ضربت جائحة كورونا وما تزامن معها من هبوط في أسعار النفط بيئة الاقتصاد الكلي الهشة في الجزائر، وصارت السلطات الجديدة الآن تصارع أزمة متعددة الأوجه. وقد ساعدت إجراءات الإغلاق التي اتخذت سريعاً في الإبطاء من حدة الجائحة، ولكنها أثرت على النشاط بشدة في الوقت نفسه. كما أن الهبوط الحاد في أسعار المحروقات العالمية والطلب عليها، ألقى على القطاع بالمزيد من المصاعب، وأدى إلى انخفاض الريع من المحروقات. وبالتالي، فقد أصبح من الضروري أكثر من أي وقت مضى، اتخاذ إجراءات عاجلة للحد من العجز المزدوج وإجراء إصلاحات هيكلية تعزز النمو بقيادة القطاع الخاص.
يشهد أداء النمو في الجزائر على الأجل الطويل تباطؤاً؛ مدفوعاً بتقلص قطاع المحروقات، ونموذج نمو منهك يقوده القطاع العام، وقطاع خاص متأخر. وكان متوسط نمو إجمالي الناتج المحلي قد بلغ 3.3% فيما بين عامي 2010 و2016، قبل أن يهبط إلى 1.1% بعد 2017، ليبلغ نمو نصيب الفرد في إجمالي الناتج المحلي قيمة سالبة. ونتيجة لنقص الاستثمار، انكمش قطاع المحروقات بنسبة 2.1% سنوياً منذ عام 2010، وأدى ارتفاع الاستهلاك المحلي إلى تقلص أحجام الصادرات، التي تراجعت بنسبة 2.8% سنوياً في المتوسط. ونظراً للتغييرات في أسعار النفط، بلغ متوسط العجز في المعاملات الجارية والموازنة 13% و11% من إجمالي الناتج المحلي منذ بداية صدمة النفط في عام 2014. ويشهد الإنفاق العام الحقيقي – الذي طالما كان دافعاً للنمو – انخفاضاً، كما تعاني القطاعات غير المرتبطة بالمحروقات من التباطؤ. ويكافح القطاع الخاص صغير الحجم، ومنخفض الإنتاجية، والذي يغلب عليه الطابع غير الرسمي، من أجل تولي زمام الأمر باعتباره محرك النمو الجديد، في مواجهة الإجراءات البيروقراطية، ومحدودية القدرة على الحصول على الائتمان والأراضي، والفجوة الكبيرة في المهارات، أو المؤسسات المملوكة للدولة الجد منتشرة.
في عام 2019، أدى الحشد الاجتماعي الذي طال أمده وطول مدة الانتقال السياسي إلى زيادة حالة عدم اليقين الاقتصادي وتثبيط النشاط. وتباطأ الاستهلاك، وكذلك الاستثمار، وإن كان بشكل أكثر وضوحاً. وبالتالي، تراجع النمو في قطاعات الإنشاء، والزراعة، والخدمات التجارية. وفي حين تراجع نمو إجمالي الناتج المحلي غير المرتبط بالمحروقات إلى 2.4%، تقلص إجمالي الناتج المحلي للمحروقات بنسبة 4.9%. ونشر قانون جديد للمحروقات يتضمن شروطاً محسنة للمستثمرين، أملاً في إعادة إحياء الاستثمار. وفي الوقت ذاته، رفعت القيود على الاستثمار الأجنبي في القطاعات غير الاستراتيجية.