يواجه الشعب الفلسطيني بيئة سياسية ملتبسة يغلب عليها عدم اليقين على نحو متزايد، واقتصادا يعاني من مصاعب شديدة في خلق الوظائف وإدرار الدخل اللازمين لتحسين مستويات المعيشة. وقد أدت القيود على التجارة والوصول إلى الموارد مع حصار غزة الذي مضى عليه عشرة أعوام إلى استمرار تناقص القاعدة الإنتاجية للاقتصاد، وانخفض نصيب الصناعات التحويلية من إجمالي الناتج المحلي بمقدار النصف في السنوات الخمس والعشرين الماضية. ويقترب معدل البطالة الآن من 30% في المتوسط، ويبلغ في صفوف الشباب في غزة مثلي هذا المستوى. وعلى الرغم من أن عام 2016 شهد تعافيا من الكساد الاقتصادي في 2014 بفضل الزيادة الكبيرة في أنشطة الإعمار في غزة، فإن هذا التحسُّن ليس مستمرا ولا يكفي لزيادة متوسط نصيب الفرد من الدخل بين الفلسطينيين. وتشير التوقعات إلى أن نمو إجمالي الناتج المحلي في المرحلة المقبلة سيحوم حول 3.3% تقريبا ليؤدي إلى شبه ركود في نصيب الفرد من الدخل. ومن المتوقع أيضا أن تواصل البطالة ارتفاعها.
مازال وضع المالية العامة مصدر خطر على الاقتصاد. وساعدت سلسلة من الإيرادات غير المتكررة لمرة واحدة في 2016 على تقليص حجم عجز الموازنة العامة. ولكن مع التناقص المستمر في دعم الموازنة المقدم من المانحين، تبدو الآفاق الاقتصادية لعام 2017 قاتمة، ويتوقع البنك الدولي فجوة تمويل قياسية كبيرة قدرها نحو 800 مليون دولار. وكانت فجوة التمويل قد أدَّت فيما مضى إلى تأخيرات إضافية في دفع مستحقات القطاع الخاص، مُثيرة مخاطر كبيرة للاقتصاد، ويثير حجم فجوة التمويل في العام الحالي احتمال تأخير مدفوعات الأجور أو المساعدات الاجتماعية.
لا تزال المخاطر التي تحيط بالقطاع المصرفي قائمة، ولكن كانت هناك تطورات إيجابية في الآونة الأخيرة. ومع أن القطاع المصرفي كان مستقرا نسبيا، فإن إجراءات تخفيف المخاطر من جانب البنوك المراسلة الإسرائيلية تُشكِّل خطرا كبيرا. ومما يبعث على التفاؤل أن الحكومة الإسرائيلية قدَّمت ضمانة قصيرة الأجل للبنوك الإسرائيلية، وأن السلطة الفلسطينية تسعى جاهدة لتقوية أنظمتها لمنع غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وسيكون من الضروري دمج التحسينات في الأنظمة المعمول بها قبل تقييم دولي من المقرر حاليا إجراؤه في عام 2020. وينبغي لسلطة النقد الفلسطينية أيضا مراقبة المديونية المباشرة وغير المباشرة للسلطة الوطنية الفلسطينية للقطاع المصرفي على الرغم من أنها استقرت في الآونة الأخيرة.
لا يمكن للاقتصاد الفلسطيني أن يصل إلى كامل إمكانياته إلا بعد التوصل إلى اتفاق بشأن الوضع النهائي، لكن يمكن الآن عمل الكثير لتعزيز النمو وتحسين أوضاع الشعب الفلسطيني، ومن الضروري خلق بيئة داعمة للاستثمار في القطاعات الإنتاجية للاقتصاد. وقد تُعزِّز زيادة الاستثمار قدرات الاقتصاد، وتكون مبعث إلهام وتشجيع لجهود رواد الأعمال، وتساعد على خلق الوظائف التي تشتد الحاجة إليها، لاسيما للأعداد الكبيرة من الشباب العاطلين.
تم إيضاح هذه النقاط في الاجتماعات السابقة للجنة الارتباط الخاص، لكن الإجراءات التي اتخذت حتى الآن لم تكن كافية. وفي هذا التقرير، قمنا مرة أخرى بتقييم ما تحقَّق من تقدُّم في العمل بالتوصيات السابقة التي رفعها البنك الدولي إلى اللجنة، ومع أنه حدثت تطورات، فإن الخطوات التي اتخذتها بوجه عام الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية كانت طفيفة، ومازال الاقتصاد يعاني من عقبات وقيود رئيسية. وفي ظل تدهور الوضع القائم، يمكن زيادة فعالية الموارد المقدمة من المانحين، إذا اتخذت كل الأطراف إجراءات أكثر حسما تتعلق بالسياسات.