وتختلف الصورة اختلافا كبيرا بالنسبة للنساء (الشكل 3)، حيث إن الغالبية العظمى منهن خارج قوة العمل عند خط الأساس وفي نهاية دورة حياتهن في عام 2018 (71٪). ولا يزال القطاع العام هو رب العمل الرئيسي للنساء طوال دورة حياتهن. والواقع أن 12% من النساء عند خط الأساس كن يعملن في القطاع العام، وهي نسبة زادت قليلا على مدى دورة الحياة. ويظهر تحليل دورة الحياة أن وضع المرأة من القوى العاملة ثابت للغاية: إذ لم تتمكن سوى 3% و2% و1% من النساء من القوى العاملة في أعوام 1998 و2006 و2012 على التوالي من الانتقال إلى القطاع العام من خلال الجولة التالية من المسح التتبعي لسوق العمل بمصر. من ناحية أخرى، من المرجح أن يحدث انتقال من خارج القوى العاملة إلى القطاع الخاص غير الرسمي أو إلى البطالة. وفيما بين النساء اللائي خرجن من القوى العاملة في 1998 و2006 و2012، انتقلت 15% و6% و10% على التوالي إلى القطاع الخاص غير الرسمي، في حين انتقلت نسبة 3% و4% و2% إلى البطالة في الجولة التالية من المسح. فالانتقال إلى خارج القطاع العام أمر نادر، وإن كنا نلاحظ تسرب النساء من القوى العاملة مع ارتفاع أعمارهن خلال مدة الدراسة وهي 20 عاما. وأخيرا، نلاحظ أن نسبة كبيرة من النساء ينتقلن من القطاع الخاص غير الرسمي إلى خارج القوى العاملة على مدى دورة الحياة: تسربت 41% و64% و55% من العاملات في القطاع الخاص غير الرسمي في 1998 و2006 و2012 على التوالي خرجن من القوى العاملة في الموجة التالية.
الآثار المترتبة على ما بعد الجائحة
يقدم التحليل الوارد هنا رؤى ثاقبة مهمة عن كيفية التصدي للتحديات البالغة الأهمية التي تشكلها الجائحة المستمرة. ويظهر التحليل القطاعي أن الرجال والنساء على السواء شهدوا زيادة في الخمول الاقتصادي على مر السنين. ولذلك، فإن الاضطرابات الكبيرة المرتبطة بالجائحة تزيد من تفاقم الاتجاهات القائمة من قبل، مما يضع ضغوطا إضافية على سوق العمل شديدة التجزؤ. ويبرز التقسيم في سوق العمل المصرية أبعادا متعددة: المساواة بين الجنسين أو الأبعاد القطاعية. ومن التحديات الرئيسية التي تجعل سوق العمل المصرية أقل قدرة على الصمود في استيعاب الآثار السلبية للجائحة اعتماد الاقتصاد المصري الكبير على التوظيف في القطاع العام، لاسيما للنساء، وصغر حجم القطاع الخاص الرسمي، وتزايد حجم القطاع الخاص غير الرسمي، والضعف الشديد لمشاركة المرأة في سوق العمل.
ومع ذلك، هناك بالتأكيد العديد من الدروس التي يمكن استخلاصها من هذا التحليل. والأهم من ذلك، نلاحظ أن التعليم يلعب دورا رئيسيا في تشكيل نواتج الأفراد عندما يتعلق الأمر بتحسين الانتقال في سوق العمل. فعلى سبيل المثال، وجد أن الأفراد الأفضل تعليما هم الأكثر احتمالا للانتقال من القطاع الخاص غير الرسمي إلى القطاع الرسمي، سواء في القطاع العام أو الخاص، والخروج من دائرة الخمول الاقتصادي أو البطالة إلى العمل. علاوة على ذلك، يتبين أن النساء والرجال الأفضل تعليما هم الأكثر عرضة لبدء العمل في القطاع الرسمي، مقارنة بالأقل تعليما الذين يعملون على الأرجح في القطاع غير الرسمي. ونظرا لأن العمال غير الرسميين عادة ما يكونون أكثر عرضة للمخاطر ويتحملون عواقب أشد وطأة مرتبطة بالصدمات، يجب تصميم شبكات الأمان بحيث تستهدفهم على نحو أفضل. وقد طرحت الجائحة مرة أخرى على جبهة السياسات ضرورة القيام بإصلاحات أساسية في سوق العمل مثل ضرورة تعزيز ومساندة خلق فرص العمل في القطاع الخاص الرسمي، وتصميم سياسات تدعم مشاركة المرأة في سوق العمل، بما في ذلك تقديم خدمات رعاية الأطفال، وتعزيز بيئة العمل الملائمة للنساء، واحتمال فرض حصص للوظائف المخصصة للنساء.
وتستدعي الجائحة أيضا توفر بيانات عالية التواتر عن سوق العمل لتقييم تأثير الجائحة على أسواق العمل. وحتى الآن، تعد المسوح الهاتفية عالية التواتر المصدر الأكثر موثوقية للبيانات لدراسة تأثير جائحة كورونا على أسواق العمل في البلدان النامية (هوجيفين، ولوبيز-أسيفيدو، 2021، كرافت، أسعد، ومرواني، 2021أ؛ كرافت، وأسعد، ومرواني، 2021ب؛ كرافت، وأسعد، ومرواني، 2021ج؛ كرافت، وأسعد، ومرواني، 2022). ومع ذلك، فإن المسوح الهاتفية لها محاذير خاصة بها. فمن ناحية، لم تجر هذه المسوح إلا بعد الجائحة، وهو ما يعني أنه لا يمكن للمرء السيطرة إلا على النواتج الموجودة من قبل من خلال المعلومات التقييمية التي تم الإبلاغ عنها ذاتيا. ومن التحديات الأخرى التي يواجهها الاقتصاديون حسب التصميم عند استخدام المسوح الهاتفية اختيار المجيبين على المسوح الهاتفية، الذين لا يمثلون في العادة جميع السكان. وتعالج بيانات الدراسات الطولية الممثلة كلا من هذه المخاوف، وهي ضرورية بالفعل لفهم نواتج سوق العمل أثناء الجائحة وبعدها.
*نشر هذا المقال للمرة الأولى على موقع منتدى البحوث الاقتصادية باللغة الإنجليزية