تشير الأدلة إلى أنه منذ الثورة، تراجعت حالات التهرب الجمركي من قبل الشركات التي كان لها علاقة بنظام بن علي السابق، إلا أن تهرب الشركات التونسية الأخرى من الضرائب ارتفع.
واشنطن، 25 يونيو/حزيران 2015- يوثق تقرير جديد للبنك الدولي الممارسات الواسعة للتهرب من دفع الرسوم الجمركية على الواردات من قبل الشركات التي كانت تتمتع بعلاقات مع نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي. وبسبب التلاعب في بيانات أسعار الواردات، يحسب تقرير "النفوذ السياسي والتهرب الضريبي: أدلة من تونس" أن هذه الشركات المرتبطة بعلاقات سياسية استطاعت التهرب من دفع رسوم جمركية بلغت 1.2 مليار دولار على الأقل في الفترة من 2002 إلى 2009.
ويرصد التقرير فجوات جمركية بالمقارنة بين بيانات الصادرات لدى الشركاء التجاريين لتونس وبين قيمة الواردات المذكورة في قوائم الجمارك التونسية. ووجد أن القيمة المعلنة لواردات الشركات المرتبطة بابن علي تزيد 18 % عن الشركات العادية، مع زيادة كميات الواردات المعلنة 21 % عن هذه الشركات، إلا أنه وجد أن سعر الوحدة المذكور أقل بنسبة 4.8 % في المتوسط. وبالنسبة للسلع المستوردة الخاضعة لرسوم جمركية مرتفعة، فإن الأسعار المسجلة كانت أقل بنسبة 8.1 %. هذا النوع من تزييف البيانات أتاح للشركات التي تتمتع بعلاقات سياسية التهرب من ضرائب بلغت 217 مليون دولار في عام 2009 وحده.
وفي هذا الصدد قالت إيلين موراي، مديرة مكتب البنك الدولي في تونس "يكشف هذا التقرير الأضرار الاقتصادية الناجمة عن التهرب الجمركي خلال العقد الماضي، مع تكبد الدولة خسائر بمليارات الدولارات. وتعكف وزارة المالية بمساندة من البنك الدولي على إعداد مجموعة من الإصلاحات الجمركية، لتبسيط الإجراءات وإضفاء المزيد من الشفافية عليها، وكلاهما من شأنه أن يزيد الصادرات ولا يترك سوى القليل من الفرص أمام التهرب الجمركي."
وبالإضافة الى الخسائر التي تتكبدها المالية العامة، فإن التهرب من الرسوم الجمركية على الواردات أدى أيضا إلى تقويض المنافسة وإلى غياب تكافؤ الفرص. فقد منحت الشركات التي تتمتع بعلاقات سياسية ميزة غير مستحقة على الشركات العادية لا تستند إلى زيادة في الإنتاجية أو التميز في الكفاءة. كما ساهمت في انعدام المساواة بسماحها للأثرياء، والدوائر المقربة من السلطة بجني أرباح أكبر من خلال دفع رسوم جمركية أقل على الواردات.
ويوضح بوب ريكرز، الخبير الاقتصادي بالبنك والمؤلف الأول للتقرير، هذا الوضع قائلا "الخسائر المالية التي أحصيناها تستند بشكل قاطع على تسجيل أسعار أقل، ولا تحتسب ضمن أي نوع آخر من الاحتيال الضريبي كالإفصاح بالنقص عن الكميات المستوردة، أو بالتملص تماما من دفع الرسوم الجمركية من خلال التهريب. وقد أدت الثورة إلى تراجع الشركات التي كانت تتمتع في السابق بعلاقات سياسية عن تسجيل أسعار أقل للواردات، إلا أن هذا اقترن بزيادة التهرب الجمركي من قبل الشركات العادية وبزيادة التجارة غير الرسمية."
ويرصد التقرير انخفاضا في التهرب الجمركي بنسبة 16.2 % بعد الثورة في خطوط الإنتاج التي تهيمن عليها الشركات التي كانت تتمتع بعلاقات سياسية. ومع هذا، يوثق التقرير أيضا زيادة متزامنة في التهرب الجمركي بنسبة 5.7 %في خطوط الإنتاج الأخرى.