تعرض الاقتصاد الليبي مؤخراً إلى أربع صدمات متداخلة: صراع كثيف خانق للنشاط الاقتصادي، وإغلاق حقول النفط الذي عطل النشاط الاقتصادي مصدر الدخل الرئيسي في البلاد، وانخفاض أسعار النفط الذي تسبب في تراجع الدخل الناتج من إنتاج النفط في الحقول الباقية، وجائحة فيروس كورونا (التي تسببت في 3,438 إصابة مؤكدة و73 وفاة حتى أغسطس/آب 2020)، الأمر الذي يهدد الاقتصاد بالمزيد من الضعف. لذا بات ضرورياً التوصل إلى حل سياسي لتنفيذ الإصلاحات المطلوبة من أجل تحقيق نمو يقوده القطاع الخاص وخلق فرص عمل.
كان الهجوم على طرابلس في أبريل عام 2019، والحصار المفروض على الموانئ والمحطات الرئيسية للنفط في البلاد في يناير/كانون الثاني 2020، من بين أخطر الأزمات السياسية والاقتصادية والإنسانية التي واجهتها ليبيا منذ عام 2011. وتم استشعار الأثر الاقتصادي فعلياً في عام 2019، حيث تباطأ نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي بحدة إلى 2.5%، وهو الانخفاض الذي أتى بعد أن كان الوضع خلال عامي 2017 – 2018 يشي بانتعاش مستقر، وأداء قياسي للنمو بلغ 20.8% في المتوسط. ومع تصاعد المواجهات العسكرية، تراجع إنتاج النفط من 1.2 مليون برميل يوميا ديسمبر/كانون الأول 2019 إلى مليون برميل يوميا في أبريل/نيسان 2020 (الشكل 1)، خانقاً لشريان حياة الاقتصاد.
في ظل غياب أي تحسن ملموس على أرض الواقع، ستزداد هاوية الانحدار الاقتصادي عمقا. وإذا استمر انعدام القدرة، أو محدوديتها الشديدة، على إنتاج النفط والتصدير خلال الفترة المتبقية من عام 2020، على الرغم من الجهود الأخيرة لاستئناف الإنتاج، فمن المتوقع ألا تنتج ليبيا سوى 0.17 مليون برميل يومياً في المتوسط في عام 2020، وهو أقل من سُبع إنتاج العام الماضي. ونتيجة لهذا، من المتوقع أن ينكمش إجمالي الناتج المحلي بمقدار 41% هذا العام. وتعكس الموازنة المعتمدة لعام 2020 جزئياً هذا الوضع الوخيم، حيث تم التنبؤ بعجز هو الأكبر في السنوات الأخيرة. وبالتالي، ستتراجع الاحتياطيات بصورة أكبر هذا العام. وفي ضوء التقلبات الشديدة، وصعوبة التنبؤ بمحددات الاتجاهات الاقتصادية، فمن غير المعقول إصدار توقعات أبعد من الأفق الآني.