاملة للتحوُّل إلى الطاقة منخفضة الانبعاثات الكربونية. وفي الوقت نفسه، يقوم الصندوق الاستئماني للمساندة البرامجية العالمية للصناعات الاستخراجية بمساعدة العاملين في قطاع التعدين الحرفي صغير الحجم ومجتمعاتهم المحلية على التغلُّب على آثار الجائحة. وفي مايو/أيار 2021، أصدر الصندوق تقرير حالة قطاع التعدين الحرفي صغير الحجم لعام 2020 والذي وجد أن تحسين أوضاع العمل يمكن أن يؤدي إلى تحسين إنتاجية وصحة وسلامة أكثر من 44 مليون عامل بهذا القطاع في 80 بلداً. كما تساعد مبادرة مجموعة البنك للتعدين المراعي للاعتبارات المناخية البلدان على الاستجابة للطلب المتزايد على المعادن والفلزات الحيوية مع تنفيذ ممارسات تعدينية مستدامة.
ونعمل مع البلدان والشركاء على الحد من حرق الغاز الذي يهدر الموارد ويطلق انبعاثات ضارة في الغلاف الجوي. وفي السنة المالية 2021، زاد التأييد لمبادرة الوقف التام للحرق التلقائي للغاز بحلول عام 2030، التي أطلقها البنك والشركاء في عام 2015، ليصل إلى 79 حكومة وشركة نفط. ومن خلال الشراكة العالمية للحد من حرق الغاز، نواصل العمل مع سبعة بلدان ترتفع بها مستويات حرق الغاز.