القدس، 16 أيلول/ سبتمبر 2014 – وفقاً لأحدث التقارير الصادرة عن البنك الدولي والذي يتناول حالة الاقتصاد الفلسطيني، فإن الصراع الذي شهده قطاع غزة في الآونة الأخيرة سيفضي إلى فرض المزيد من الضغوط على الاقتصاد الفلسطيني الذي يعاني أساسا من ضغوطات وتراجع ناهيك عن تراجع دخل الفرد في العام 2013، والذي من المتوقع أن يشهد مزيداً من التراجع بحلول نهاية العام 2014. كما يوضح هذا التقرير التداعيات المترتبة على حالة عدم اليقين السياسي والقيود المفروضة على حرية الحركة وإمكانيات الوصول ويقدم التقرير أيضا التوصيات بشأن الإجراءات التصويبية التي ينبغي اتخاذها من كافة الأطراف.
"بالنسبة للقوى العاملة، هنالك شخص واحد من كل ستة فلسطينيين في الضفة الغربية وتقريباً واحد من بين اثنين في غزة هم عاطلون عن العمل حتى قبل اندلاع الصراع الأخير في القطاع، وهذا وضع غير مستدام،" يقول السيد ستين لاو يورجنسن، المدير الإقليمي للبنك الدولي في الضفة الغربية وغزة. وأضاف أيضا أنه "من دون اتخاذ الإجراءات الفورية من قبل السلطة الفلسطينية، والجهات المانحة والحكومة الإسرائيلية لإعادة إنعاش الاقتصاد وتحسين مناخ الأعمال التجارية، فسيبقى مسار العودة إلى العنف على نحو ما شهدنا في السنوات الأخيرة خطراً واضحاً وقائماً."
ويتناول تقرير المراقبة الاقتصادية الفلسطيني مراجعة حالة الاقتصاد الفلسطيني بالإضافة إلى تحليل التبعات المستقبلية في حال تواصل الاتجاهات الراهنة، كما يوصي هذا التقرير بعدد من الإجراءات التصويبية التي يتعتين اتخاذها من قبل السلطة الفلسطينية، والحكومة الإسرائيلية بالإضافة إلى الجهات المانحة الدولية. ويعمل البنك الدولي على إعداد هذا التقرير مرتين سنويا للاسترشاد به من قبل لجنة الارتباط الخاصة ، وهي منتدى مؤلف من الجهات المانحة للسلطة الفلسطينية، والتي من المقرر أن تعقد اجتماعاً لها في مدينة نيويورك بتاريخ 22 أيلول/ سبتمبر من العام الجاري.
يُذكر أن العام 2014 قد شهد استمرار تدهور الاقتصاد الفلسطيني، وبصفة خاصة في قطاع غزة الذي شهد وضع مزرياً حتى قبل اندلاع الصراع الأخير. وخلال الفترة الواقعة ما بين العامين 2007 و 2011، تجاوز متوسط النمو الاقتصادي السنوي نسبة الـ 8% إلا أن هذه النسبة تراجعت خلال العام 2013 لتصل إلى 1.9%، كما وصلت إلى ناقص 1% في الربع الأول من العام 2014. ويعاني ربع السكان الفلسطينيين من الفقر الذي تصل معدلاته في غزة إلى ضعف معدلاتها في الضفة الغربية نظراً لحالة الشلل التي شهدتها الأعمال التجارية الفلسطينية في القطاع من جراء القيود المفروضة على حرية حركة الأشخاص والبضائع. وفي حين يتوقع من القطاع الخاص لعب دور حيوي في خلق فرص العمل، إلا أنه يتأتى عن القيود المفروضة تشغيل أكثر من 20 عامل في ما نسبته 11 بالمائة فقط من الشركات الرسمية بالمقارنة مع نسبة 35 بالمائة في البلدان ذات الدخل المتدني- المتوسط.
من ناحية أخرى، فقد شهد الاقتصاد في قطاع غزة حالة من الركود حتى قبل اندلاع الصراع الأخير في القطاع الذي كان من شأنه ترك أثر خطير على كافة القطاعات الاقتصادية ناهيك عن الخسارة المأساوية التي شهدها القطاع على الصعيد الإنساني. وعلى الرغم من الجهود الناجحة المبذولة من قبل السلطة الفلسطينية والرامية إلى تعزيز وضعها المالي، إلا أن السلطة ستواصل مواجهة فجوة تمويلية في حدود ما يعادل 350 مليون دولار أمريكي بحلول نهاية العام 2014 حتى مع استثناء النفقات الإضافية الناشئة عن الصراع الأخير الذي شهده القطاع.
ويقول السيد يورجنسن أن "في إطار هذا السياق الاجتماعي والسياسي الهش، يصبح إعادة إنعاش الاقتصاد الفلسطيني أمرا يحتل رأس قائمة الأولويات. وسيكون من شأن ذلك السماح بالحفاظ على استمرارية عملية تقديم الخدمات وبدء انطلاقة النشاط الاقتصادي في مجتمع متضرر من جراء الصراع".
ويتم من خلال هذا التقرير إدراج الإجراءات الواجب اتخاذها بما فيها تعزيز ميزانية الدعم التي توفرها الجهات والتي تهدف إلى الحفاظ على الوضع المالي للسلطة الفلسطينية لتقديم الخدمات والحفاظ على استدامة الإصلاحات. كما يتعين على السلطات الإسرائيلية أيضاً السماح بحركة أفضل وأسرع للأشخاص والبضائع من وإلى الأراضي الفلسطينية. علاوة على ذلك فإنه ينبغي على السلطة الفلسطينية العمل على توحيد وتعزيز الحاكمية في الضفة وغزة.