عَمَّان، 19 يناير/كانون الثاني 2023 – قال البنك الدولي إنه على الرغم من البيئة العالمية والمحلية الحافلة بالتحديات، تسارعت وتيرة النمو في الأردن خلال النصف الأول من عام 2022 ليبلغ 2.7%، مدفوعاً بتعافٍ قوي في مجال السياحة، وإعادة فتح الاقتصاد بشكل كامل، وتحسَن في مستوى الصادرات. ومع ذلك، لم ينعكس انتعاش النمو على مؤشرات سوق العمل الأردني إلا بصورة متواضعة. ومن الضروري تسريع وتيرة الإصلاحات الهيكلية للتصدي للتحديات التي تقف منذ وقت طويل أمام النمو الذي يقوده القطاع الخاص، ودعم الشمول الاقتصادي للنساء والشباب وغيرهم من فئات العاملين في سوق العمل الرسمية.
جاء ذلك في أحدث إصدار للبنك الدولي من المرصد الاقتصادي للأردن عدد خريف عام 2022 بعنوان: "تعظيم الأثر الإنمائي للاستثمار العام"، حيث أشار التقرير إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية الخارجية بسبب أزمتي الغذاء والوقود في العالم. كما أوضح التقرير أن الأردن شهد نمواً قوياً في صادراته (44% في النصف الأول من عام 2022)، لكن ارتفاع فاتورة الواردات واتساع عجز الحساب الجاري أدىيا إلى استمرار الضغوط على ميزان المدفوعات. ووصل التضخم أيضاً لأعلى مستوياته منذ عام 2018، لكنه لا يزال تحت السيطرة مقارنة بالبلدان المماثلة في المنطقة. وعلى صعيد المالية العامة، ومع أن تحصيل الإيرادات المحلية استمر في التحسن نتيجة للتعافي الاقتصادي والجهود الرامية إلى توسيع القاعدة الضريبية، فإن زيادة الإيرادات تخطتها زيادة أكبر في مستوى الإنفاق العام.
وتعليقاً على التقرير، قال جان كريستوف كاريه، المدير الإقليمي لدائرة المشرق في البنك الدولي: "لقد تأثر الاقتصاد الأردني بشدة بالسياق العالمي الحافل بالتحديات، ولاسيما ارتفاع أسعار السلع الأولية العالمية. وفي محاولة لزيادة القدرة على الصمود ودعم التعافي الاقتصادي، اعتمدت الحكومة الأردنية عدة تدابير للتخفيف من الآثار السلبية على المستهلكين ومؤسسات الأعمال، لاسيما الأسر والعمال الأكثر احتياجاً. ومع ذلك، فإن تسريع وتيرة الإصلاحات يعُد أمراً بالغ الأهمية في المستقبل لإطلاق العنان لإمكانات النمو في الأردن وخلق فرص عمل شاملة للجميع، لاسيما النساء والشباب."
ويوصي إصدار خريف عام 2022 من المرصد الاقتصادي للأردن بأن تركز التدابير على مستوى السياسات المحلية في المستقبل على بناء القدرة على الصمود في وجه التحديات وتَحَمُل آثار عوامل الخطر العالمية، من خلال: أولاً، تسريع وتيرة الإصلاحات الهيكلية وتحسين استدامة المالية العامة على المدى الطويل؛ ويتطلب ذلك أيضاً تخفيف الضغوط على المالية العامة من جانب المؤسسات المملوكة للدولة، لاسيما في قطاعي الطاقة والمياه؛ وثانياً، اعتماد إصلاحات عميقة في سوق العمل للتغلب على تجزؤ هذه السوق وإطلاق العنان لإمكانات رأس المال البشري في البلاد. وعلى المدى المتوسط، فإن تزايد التحديات على المستوى العالمي وارتفاع تكاليف الاقتراض سيتطلبان اتباع مسار أكثر حذراً في ضبط أوضاع المالية العامة لضمان إمكانية تحقيق فائضٍ أولي بحلول عام 2025.
ويسلط الفصل التحليلي الخاص من التقرير الضوء على دور الاستثمار العام كمحرك للنمو، مع التركيز على الاتجاهات الحديثة للاستثمار، وكفاءة الإنفاق الرأسمالي ومدى فعاليته. ويكتسب ذلك أهمية خاصة نظراً لمحدودية الحيز المتاح في المالية العامة للأردن. وقد انخفض الإنفاق على الاستثمارات العامة في الأردن بشكل مطرد خلال العقدين الماضيين لخفض عجز المالية العامة، ولكن أيضاً بسبب استمرار انخفاض مستوى الإنفاق مقارنة بالموازنة وعدم كفاية المخصصات الموجهة لتكاليف التشغيل والصيانة.
وفي معرض تعقيبها على التقرير، قالت د. هدى يوسف، الخبيرة الاقتصادية الأولى في مكتب البنك الدولي في الأردن: "لقد حقق الأردن تقدماً مهماً في تحسين الإطار المؤسسي والتنفيذي للاستثمارات العامة. وبالنظر إلى أهمية الاستثمارات العامة والخاصة لتحقيق رؤية 2033، سيكون من الأهمية بمكان تعظيم كفاءة الاستثمارات العامة؛ ويتطلب ذلك تخطيطاً إستراتيجياً طويل الأجل يستند إلى افتراضات تمويل واقعية."
ومع تعرض الأردن بشدة لمخاطر تغير المناخ والأحوال المناخية القاسية، فإن دمج الإعتبارات المناخية في الاستثمارات العامة (والخاصة) من شأنه أن يعزز تحقيق المملكة لأهدافها المناخية وأن يشجع التحول نحو اقتصاد أكثر اخضراراً ومراعاة للبيئة، وبما يتسق مع رؤية التحديث الاقتصادي لعام 2033.