تخيّل أنك تعيش في حي دُمِّرت معظم منازله، باستثناء منزلك، وذلك أثناء اندلاع حريق. فإنك ستقوم بفتح أبواب منزلك لجيرانك، وهم سيأتون للإقامة معك لشهور أولاً ثم لسنوات ولا شك أن هذا أمر جيد، باستثناء أنه كان بمقدورك في السابق تدبير مصروفاتك المنزلية، والآن أنت تعاني لدفع الفواتير الإضافية.
إذا قلّ دخلك، فربما تكون مؤهلاً للحصول على إعانة مالية من الحكومة للمساعدة في رعاية جيرانك، لكن دخلك لا يزال كما هو رغم زيادة إنفاقك كثيراً، لذلك لن تحصل على أية مساعدة.
هذا هو وضع بعض البلدان متوسطة الدخل، كالأردن ولبنان، التي تجد نفسها عالقةً في الأزمة السورية على مدار ستة أعوام. وتستضيف البلدان متوسطة الدخل حالياً نحو ستة ملايين لاجئ على مستوى العالم، لكن الكثير منها يواجه صعوبات جمة في العثور على وسائل ميسورة ومستدامة لمواجهة التكاليف الإضافية المرتبطة بتدفق اللاجئين. وفي يوم الثلاثاء الموافق 20 سبتمبر/أيلول، أعلن الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، في قمة الزعماء بشأن اللاجئين عن إطلاق مبادرة دولية لمساندة البلدان متوسطة الدخل في مختلف العالم التي تستضيف أعدادا كبيرة من اللاجئين. وفي اليوم التالي، تم عقد مؤتمر على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة لقادة الحكومات والوزراء ورؤساء المنظمات الدولية من أجل بحث إمكانية إنشاء البرنامج العالمي لتسهيلات التمويل المُيسَّر.
وتعليقاً على ذلك، صرَّح رئيس مجموعة البنك الدولي جيم يونغ كيم، الذي تولى رئاسة هذا المؤتمر بالاشتراك مع يان إلياسون نائب الأمين العام للأمم المتحدة، "إننا نرغب في استخدام هذا البرنامج كإطار لتقديم استجابة دولية منسَّقة لأزمات اللاجئين أينما تقع". وسيوسِّع البرنامج الجديد نطاق برنامج تسهيلات التمويل المُيسِّر لبلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ليصبح عالمي النطاق، علماً بأن الأخير تم تدشينه لمساندة الأردن ولبنان، وهما من البلدان متوسطة الدخل ويستضيفان أكبر عدد من اللاجئين بالنسبة لحجم سكانهما. والبرنامج العالمي لتسهيلات التمويل المُيسَّر هو عنصر رئيسي في البرنامج العالمي للتصدي للأزمات الذي أنشأته مجموعة البنك الدولي لإتاحة تقديم مساندة أكثر منهجية وموسعة النطاق في مواجهة مجموعة متنوعة من الأزمات، وذلك من خلال تجميع المعارف والموارد والأدوات المالية الحالية والناشئة تحت مظلة واحدة. وبالنسبة للبلدان منخفضة الدخل فإن البرنامج يهدف إلى تحقيق زيادة كبيرة في قدرات التصدي للأزمات لدى المؤسسة الدولية للتنمية، وهي ذراع البنك لمساعدة بلدان العالم الأشد فقراً.
من جانبها، قالت كريستالينا جورجييفا، نائبة رئيس المفوضية الأوروبية لشؤون الموازنة والموارد البشرية وأحد المتحدثين في المؤتمر، "إنه أمر غير مسبوق لأننا نستهدف لأول مرة المحتاجين. إن أي بلد متوسط الدخل يستضيف ملايين اللاجئين يستحق الحصول على اعتمادات مدعومة. فإن ذلك من العدل وهو أيضاً وسيلة لأن يعترف المجتمع الدولي باستضافة اللاجئين باعتبارها إحدى المنافع العامة العالمية."
وكان برنامج تسهيلات التمويل المُيسِّر لبلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يهدف إلى سد الفجوة التمويلية لكل من الأردن ولبنان. ومن خلال الاستخدام المبتكر للمنح المقدَّمة من البلدان المانحة حيث يتم استغلال كل دولار من المنح لتعبئة نحو أربعة دولارات من التمويل المُيسَّر، يقدم هذا البرنامج تمويلاً حيوياً طويل الأجل ومنخفض التكلفة. وفي يوليو/تموز، أي بعد مرور ثلاثة أشهر على تلقِّي تعهدات أولية بتقديم منح بقيمة 140 مليون دولار، وافق برنامج تسهيلات التمويل المُيسَّر على تمويل لمساندة مشروعين في الأردن – بمبلغ وصل إلى 340 مليون دولار من التمويل المُيسَّر. وسيتيح المشروعان، بعد موافقة الجهات المسؤولة عن التنفيذ، منح تصاريح عمل إلى 130 ألف لاجئ سوري وتعزيز البنية التحتية للمياه في المجتمعات المحلية المضيفة للاجئين . وفي إطار الاستعداد لمجابهة الأزمات في المستقبل وضمان عدم حدوث أي تأخير في تقديم المساندة للبلدان المتضررة، يهدف البرنامج العالمي لتسهيلات التمويل المُيسَّر إلى مساعدة البلدان متوسطة الدخل على التصدي لأزمات اللاجئين، بما في ذلك الأوضاع طويلة الأمد، أينما تقع.
وكما أن البرنامج يقدم تمويلاً طويل الأجل، فإنه أيضاً يقوم بتقديم مساعدات إنسانية، حيث يتعيَّن بمقتضى الضرورة التركيز على الاحتياجات الطارئة في المدى القصير. وعن ذلك، قال فيليبو جراندي، المفوَّض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وأحد المتحدثين في المؤتمر، "لم يكن لدينا مطلقاً تمويل طويل الأجل للتعليم وخلق فرص عمل، وهو شيء سعينا، كمنظمات إنسانية، من أجله لفترة طويلة". وباستخدامه كمنبر مفتوح يجمع معاً منظمات العمل الإنساني وبنوك التنمية متعددة الأطراف والبلدان المستفيدة والمساندة على حد سواء، سيضمن البرنامج العالمي لتسهيلات التمويل المُيسَّر تحقيق استجابة دولية منسَّقة لأزمات اللاجئين في البلدان متوسطة الدخل على مستوى العالم.
وسيستمر البرنامج العالمي الجديد في التركيز على تقديم المساندة إلى الأردن ولبنان، مع استهداف تعبئة منح بقيمة مليار دولار خلال الأعوام الخمسة القادمة من أجل هذين البلدين. كما يسعى البرنامج إلى تعبئة 500 مليون دولار إضافية من المنح خلال الأعوام الخمسة التالية حتى يمكنه مساعدة البلدان متوسطة الدخل على التصدي لأزمات اللاجئين مستقبلاً. وإجمالاً، يسعى البرنامج إلى تعبئة 1.5 مليار دولار حتى يتمكن من تقديم ستة مليارات دولار في شكل تمويل مُيسَّر. وخلال قمة الزعماء بشأن اللاجئين، تعهدت الولايات المتحدة بتقديم 50 مليون دولار على الأقل من أجل تحقيق هذا الهدف، مع تلقي تعهدات بتقديم 100 مليون دولار من اليابان و20 مليون دولار من السويد و15 مليون دولار من الدَنْمَارِك.
وقال إلياسون نائب الأمين العام للأمم المتحدة "إننا وصلنا إلى مرحلة يمكننا القول فيها إننا نتخذ خطوات تاريخية في اتجاه الجمع بين العمل الإنساني والإنمائي للتصدي للأزمات الإنسانية في المدى القصير، مع المساعدة أيضاً في بناء المجتمعات على المدى الطويل."